كان بيتو يتفحص ساق فرسه البرونزى التى جرحت بفضل بعض الشجيرات ذات االشواك حين أتاه صوت هاشم الذى وقف بجانبه حامالً صقره على
ساعده :
- هل هو بخير ؟؟
رفع بيتو راسه مبتسماً ابتسامه شاحبه :
- سيكون بخير
-هل ستتركنا ؟؟
جاء سؤال هاشم مفاجئاً لبيتو الذى ألمته جروحه لتذكره بما حدث له ،
أعتدل وهو يمسك بلجام فرسه :
-أترككم ، إلى أين يا صديقى ؟؟ فديارى ودياركم صارو اطالالً لم يعد لى
أى مكان أذهب إليه فطريقنا واحد ومصيرنا واحد معكم حتى نصل لغايتنا
فكما قالت والدتكم ان استطعنا طلب العون من القسطنطينيه سننقذ ما تبقي
...... بالدنا من
صمت لحظات وكأنه يقنع نفسه بان بالده مازالت تقاوم امتطي فرسه قائالً
بصوت رصين:
- سأنتقم ممن صنع هذا بنا وسنعود يوماً.
أنهى كلماته وهو يحث فرسه على الركض ، تبعه هاشم بنظرات تحمل
االمتنان ، هنا تعالى صوت أحمد :
- هاشم هيا بنا لن نبقى هنا طوال اليوم .
- طر يا صديقى ....
قفز بعدها هاشم إلى صهوة فرسه وراح يلحقق برفيقيه والباشق يحلق عالياً فوق السهول الممتده أمامهم ، ايام منذ رحيلهم ولم يروا بشرى أو حتى شبح
مروا بأطالل قرى أحرقت وأبيدت ، تبادلو نوبات الحراسه بأوقات راحتهم
القليله وبرغم ذلك لم يلحظوا من يراقبهم من بين الظالل.
********************************************************
( جبال االلب )
أسبوعان حتى األن عبر ثالثهم الوديان والجبال المكسوه بالثلوج ال يعرفون
وجهتهم يهتدي أحمد ليالً بنجوم باتت رفيقه دربهم وفى النهار كان الباشق
يستطلع لهم الطريق الوعره مع تساقط الثلوج على جبال األلب بدأت اجسادهم فى الوهن والسقيع يمتلك أوصالهم .... ليس لهم من الطعام إال القليل مما يصطادوه أو ياتى به الباشق .... وقف هاشم يرمق الجبال العاليه
المكتسيه بالثلوج والبرد يكاد يُجمد الدماء بعروقه :
- ما رأيكم أن نعسكر هنا الليله .
قالها وهو ينظر ألحمد الذي يتثائب بينما أجابه بيتو :
- نعم يجب ان نأخذ قسطاً من الراحه
- سنخيم باالعلى فتلك البقعه ستمنحنا االفضليه إذا هاجمنا شيئاً.
كان هاشم يشير إلى هضبه صغيره على مسافه ليست ببعيده.
علي ضوء النيران الدافئه خلد احمد إلى النوم بينما جلس بيتو أمام النيران
يطهو أرنباً أصطارده منذ قليل اخذ سكينه وقطع قطعه صغيره ألقاها لهاشم :
- هاشم أطعم طائرك .
ألتقط هاشم قطعة اللحم وأخذ يطعمها للباشق :
- أتدرى .. لم احلم يوماً بأن يصبح لدى ما اهتم به .... سوى فرسى
الذى أهدته لى والدتى .... أتذكر يوم وجدته فرخاً صغيراً فى "برج المتزين " عند الطرف الشمالي من القصر ... اتعلم انه من نوع نسميه نحن العرب " باز
" منذ ذلك اليوم وهو يرافقنى في كل مكان ...
ضحك بيتو :
- أتدرى انت ايها االندلسى لم احلم يوماً أن أرافق أميران عربيان فى رحله
ال اعلم نهايتها ... ولكن هناك شئ ما يدفعنى إلكمال هذه الرحله
- وما هو ذلك الشئ؟؟
- ال اعلم ... لربما االنتقام ، المغامره أو البحث عن الحقيقه سأسرد
لك سراً ...
أعتدل هاشم فى جلسته وهو يقول :
- أفشى سرك أيها الثرثار
تعالت ضحكات بيتو ، قضم بعدها قطعه من اللحم راح يلوكها بفمه وهو
يتحدث :
لم أقتنع يوماً بحروبنا ضدكم ....حاول أبى أن يضعنى قائداً على أحدي الكتائب المغيره على ألميريه ولكني رفضت فحروب االسترداد ليست من
أجل االسترداد .... كيف نسترد ما هو ليس ملكلنا ؟! يضيفون القدسيه إلى
الحرب ويقولون أنها بأسم الرب .... ال أعلم رب يحث الناس على القتل
وإجبار البعض علي أعتناق دين اخر ....
أبتلع قطعه اللحم ليقضم اخري فى نهم وهو يكمل :
أتعلم أن مملكة أرغوان يوجد بها اجمل نساء الجزيره االيبيريه ..... نظر
لهاشم الذى أغلق عيناه وراح بنوم عميق :
- هاشم ،،، هاشم !!
لم يتلق إجابه ليكمل فى تململ :
- نمت ألتولى انا نوبة الحراسه صـ....
قطع ما كانت شفتاه على وشك أن تتفوه به وهو يلتفت لمصدر صوت انتزعه
من استرخائه ، دقق النظر في الشجيرات التى تهتز بعنف ، فرك عيناه بيده
فى عنف قبل أن ينظر مجدداً لذلك الشئ الذى خرج من بين الشجيرات
الطويله .....
***************************************************************
خيط رفيع بين الحقيقه والخيال فقد ترى عيناك شئ ما وتصدقه وهو باالصل
ال وجود له وقد يتحول يقينك إلى شك وال تصدق ما تراه فانت ال تتوقع
حدوث ذلك فيؤثر عقلك الباطن عليك وال تدري أهي حقيقه ام وهم نسجه عقلك ، كان هذا حال بيتو وهو يقف فاغراً فاه وعيناه مثبتتان على تلك الفتاه التى خرجت من بين الشجيرات وعلى ضوء نار المخيم كان وجهها يحمل
إبتسامه مرحه إلى حد ما تقدمت خطوات ليتبين مالمحها أكثر كانت بيضاء
ذات شعر بنى اللون مائل لألحمرار ... ال أنه أحمر قانى عكست النيران لونه ترتدى درع رومانى يجعلها أقرب إلي محاربه أسطوريه جائت من العصر الروماني ، حذاء طويل جلدى تحمل خوذه ذات ريش أحمر بيدها واليد
االخرى تمسك بعصا ذات جوهره متلئلئه باللون االحمر و االصفر تجمدت
أصابع بيتو وراح يعم جسده بروده تضاهى برودة القطب الشمالى وفى صوت
حمل الخوف و الحذر تحركت شفتاه :
- من أنتى بحق الــ ...
سحب قوسه الصغير مع كلماتها وهو يصوبه نحوها وقد وجد الخوف سبيله
عبر عروقه لترتجف يداه :
- من أنتى ؟؟
لم تجبه وهي تتقدم نحوه فلم يعد يفصل بينهما سوى النيران التى بدأت
تخبو و... أطلق بيتو سهمه نحوها .....
ما رآه بيتو لم يكن يقل دهشه حين رآها تخرج من بين الشجيرات بشعرها االحمر ، فقد رفعت يدها الممسكه بتلك العصا بنفس التوقيت الذى أطلق
هو فيه سهمه .... ذلك السهم الذى لم يكمل طريقه نحوها بل ظل متعلقاً
بالهواء فوق النيران التى تفصل بينهما حينما خرجت من عصاها كره حمراء متوهجه أحتوت ذلك السهم بينما عاجلت بيتو بأخرى لتجعله ثابت الحركه فى وضع اإلطالق الذى كان عليه ، احس بيتو بالهواء البارد يلفح وجهه وقد
تجمدت أطرافه فلم يعد يقوى على الحركه وكأنه أصبحت تمثال حى يرى
ويسمع ولكن لم يقو على الحركه وعجز لسانه عن النطق بكلماته التى رددها بداخله " اللعنه عليكي أيتها الساحره " .... وجهه الذاهل مازال فى حالته وعيناه ترصدها فى نقم وغضب يشوبه الفزع ، تخطت هى النيران قبل أن
تتوقف وتلق ىنظره على السهم المعلق بالهواء ال مسته باطراف أصابعها وهى
تتمتم :
- لماذا فعلت هذا ؟؟ .
- إستدارت لتواجه بيتو حينما أحست بذلك النصل البارد يالمس عنقها مع
صوت هاشم قائالً بالعربيه :
- ماذا فعلتى به ؟؟
لم تفهم كلمات هاشم كما لم تفهم كلمات بيتو حينما خاطبها باإلسبانيه منذ
قليل اجابت وهى تلقى عصاها أرضاً :
- إهدأ إنى صديقه وال أضمر لكم شراً .
جائت جملتها القصيره بااليطاليه التى يحفظها هاشم ورفيقيه عن ظهر قلب
،كانت تركز عيناها على أحمد الذي كان يقف على مقربه من بيتو حامالً
رمحه متسائالً :
- ماذا يحدث ؟؟
كان ينظر لبيتو المتحجر وتلك الشابه الذى يالمس عنقها سيف هاشم
المعقوف ....
- وهل يفعل االصدقاء هذا؟
هذه المره نطقها هاشم بااليطاليه وهو ينظر لبيتو الذى مازال يحمل الغضب تبسمت وهى تحاول االلتفات ولكن سيف هاشم ثبتها فى مكانها مره اخرى
:
- هذه اللغه التى أفهمها .... أعتذر ولكنى لم افهمه ثم انه كان يصوب
سهامه لي ...
كانت تشير لبيتو الذى فقد القدره على النطق وصوت هاشم الهادى يدوى
بإذنها :
- ماذا تريدين ؟؟ و لماذا تتبعينا منذ هبوطنا على الشاطئ ؟؟
- عظيم كنت أعرف انك قائدهم وتوقعت أنك تعرف أنى أتتبعكم .
قاطعها هاشم بصرامه :
- أجيبى عن أسئلتى .
كانت عيناها تتابع أحمد الذى وقف بالقرب من بيتو وراح يتحسس وجهه
فى حذر وذلك االخير تكاد عيونه أن تقفز من محجريهما :
- أسمى إليكترا و ولدت بروما
هنا جاء صوت أحمد بالعربيه :
- هاشم هل سنترك بيتو هكذا ؟؟
- حرريه
- أحتاج لسالحى .
نظر هاشم بقلق لتلك العصا الملقاه أرضاً ، ولكنه تغلب على عدم ثقته وكان هناك مبرر لذلك ، لو كانت تريد قتلهم لفعلت ذلك حينما كانت تسنح لها
الفرصه :
- ألتقطيها وإياكِ أن تحاولى الغدر بنا
فى بطء أنثوى ألتقطت عصاها ومازال سيف هاشم مشهراً بوجهها تمتمت
بكلمات غير مفهومه قبل أن تلوح بعصاها لترسل كره متوهجه أرتطمت بجسد بيتو وكأنه رياح ساخنه بينما سقط السهم إلى النيران ، وما ان تم فك
سحرها عن بيتو صرخ بأنفعال وهو متقدماً نحوها " أيتها العاهره " .
صاح هاشم :
- بيتو توقف .
أنصاح بيتو وهو يغمغم فى حنق باإليطاليه :
- سأقتلك وسأستمتع بذلك
ألقت إليكترا عصاها مره أخرى لتبين لهم انها ال تضمر لهم شراً ووجهها
يتحول لوجه طفولى باسم :
- أعرف ان العرب يكرمون الضيف أال تطعمونى من ذلك الشوى.
كانت تشير لألرنب الذى كاد أن يتفحم لم تتلقى إجابه فنظرت لوجوههم
التى طبع عليها ((النرحب بالغرباء)) علمت أنهم مروا بأوقات عصيبه وأن ال
وجود فى قاموسهم لكلمة ثقه ، كل ما عليها االن هو أن تجعلهم يثقوا بها
ولكن كيف ؟؟ هذا ما كانت تفكر به بجانب ذلك االرنب الذى إحتل جزء كبير من
تفكيرها.
***************************************************************
كثيراً ما كانت تروى القصص واألشعار لتصف جمال مدن الشرق وروعتها عن الليالى العربيه والسماء التى تحمل نجوم وكواكب ال حصر لها عن قصور زينتها قباب عمالقه وحدائق ليس لها قرين بأى مكان على االرض كانت ((
سمرقند )) أحدى تلك المدن وأخرها تواجداً ، صمدت باسوارها الحجريه
وقصورها ذات القباب الزرقاء بقيت لتروى عن بسالة اهلها أمام الجيش الملعون ولتبقى اخر قلعه فى الطريق إلى القسطنطسنيه .... أدانت تلك
المدينه إلى روبن بالوالء وأصبحت جزء من إتحاد العشائر وعقبه فى طريق ((
يورشى )) وجيشه.
تسارعت خطوات ذلك الملثم وهو يعبر طرقات سمرقند تحت الظالم الدامس
حتى وصل إلى تلك الحانه التى أضاء مدخلها احد المشاعل مع عبارة ترحيب كتبت بالعربيه ، عَبر الباب الخشبى وهو يزيل اللثام عن وجهه ويجول بنظره في رواد الحانه التى تعرف بحانة اللصوص ، لم يكن ذلك سوى
((ماردين)) الذى مضى على قدومه لسمرقند ساعتين ألقى جسده على أحد
المقاعد وسط صخب وضوضاء يتخللها موسيقى عربيه وضحكات كريهه بينما كانت نظرات البعض له تحمل الفضول ، فهيئته ومالبسه يفضحان أمره عيونه الزرقاء وشعره االصفر المنسدل على كتفيه بجانب ذلك الشارب المنمق
يفضح أمره كأمير أوروبى ، تقدم رجل ضخم يحمل جسده وشوم كثيفه
متشابكه تخللها بعض آثار لجروح قديمه وما أن أقترب من ماردين الذى أنهمك فى شرب كأس نبيذ حتى قال بصوت أجش أقرب للزئير منه إلى
صوت البشر :
- أتريد الفتاه مُرافق.
أتبعها بضحكات كضحكات (( ديناصور منقرض )) فيما تعالت ضحكات
مشابهه بأرجاء الحانه ، رفع ماردين عيناه فى ال مبااله إلى ذلك الضخم الذى ظل يرمقه مبتسماً إبتسامه كريهه برزت خاللها أسنانه الصفراء ، مد الضخم
يده ليداعب شعر ماردين االشقر وهو يقول :
..... وقت سنقض -
أبتلع باقى جملته مع اثنين من أسنانه قبل أن تالمس يداه شعر ماردين ،
بفضل لكمه قوية أرسلها االخير إلى الضخم ليتراجع فى قوة والدماء تسيل من
أنفه وفمه تلمس الضخم أنفه وهو يصرخ :
- ساقتلك يا ابن العاهره
قالها وهو يستل سيفه وينقض على ماردين الذى الزال جالساً فى هدوء ال
يتناسب مع الوضع وهنا أخترق صوت أنثوى قوى أذان من بالحانه :
- كفى
توقف الضخم عن هجومه وهو يزمجر ومن خلفه كانت العيون ترصد تلك الشقراء ذات الزى الجلدى االسود ومن حولها عدد ال بأس به من الملثمون
المتشحون بالسواد ، كانت " ليليتا " زعيمة عشيرة النينجا لصوص طريق
الحرير ، قطعت الصمت بخطواتها نحو ماردين الذى الزال جالساً مبتسماً
لترسم هى االخرى بإبتسامه صفراء على وجهها بينما تجلس أمامه :
- عذراً أيها االمير فهذه طريقتهم للترحاب ..
- ال عليك
قالها بزهو المنتصر ملوحاً بيداه هو ينظر للضخم الذى جلس يعالج أنفه وهو
يرمقه بنظرات غاضبه أ كمل ماردين :
- دعينا ننهى أعمالنا .... فى الصباح سأ كمل رحلتى إلى دونهانج وال وقت
لدينا لنضيعه
نظراتها التى تشبه نظرات أفعى سامه تستعد للفتك بفريستها جعلتها تبدو في قمة نشوتها ، كانت عيونها تدل على ان هناك شئ ما سيحدث ، شئ ناتج
عن إتحاد أفعتين أمتلئت عقولهم بسموم الشر ....
*******************************************************************
**
•صحراء الدم
)) ال تجعل يقينك شك.... وال علمك جهل وال ظنك حق وأعلم أنه ليس لك من الدنيا إال ما أعطيت وإياك وأن تضع ثقتك بالغرباء حتى يثبتوا
العكس.))
ترددت كلمات حفظها هاشم عن ظهر قلب وهو يستمع لرواية " إليكترا "
مع صديقيه ، تبادلت إليكترا وبيتو الحديث وراحت تجاوب على أسئلة أحمد وهى تتابع بين الحين واالخر هاشم الذى يجلس واضعاً صقره على يده وعيناه ترصد كل كلمه وكل حركه من حركات جسدها ال يصدقها زال يكذبها
..تحدثت عن دمار روما الذى أنهكها الطاعون قبل أن يأتى المشعوذين تحت
إسم أساقفة الرب وأنهو حياة االالف لتخليصهم من االثام ، تنقلت عبر البالد ورأتهم وهى بطريقها إلى البندقيه إلى حيث يوجد أخر السفن الراحله الى
القسطنطينيه .
لم يقصوا عليها قصتهم فعندما سألت إلى أين ذاهبون اجاب هاشم قبل أن
يثرثر بيتو ((إلى القسطنطينيه)) .... كان االستغراب هو ما فاض به وجهها
عندما سألت عن موطنهم أجاب ( نحن رحاله ) لم تكن تصدقه ففهمت أنه ال يثق بها ، قضى الجميع الليل فى الحديث وبعد وقت غط الجميع في نوم
عميق إال هاشما ظل يقظاً.
إستيقظت إليكترا وهى تنظر إلى الشمس التى غاب الدفء عن اشعتها
فنظرت حولها لتجد أحمد وبيتو مازاال نائمين وال يوجد أثر لهاشم كما ان هناك أحد الخيول مفقود .... تثائبت فى كسل قبل ان تحملها قدميها نحو البحيره الصغيره التى كان هاشم يقف عارى الصدر على شاطئها يالعب فرسه
االبيض الذى أخذ ينثر المياه البارده ويركض متوغالً داخل البحيره ، لمح
هاشم إليكترا القادمه بوجهها المشرق ومشيتها المثيره وما إن إقتربت حتى
إنفرجت شفتاها قائله :
- صباح الخير أيها الوسيم
كان هاشم يحاول تجاهلها عندما فاجئته بكلماتها المرحه والذى لم يجد
سوى أن يومأ برأسه فى صمت ، تقبلته هى بنظره صامته وهى تخلع حذائها
وتلقى به جانباً:
- ألم تنم ؟
- ال .... اجابها بإقتضاب وهو يمسح ظهر فرسه دون أن ينظر
لها ومع صمتها شعر ببروده تعامله معها وعندما قرر أن يحدثها
أستدار ... ليجدها وقد خلعت كل ثيابها وصارت ال ترتدي شيئاً
فأشاح بوجهه فى غضب :
- ماذا تفعلين ؟
ردت بضحكه عاليه أعقبتها بإلقاء جسدها المرمري إلى الماء لتغوص بداخل
بالمياه البارده قبل أن تخرج راسها وشعرها االحمر يغطى وجهها قائله :
- ماذا ترى أيها الوسيم ؟؟
وتعالت ضحكاتها مره أخرى ، كان أحمد وبيتو استيقظا مع أولي ضحكاتها
حيث وقفا االثنان وعيونهم معلقه على هاشم الذى كان يمتطى جواده وهو عارى الصدر كان يخاطب إليكترا عندما رآهم إنطلق بفرسه نحوهم ومن خلفه خرجت إليكترا من الماء بجسدها العارى وشعرها المبلل جحظت عينا
أحمد وهو يقول :
- ما هذا ؟
لم يتلق االجابه من بيتو الذى وقف يتأمل تضاريس جسدها فاغراً فاه مذهوالً
، أفاق بيتو بلكمه أرسلها أحمد إلي كتفه لينتفض قائالً :
- يبدو أن هاشم فاز باالوزه .
تبعها بضحكه وهو ينحنى أمام هاشم الذى مر امامهم بفرسه بينما وقفت
إليكترا ترتدى ثيابها ، عاد بيتو ببصره إليها ليجدها قد ارتدت ثيابها وترفع
يدها تمشط شعرها المبلل رأت نظراته الثاقبه تخترقها فتجاهلته ، فرفع يده
ملوحاً لها قائالً:
- أتحتاجين مساعده؟ .. ..
وخفت صوته وكأنه يحدث نفسه (( أيتها االوزه البيضاء.))
***************************************************
خرجت قافلة أراكيس من سمرقند لتتجه شرقاً إلى دونهانج محاطه بفرقه من
الفرسان لحمايتها كما هو معتاد ومن بين الفرسان كان ماردين الذى أخذ يصول ويجول بطريق القافله أمامها مره وخلفها مره مما جعل أراكيس يالحظ
هذا التحرك الذى يشوبه التوتر ..... أنتظر حتى مر ماردين بجانبه فصاح
منادياً اياه ، أدار ماردين فرسه عائداً ألراكيس قائالً :
- أمرك سيدى
تعجب أراكيس من من لهجة وكلمات ماردين التى لم يسبق وان تحدث بها
من قبل عقد حاجبيه وهو يقول :
- ماذا بك أراك نشط اليوم ؟
لم ير أراكيس ابتسامة ماردين الصفراء بفضل تلك الخوذه التى ال تظهر سوى
عيناه :
- ال شئ بعض القلق من ذلك الطريق فكما تعلم أن جيش
لورد ياركن يكمن على بعد اميال .
إجابه أقنعت أراكيس الذى ظن أن ماردين أخيراً أصبح يملك عقل فقال له :
- نعم سنأخذ طريقنا إلى الجنوب لنعبر الهيمااليا متجاوزين
هوتان وحوض تاريم عاجله ماردين :
- أظن أننا بهذا سنسلك طريق طويل ولن تتحمل الخيول
واإلبل برودة وصقيع الهماليا كما أننا ال نعرف ماذا يوجد هناك ...
- إذن ما هو رأيك ؟
قال ماردين الذى راح قلبه يخفق بسرعه :
- نأخذ طريق الشمال عبر جبال تيان شان ... سيختصر ذلك
الوقت كما سيسمح لنا برؤية واضحه لصحراء تكال مكان حيث معابد الريمناس التى تعسكر بها جنود النايا يقيادة ذلك المدعو
ياركين .. مما يعطينا األفضليه ان حدث أمر ما ...
أعجبت الفكره أراكيس الذي كان يمني نفسه بأن يكون ذلك الفتي قد رجح
عقله ولكن شىء ما بداخله كان يحدثه بعكس ذلك ولكن سرعان ما نفض
عن رأسه تلك األفكار السيئه الظن قائالً :
- أذن فأنت قائد فرقة التأمين
تهللت أسارير ماردين الذى كانت خطته تسير كما يريد فها هو أراكيس ينصبه
قائد فرقة تأمين القافله ، لم يكن أراكيس يعلم ما يسير نحوه فقد ظن أن ربيبه
صار يُعتمد عليه وأن سنوات تدريبه لم تذهب سدى .
**************************************************
فى أصعب لحظات حياتنا شئ يدفعنا لألمام وعندما تفقد حياتنا كل معنى نجد شئ .... شئ يجعلنا نستمر فى المضى قدماً ، ذلك الشئ هو الذى جعل
هاشم يجيب على سؤال أليكترا بأنهم ذاهبون إلى القسطنطينيه لم يعرف
لماذا قال لها هذه االجابه فالخوف من المجهول يتربص به دائماً كما هو حال كل البشر يخافون من القادم ودائماً ما يتوقعون األسوء ، وأى شئ أسوء من تركك لديارك وأهلك وأحبابك هل هناك أسوء من أن تهيم باالرض ال
تعرف الى أين تحملك قدماك وقد رَزقك القدر برفيقين فُرضت عليهم رحله
للمجهول مثلك بل يعتمدون عليك فى كل شئ أصبحت قائداً رغم عنك
وعيناك ال تكاد تبعد عن ذلك الصقر المحلق مُرشدك ... هل تسائلت يوماً
إلى ماذا يرشدك ؟؟
مع تلك الرؤيا أو الكابوس أى كان أسمها وذلك المخلوق النارى صاحب
الرمح المشتعل بالنيران وكلماته التى صارت تالزمك حتى بأوقات صالتك
(( ستُعانى ... نعم ستُعانى أحبائك سينزفون وأنت أيضاً ستنزف الخوف
يحيط بك برغم رباطة جأشك ووجهك المحافظ على هدوءه .............
كلماتك القويه التى تبرز القائد بداخلك ..... الخوف على رفيقيك من
المعاناه ، الخوف على تلك المجنونه التى لم يمر على معرفتك بها سوى أيام ، نعم أنت ال تثق بها ولكن بداخلك ذلك الشئ يحاول أن يجعلك تضع ثقتك بها بل ويجبرك على ذلك ، نعم أنت تتجاهلها أو تحاول ذلك ليست كلمات
أثينا السبب فيما تحاول إظهاره من عدم ثقه بل خوفك أن تفقدها إذا ما
حاولت ان تجعلها جزء من حياتك .
هاشم إنها الحقيقه فكل شئ تعلق به قلبك فقدته ....والدك ... والدتك .... أثينا .... غرناطه بشوارعها ذات الحدائق الغَناء واالسواق البحر والمبارزه
بإشبيليه و تلك الفتاه الغجريه التى رأيتها يوماً بمالقه .... لم يعد هناك أحياء
لم تعد هناك مدن أو إمبراطوريات فقط الدماء والهالك و الموت .
- يا صاحب االوزره هل ستظل شارداً طوال الطريق !!
كلسعات قفير نحل جائت كلمات بيتو لتنتشل هاشم من هواجسه وأطالله
لينظر بإستغراب لصديقه الذي حمل خلفه إليكترا والتى كانت بدورها تبتسم
له بلطف :
- أى أوزه ؟
غمز بيتو بعينيه لهاشم وهو يضحك لم ترق الدعابه لهاشم الذى وكز فرسه
ليسرع قليالً بينما كانت إليكترا تقول ألحمد :
- يتمتع أخيك بالغرور
ضحك أحمد وهو يشير للنهر قائالً
- مااسم هذا النهر ؟؟ واين نحن ؟
أجابته وهى تعدل من وضع إحدى خصل شعرها االحمر الذى نثره الهواء :
- نهر البو ... إذا سرنا بمحاذاته سنصل لغايتنا
صمتت لحظه قبل أن تضيف
. )) البندقيه ((
*********************************************
عبرت قافلة اراكيس العظيمه جبال تيان شان فى امان تام ، لم يروا من البشر
أحداً ولم يوقفهم عن مواصلة الطريق الصعب شئ فبرغم وعورة هذه الجبال التى تكاد قممها تالمس الشمس الحارقه اصر ماردين على عبورها وبعدها يبحثون عن الراحه ، كانت حجته هذه المره اكثر إقناعاً كسابقتها بأن ينزلوا
بواحات "بلكاش" حيث المياه والعشب النضر الوفير .
أراح الرجال اإلبل بينما شرع األخرون بنصب بعض الخيام وأخرون يحملون جرار الماء الى البحيره التى تتوسط الواحه ، حيث خيم الليل بسكونه على
الواحه التى انتشرت بها المشاعل إلى جانب ضوء القمر الذى اشرق مرحباً
بأراكيس الجالس بخيمته يطالع بعض الخرائط فى أهتمام .
كان كأس المياه امامه يهتز إهتزازات طفيفه ليأخذ إنتباهه مدققاً بالكأس الذى راحت االهتزازات تتزايد بمحيطه وهنا إلتقطت أذناه ذلك الصوت إنه يعرفه جيداً ، أصوات تقترب عبر الصحراء الشاسعه ضربات أقدام خيول
تركض عبر الصحراء .
حمل درعه وخرج ليرى ماذا يحدث وعلى ضوء القمر كانت الظالل تتقدم
أ كثر فأ كثر ، حاله من الهرج عمت المكان أستل الجميع سيوفهم ووقفوا
بإنتظار القادمين.
" كانوا فرسان تحملهم الخيول السوداء واللون االسود هو المفضل لديهم يتشحوُن به ال ترى سوى أعينهم وقد تكون اخر شئ تراه قبل رحيلك إلى
عالم الموتى ، انهم لصوص طريق الحرير ال يقلون رعباً عن جيش يورشى
إنهم عشيرة النينجا التي قطعت خيولهم القويه تلك المسافه فى لحظات
خاطفه لتصول سيوفهم بصدور ورقاب فرسان اراكيس ، كان يقفز مسقطاً احد المهاجمين عن صهوة جواده ليغرس بعدها نصل سيفه بقلبه ، اشتدت
المعركه تحت ضوء القمر المكتمل قاتل فرسان النوفا بكل ما اوتوا من قوه
سقط الكثيرين منهم فالمهاجمون يفوقُنهم عدداً ولكن لم يمنعهم ذلك من مواصلة القتال الذى بدت نهايته وشيكه ، أخذ اراكيس فى مواصلة القتال وعيناه تبحث عن شئ ما راح يسقط هذا ويطعن هذا متفادياً سيل من
الضربات و ......... أحس بذلك النصل يخترق ظهره ، كان يعلم انه هو
تغلب على آالمه وهو يستدير ملوحاً بسيفه بالهواء تفادى مهاجمه تلك الضربه العشوائيه من اراكيس وهو يضرب بسيفه قدم ذلك األخير مُحدثاً جرح جديد
تناثرت دماءه ليسقط اراكيس على ركبتيه ومازال ممسكاً بسيفه الذى حاول
االرتكاز عليه ليقف مره أخرى وهنا تلقي ضربه أخرى ليسقط وعيناه تجول بين رفاقه اللذين راحوا يسقُطون بين جريح وقتيل ، كان مهاجمه يقف امامه
بزيه االسود وعلى وجهه إبتسامه عريضه تقدم ألراكيس الذى جلس على
ركبتيه مره أخرى شاهراً سيفه وجروحه ترسل الدماء دون توقف :
•كنت اعلم انك ستخوننا
نطقها اراكيس واآللم يجتاح جسده المدمى ، بينما وقف ماردين ملوحاً
بسيفه فى الهواء قائالً:
•كفاك ثرثره ايها االصفر الحقير.
هنا أرتفعت ضحكات اراكيس ضحكات عاليه جعلت القتال يتوقف ويحتل
الجمود والذهول أركان ماردين الذى قال فى عصبيه :
•ما الذى يضحكك أيها .......
•انت
يبدو أن االجابه أغضبت ماردين بشده جعلته يضرب سيف اراكيس بقوه
ليطيح به بعيداً قائال بعدها فى عصبيه برزت منها عروقه النافره :
•ما الذى يضحكك ؟؟؟؟
كان اراكيس يعلم انه خسر المعركه وأنها نهايته ، إال إن حدثت معجزه كما
يعلم أن ذلك الخائن لن يتركه إال جثه هامده وهنا تعالت ضحكاته مره أخرى
وسط نظرات النينجا هؤالء القتله الماجورين الذين لم يتركوا حياً ورائهم وهم
يتقدمون بإتجاه أراكيس المبتسم وهو يقول بصوت حمل قوه وهدوء :
•لن تحصل على قافلتي .... ولن تحصل على العرش .
وأرتفعت يداه بخنجر اخرجه من جانبه (( ولن تحصل على شرف قتلي ))
وهوى بخنجره على بطنه ليموت كما يموت الساموراى فى عزه وفخر.... قتل نفسه ليمنح ماردين غضب يضاهى اعظم براكين العالم قوه وقسوه ، زاد هذا الغضب عشرات المرات عندما جائه خبر أن ما يوجد بحمولة القافله ليس
سوى جرار مملوءه بالحطب الجاف وقد صدقت كلمات أراكيس الذى راح
ماردين يرددها كالمجنون (( لن تحصل على قافلتى ...... لن تحصل على
العرش ..... لن تحصل عل شرف قتلى ))
حاول التلذذ بقتل معلمه فى ساديه وبدالً من هذا ترك له أراكيس درس
جديد ليتعلمه درس لن ينساه ما حيا .
فى تلك اللحظات كانت قافلة أراكيس تعبر جبال كركورام تحت قيادة احد
رجاله (( نيوكر التتارى )) امهر فرسان سمرقند .
**********************************************************
حجب الضباب الكثيف الرؤيه تماماً مع تلك البروده الشديده التى تكاد
تتجمد منها أطراف هاشم ورفاقه الذى اضطره ذلك الضباب بالسير على
ضفاف النهر حيث بعض الرؤيا الواضحه لم يكن يرى ((الباشق)) ولم يكن يسمع سوى خرير النهر وأقدام الخيول على تلك الصخور واالحجار ، مازال ذلك الشئ بداخله ينبأه بحدوث شئ .....شئ خيل له انه يتبعهم من خالل
الضباب او أن هناك شىء يكمن بداخله ...... كم تمنى هطول االمطار
لتكشف النقاب عن تلك الغابه التى يكسوها الضباب .
•لقد ضللنا الطريق
ألتفت الجميع إلى إليكترا الجالسه خلف أحمد وقد حملت وجوههم عالمات
االستفهام ؟؟؟
•ماذا
•نعم يا بيتو ضللنا الطريق بسبب ذلك الضباب يبدو إننا إتخذنا الرافد
الخطأ.
أوقف أحمد فرسه وهو يقول:
•ما الحل إذن ، أليس من المفروض أن نذهب إلى البندقيه ؟؟
اجابته إليكترا:
•إذا كنت على صواب فنحن على بعد أميال من البندقيه إما أن نُكمل
إلى مصب النهر ونسير بعدها بمحاذاة الشاطئ شماالً أو ....
هنا أكمل هاشم الخيار الثانى :
•أو نَعبر تلك الغابه المكسوه بالضباب ،،، أليس هذا ما ترمين إليه ؟
•هاشم ... أعرف أنك ال تثق بى حتى االن ولكن هذا ليس مبرر
لنبرتك التى تجعلنى خائنه أو أني أقودكم إلى فخ ما .
صاح بيتو وهو يرمق هاشم وإليكترا بنظرات غاضبه:
•كفاكم عبث ، لن نُخوِن بعضنا البعض ولنرى ما سنفعله االن .
وألول مره يصبح بيتو صوت العقل الذى بدا منطقياً وسط جبال من عدم
الثقه التى راحت تنمو بداخل هاشم .
•هاشم ماذا سنفعل ؟؟
لم يجاوبه هاشم وهو يطلق صفيره منادياً ((الباشق)) دقائق أخرى من الصمت مرت دون أن يتحدث أحدهم وهاشم الزال منتظراً صقره الذى
أختفى وسط الضباب الكثيف ....
•فلنأخذ تصويت على الطريق وبهذا نكون حللنا المشكله ...
كان هذا أحمد الذى نزل عن فرسه تاركاً إليكترا على صهوته ، وهى تنظر
لبيتو الذى برقت عيناه فى إعجاب للفكره .
•هاشم .... هاشم
ترك هاشم عالم الشرود وهو ينقل بصره بين رفاقه قائالً :
•االمر يعود إليكم ولكنى أفضل طريق الغابه .
تعجب الجميع من إختيار هاشم حيث سيطر ذلك االحساس بالدهشه المختلطه بقليل من الحيره عليهم ، فمنذ قليل كان ال يريد هذا واالن قد تغير
موقفه تماماً وفى حذر قال أحمد :
•أنا أيضاً سأخترا الغابه.
علمت إليكترا أن بيتو سيأخذ نفس إختيار صديقيه وبالفعل إختار بيتو درب
رفاقه ، لتقف هى فى موقف ال يحسد عليه ، وهناجائت كلماتها بثقة المنتصر
:
•سأختار طريق النهر حتى نصل للشاطئ.
لم يكن ألختيارها معنى اآلن فثالثتهم يريدون الطريق االخر وهى وحدها
أختارت عكسهم ، فَضلت الصمت خالل عبورهم النهر إلى الغابه التى ال
يرى منها سوى جذوع االشجار التى اختفت قممها داخل الضباب .
" بيتو " من الحياه المترفه إلى الهروب والرحيل للمجهول ، كم أفتقد فتيات ونساء أراغون بشعرهم االشقر وعيونهم الزرقاء ، ليالى السهر بقصور قشتاله
التى كانت يوماً ملك لألندلسيين ...... طوال سنوات عمره القصيره لم يشغل
باله بحروب االسترداد ، كل ما شغل باله بهذه الحياه هو اللهو والعبث ، الخمر والنساء والصيد ، وال يختلف عنده صيد غزال من الغابات عن صيد فتاه تعلق بها عقله بإحدى الحفالت يطاردها ويشغل عقله بها يستدرجها
ويفترسها فى تلك المعركه االبديه بين الذكر واالنثى ، رحلة صيد تنتهى عادة
بوجبه دسمه بفراش النوم وإن كان حظه عاثر فيصبح هو طريده لزوجها أوأخيها ....... هكذا كانت حياته قبل أن يأتى ذلك الجيش الغازي
بوجوهم التى تشبه وجوه المعاز ومخالبهم الذهبيه التى قطعت اوصال
اصدقائه واهل مدينته ....... خالل رحلته تعرف من أحمد على الكثير مما
هم مقبلون عليه ، المغامره و الفضول بجانب أمل يبقي بداخله أن يستطيع انهاء هذا األمر والعوده لبالده ، فنظريته بالصيد ال تختلف كثيراً عن نظريته
فى معرفة ما يخبأه القدر والمستقبل ، كان يشتهى تذوق لحم االوز االبيض
ولكنه يظن أن هناك من سبقه فى تذوقها ولهذا كانت محرمه عليه فهى اآلن
ملك لصديقه العربى .هكذا كان يظن وهو يتأمل جمالها الناري .......
جاء صوت إليكترا التى حملها أحمد خلفه كنغمات قيثاره تشدو وهى تقول :
•بيتو من العجيب أن أرى اسبانياً يرافق العرب .
•إنها قصه طويله .
•أعرف أنكم ال تثقون بى ...... أما أنا فأثق بكم فقد أرسلكم القدر
لى.
المست كلماتها قلبه الذى طالما ضعف أمام النساء وخصوصاً الجميالت منهن لقد صَدقها نعم كان يُصدق كلماتها ، تنهد قبل أن يحرك شفتيه ليقل
شئ ولكنه توقف مع سماعه لذلك الصوت ...... أخذ ينظر حوله وهو يقول :
•هل سمع أحدكم هذا ؟؟
عقد هاشم حاجبيه منصتاً بينما قال أحمد :
•عن ماذا تتحدث .... بيتو هل تتوهم ؟؟
أرتفع صوت إليكترا فجأه :
•إنظروا هناك ..
كانت تشير إلى الضباب القادم نحوهم فى إنسياب وهدوء وكأنه يسير نحوهم
وما هى إال دقائق حتى راح الضباب يحيط بهم من كل جانب لم يعد أحد
منهم يرى االخر وكأنه تم عزل كل فرد منهم على حدا ..... حيث أخذ هاشم ينادى على رفاقه وبالمثل يفعل كل منهم ذلك قبل أن يسود الصمت ، فقد بيتو وإليكترا اإلتجاهات فقط ذلك البخار يحيط بهم ال أرض تحت قدم
الفرس الذى أخذ يصهل فى توتر هنا برز صوت أحمد :
•بيتو .. إليكترا .. هل أنتم هنا
تفاجأ بيتو بأحمد الذى اوقف فرسه بجانبه ويده تعتصر حربته فى تحفز :
•أين هاشم ؟؟
•ال أعلم .... سمعت صوته ولكن ال ادرى من أى إتجاه يأتى ......
.........ألـــ
قطع بيتو حديثه وهو يدقق السمع .... كانت أصوات تأتى من بعيد أصوات
صيحات بشريه أصوات هادره تقترب اكثر فأ كثر .... راحت تعلو مع إقترابها وإختالطها بصوت االقدام ، أرتجلت إليكترا عن الفرس ممسكه بعصاها
المتوهجه وبيتو يصيح بها :
•أيتها المجنونه ماذا تفعلين ؟؟
جائت إجابتها عباره عن كره حمراء متوهجه أطلقتها لتسقط ذلك الذى خرج
من الضباب ، ما إن المس جسد ذلك الشئ االرض حتى خرج مثله من الضباب عشرات راحوا يهجمون على أحمد وبيتو وتلك المقاتله البارعه التى
اسقطت العديد منهم بفضل ضرباتها .... راحت تطلق كراتها المتوهجه يميناً
ويساراً ، سقط أحمد عن فرسه مع كثرة المهاجمين حاول النهوض في سرعه
عندما جائت إحدى الضربات على رأسه لتفقده الوعى ........ ظل بيتو على ظهر فرسه البرونزى يطيح برؤوس هؤالء المخلوقات التى كانت تبدو من البشر ولكن هناك خطب ما بعيونهم السوداء كالليل ولحومهم المهترئه
والمتآ كل بعضها ... كلما سقط أحدهم ال يلبث وأن يقف مره أخرى على
قدميه .... لم يرى أحمد أو إليكترا وسط ضجيج المعركه التى كان يعلو صوت السيوف والصياح ، وهنا جاء صوت بوق ليصم االذان ، انشغل بيتو بهذا الصوت الذى شتت إنتباهه فلم يشعرإال بتلك الهراوه التى هوت على
صدره لتلقيه بعيداً عن فرسه ، رأى ذلك الزومبى يتقدم نحوه و ..... إنطلق
صوت البوق مره أخرى لينسحب ذلك الزومبى تاركاً خلفه بيتو الملقى أرضاً
وهو يشاهد تلك الجموع تختفى وسط الضباب .
****************************************************************
أستطاع هاشم التغلب على مهاجميه وهو يشق طريقه بينهم ، يقطع الرؤوس
بسيفه الحاد علم أنها الطريقه الوحيده للتغلب على أصحاب الحم المهترئ والسيوف الصدءه ، عندما جائت أولى صرخات البوق كان ينهى على أخر خصومه اخذ ينظر إلى الجثث قبل أن يصيح منادياً أحمد وكما توقع ال إجابه
..... أمتطي جواده االبيض الملطخ بالدماء عندما سمع البوق يدوي مره
أخري .
أخذ الضباب فى االنقشاع كاشفاً عن مزيد من القتلى ليرتفع معدل القلق والتوتر على وجهه الذى أخذ يبحث بالقتلى باحثاً عن أصدقائه فهناك فرس أحمد يقف بين االشجار وال أثر ألخيه بين القتلى تلفت مع سماعه صوت
صهيل من خلفه لتقع عيناه على فرس بيتو وهو يقبض على ملبس بيتو الفاقد
الوعى باسنانه ساحباً اياه بإتجاهه " ها هو ينقذه مره أخري ذلك الفرس
الذهبي ."
جلس هاشم بجوار بيتو الفاقد الوعى محاوالً إيقاظه ، وما أن فتح بيتو عيناه
حتى تبسم إبتسامته العته المميز بها وهاشم يقول :
•أين أحمد وإليكترا ؟؟
أعتدل بيتو فى تهالك وهو يتحسس صدره قائالً :
•ال أعرف فقد عم الضباب الساحه ولم أرهم منذ هجوم هؤالء
الحمقى ..
شرد هاشم وهو يحث عقله على التفكير وذلك السؤال هو الشئ الوحيد
بداخله (( إن لم يكن أحمد وإليكترا بين القتلى فأين هم اآلن ؟؟ )) .
************************************************************
(( علمته الرمى فلما اشتد ساعده رمانى )) .
ينطبق ذلك البيت على حال أراكيس الصريع فلو كان حياً لكان هذا البيت ما ينطق به لسانه ولكن هيهات بين الموتى واالحياء ، فها هو جسد أراكيس
ملقى بالصحراء التى تحولت رمالها للون االحمر القانى بفضل دماء فرسان
النوفا ..... كل هذا ولم يحصل ماردين فى هذا اليوم سوى على بعض اإلبل والخيول بجانب ذلك الشعور بالهزيمه وذلك الدرس القاسى الذى علمه إياه معلمه الصريع ..... لكم كان يبغضه ، فدائماً ما كان يفضل ذلك الفتى ذو
المواهب السحريه (( نيها )) كم تمنى أن يكون نيها هو من تًرك جسده
لتنهشه الحيوانات والطيور الجارحه .... لم يفوز بالقافله وحمولتها التى وعد بها أنثى الضبع المسماه ( ليليتا ) لقد خسر القافله وخسر العرش .... (( ال لم يخسر العرش ولن يخسر العرش )) هكذا كان يحدث نفسه وهو بطريقه
إلى قصر هوتان حيث ينتظره ذلك العجوز الملعون (( يورشى )) ، أستيقظ
عقله مره اخري محاوالً تصديق ما يراه أمامه ، ذلك الشىء الذى شتت عقله
عند رؤيته بساحه القصر " تنين يورشي ذو الرأسين " .... داخل قاعه اُشعلت بداخلها عشرات المشاعل برغم أن الوقت لم يتعدى
منتصف النهار الذي حجبت ضوءه ستائر عمالقه سوداء تحمل نقوش
وطالسم عجيبه لتحيل القاعه إلى ظالم ... كان يجلس على عرش عجيب مخيف رجل أشعث الشعر أحمر العينان يرتدى زى مرصع بعظام بشريه وعلى أحد كتفيه كان يقف غراب راح يحرك رأسه يميناً ويساراً ، وعُلق بصدره
تميمه ذات ثالثة أحجار ميزهم ماردين جيداً ... إنها أحجار العناصر الثالث
التى جعلت عيناه تحمل ذلك البريق قبل أن ينحنى أمام (( يورشى )) الذى
قال بصوت أشبه بصوت الزئير :
•ماذا تريد ؟؟
•لقد أتيت من أجل الرابعه ....
قالها وهو يشير إلى التميمه المعلقه برقبة يورشى الذى راحت عيناه تشع
بالنصر.
****************************************************************
داخل قفص من العظام استقر جسدا إليكترا وأحمد حيث بدءا يستردا وعيهما بفضل الرائحه الكريهه التى كانت تزكم األنوف ، فتح أحمد عيناه
فى تثاقل وهو عقله يعاود تجميع ما تبقي له من ذاكره عندما وقعت عيناه
على إليكترا التى كانت تتأوه بجانبه وقد بدأت هي األخري فى أستعاده
وعيها ، مد يده ليساعدها فى الجلوس :
•أنت بخير ؟؟
•نعم ..... فقط أشعر ببعض األلم من أثر تلك الضربات ..
أمسكت رأسها فى ألم وهي تتذكر تلك الضربه التى أفقدتها الوعي لتكمل
بعدها :
•أين نحن ...؟؟
•ال اعلم ولكن يبدو أننا داخل سفينه ...
كانوا بالفعل على ظهر سفينه عمالقه تآ كلت أرضيتها اللزجه وزينت صواريها المهترئه بهياكل عظميه ، الدروع المعلقه بجانبها تدل على ان ضحاياها من مختلف الحضارات والبلدان ....راحت تتجول على سطحها مجموعات من
هؤالء المحاربين القادمين من الجحيم أو هكذا تبدو مالمحهم .... أخترق
صوت أنثوى أذانهم فتسابقت عيونهم لمعرفة مصدره .
كانت تتقدم نحوهم بخطوات ظافره واثقه ترتدى زى يشبه كثيراً زي النبالء القشتاليون .... قبعه سوداء تحمل ريشه كبيره حمراء اللون وزي أسود زُين
بخطوط متشابكه ذهبيه اللون ترسم فى نقطه تجمعها وجه أنثوي أشبه بقناع
ذهبي تسطع الشمس من داخله و زين خصرها بحزام ذهبى يحمل خنجرين فضيان اللون ، تبدو فى العقد الرابع من عمرها أنوثتها مكتمله وجهها
يحمل جمال قاتل قُسم أحدي حاجبيها ليعطيها مزيج من المكر والشراسه ،
توقفت أمامهم وهى تنظر لهم بعيون شقت كاالفاعى حمراء كالدم :
•يا له من صيد ثمين ..... منذ وقت لم نتذوق اللحم الطازج ..
أرعبت كلماتها أحمد وإليكترا وأزدات قلوبهم رعباً عندما أرتفعت ضحكاتها
التى رددتها الجبال المحيطه بذلك الخليج الصغير.
في اللحظه التى رددت الجبال صدى تلك الضحكات الشيطانيه كان هاشم
وبيتو يصالن إلى الشاطئ مقتفين االثار التى خلفها مهاجميهم ، لم يكن يحتاج عقل هاشم أن يبحث عن مصدر تلك الضحكات فأمامه تقبع تلك السفينه القديمه رابضه وكأنها تُركت منذ مئات السنين لتتعفن داخل هذا
الخليج الضحل ، أستتر بيتو بين جذوع االشجار قبل ان يختار اكبرها ويبدأ
التسلق فى خفة ، أوثق هاشم خيولهم الثالثه بإحدى االشجار بينما كان بيتو يجلس علي أحد االفرع الضخمه محاوالً رؤية ما يحدث على ظهر تلك السفينه وعلى ضوء القمر وضوء المشاعل القليله رأى ذلك القرصان وهو
يتجول آمراً هؤالء الحمقى من الموتى االحياء ، شئ ما تحرك خلف بيتو
الذى أفزعه ذلك الصوت وكاد أن يسقط وهو يلتفت فى رعب ليرى من خلفه .... (( باشق أين كنت لقد أفزعتنى )) بالطبع لم يتلق إجابه من ((
الباشق )) الذى فرد جناحيه ونظر له بعيناه الالمعتين وحلق بأتجاه السفينه
...تابعه بيتو وهو يهبط على أحد صواري السفينه (( عظيم أذن هم هناك ))
...
*******************************************
•هل تظن أنهما مازاال على قيد الحياه ؟؟
حمل وجه هاشم القلق مع سؤال بيتو المباغت لم يلبث أن أومأ برأسه وهو
يخلع درعه ويضعه جانباً ليقول بعدها:
•أثار االقدام تشير إلى ذلك ...... وأتمنى ذلك .
فى هدوء يشوبه الحذر توغل األثنان بالمياه البارده التى راحت تغزو أجسادهم كآالف الشفرات تحمل االلم المصاحب لبرودة المياه وراحا يسبحان فى بطء نحو السفينه التى حام حول قاعدتها ضباب كثيف يضفي
عليها الرهبه ، سبحا حول مقدمتها إلى تلك السلسله الحديديه الضخمه حيث
بدءا فى التسلق والصقيع يتملك من جسديهما.
تطلع بيتو لحظات للسطح الخالى قبل أن يقفز فى رشاقه تبعه هاشم وهم
يتحركان فى حذر وعيونهم تدور بالمكان همس بيتو :
•هناك إثنان قادمان
أستغال صندوق عمالق ليخفيهما عن اعين المخلوقين ومع عبورهما خرج
بيتو وهاشم بتوقيت واحد ... وكل منهما يطيح برأس أحد القراصنه ، حمال
الجسدين فى محاوله إلخفائهما وهاشم يقول في خفوت :
•توقيتك جيد
أرقد هاشم وبيتو الجثتين داخل الصندوق قبل ان يتحركا بحذر شديد مع تلك
البروده التى راحت تجتاح أجسادهم ، بروده سببتها المياه التى تجمدت
قطراتها على جسديهما باألضافه إلي تلك البروده القاتله ..... بروده استحوذت على كل ما يربض حولهم ، برودة الموت التى بدأت فى وكز قلب بيتو الذى أخذ ينظر إلى الهياكل العظميه المعلقه بصوارى السفينه
مذهوالً فجائه صوت هاشم :
•أن لم تسرع فستكون صديقهم الجديد ..
بعيون ملئها الخوف نظر بيتو لهاشم الذى تابع حديثه :
•هناك ثالثه عند الحافه تخلص أنت منهم بهدوء ...
أ كمل بعدها مجيباً على السؤال الذي كاد يقفز من بين شفتي بيتو :
•أنا سأبحث عن أحمد وإليكترا ..... أمن أنت الطريق ، بيتو تذكر
.... بهدووووء .
توقف بيتو ليستجمع قوته وما تبقى من شجاعته وهم يتمتم (( موتى أحياء وجثث تري ماذا بعد ... ؟! )) أطلق تنهيده طويله محاوالً رفع حراره رئتيه الباردتان ، راح يتخطى الصناديق الفاصله بينه وبينهم بقفزات متتاليه ولسوء
حظه ألتفت أحدهم ليراه قبل ان يفاجئهم كما كان يخطط .
أن يكون رد فعلك سريعاً فى احد المواقف ال يعتمد ذلك على ان يكون لديك سرعة بديهه بل من الممكن ان يكون الخوف هو المولد لذلك الرد السريع وهذا ما حدث مع بيتو عندما ارسل خنجره فى الهواء مع رؤية ذلك
المخلوق له ..... لم ينتظر حتى يسقط ذلك المتأ كل أرضاً بل قفز فى الهواء
راكالً ظهر أحد األخرين ليحلق خارج السفينه طائراً ومع استدارت الثالث
لمواجته كان خنجره يجز عنق ذلك األخير فى قوة.
لم يكن يتوقع أن يفعل هذا وهو ينظر إلى الجسدين تحت قدميه وفى حركه
مسرحيه أنحنى يلتقط الخنجر االول وكأنه يحيى جمهوره فى زهو و .......
وقعت عيناه على القادمين نحوه وعيونهم الغائره تحمل ذلك اللون
االسود....... لون الموت الذي بدء يداعب روحه.
****************************************************************
فى تلك األثناء كان هاشم يحاول فتح القفص العظمى وجائت كل محاوالته
دون جدوى ، اما أحمد وإليكترا فقد زلزل كيانهما التوتر المصاحب لتلك السعاده التى يدهسها أقدام ديناصور عمالق لتوئد قبل أن تولد ،أخذ هاشم
يبحث عن أى شئ يصلح لفتح ذلك القفص الغريب وكأنه بنى فرقهم .
•هاشم إذهب أنت .
لم يلقى هاشم باالً لجملة إليكترا تظاهر بأنه لم يسمعها وهو يتسلق أحد
الصوارى وما أن وصل منتصفه تمسك بأحدى يديه متعلقاً بالصارى ليهوي بالسيف الذى حملته يده اليمنى على ذلك الحبل الذى ما إن قطع حتى
سقطت أحد االوتاد العمالقه نحو القفص الذى التصق بجانبه السجينيين ،
دك الوتد الزنزانه العظميه محدثاً جلبه سمعها بيتو الذى انهمك فى قتاله ،
بينما كانت إشارة لبدء المعركه الحقيقيه مع تدافع الكثير من الموتى االحياء إلى سطح السفينه ، خرج أحمد من تحت كومة العظام ليرى إليكترا التى سبقته تحتضن هاشم الذى وقف خجالً مندهشاً ، لم يستوعب أحمد ذلك
الموقف وهو يحدق بهم قبل أن تنتشله صوت األقدام التى راحت تقترب
ليتلفت حوله فى فزع قائالً :
•هاشم هل نؤجل العناق الحميم لوقتٍ أخر .
أزاح هاشم إليكترا بهدوء وهو يقول :
•بيتو بالجانب الشمالى من السفينه .
لم ينتظر أحمد إنهاء هاشم لجملته وراح يركض فى سرعه تبعث الفكاهه
بالموقف الذى ال يتحمل اى شئ سوى الجديه ، وقعت عيونهم على بيتو
الذى اخذ يقفز ملوحاً بخنجريه فى اهواء راكالً االول بوجهه ويغرس خنجريه بجانب الثانى بطرف عيناه رأى رفاقه مهرولين بإتجاهه وهو يرسل خنجره إلى
رأس الثالث ومع أقترابهم صاح :
•أشتقت لكم يا رفاق
لم يعره أحمد أى إهتمام وهو يعبر بيتو مسرعاً إلى الحافه ومن بعده عبره
هاشم وإليكترا وهو يرمقهم فى تجهم أنفرجت شفتاه ليقول شيئاً عندما رأى سبب تجاهلهم له عشرات من الموتى االحياء كانوا يهرولون بإتجاهه إستدار
إلى رفاقه لم يجدهم ولكنه سمع صوت االرتطام بالماء أنطلق مسرعاً للحافه
لتقع عيناه على رفاقه الذين راحوا يسبحون فى قوه بإتجاه الشاطىء .... وأنتشله صوت األزيز القادم من خلفه ليلتفت وفى سرعة البرق كان الباشق يعبر أمامه ملتقطً ذلك الخنجر الذهبى الذى كاد أن يستقر بعنقه لوال ذلك
الصقر ، لم ينتظر بيتو لحظه أخرى ليحلق بالهواء خارج السفينه ومن خلفه
أطلقت صرخه عاليه تنزع صمام السكون عن المكان .
*******************************************************
•شيطانين
دونهانج
" مدينة الصحراء " هكذا تسمى شيدت عام 210ق.م على يد االمبراطور كين
شين لتكون قاعده عسكريه إلنطالق جيوشه ..... إمتازت تلك المدينه
بمعابدها المنحوته بالجبال بجانب تماثيل " تشانغ إه " آلهه القمر عند قدامي الصينيون و التى أحتلت صورها أرجاء المدينه ، تلك المدينه التى لم يفكر يوماً يورشى بغزوها .... فقد تركها لتكون طٌعم على طريق الحرير فهى اول
محطات الرحاله القادمون من تشيان جان الى الغرب .
استقبل نيها قافلة أراكيس القادمه عبر الجنوب وقلبه فى قمة الشوق لمالقاة معلمه وأخيه بعد رحله دامت أل كثر من شهرين عبر جبال اسيا وسهولها كان يقف محاوالً رؤيتهم والقافله تعبر بوابات المدينه واعالم النوفا الزرقاء تتقدم
القافله ضم حاجبيه لتضيق عيناه اكثر من طبيعتها وهو يدقق النظر بالوجوه
وما إن رآه قائدها حتى نزل عن فرسه لينحنى أمامه فى تحية تقدير لم يعره
نيها كثير من االهتمام وهو ينظر للقافله قائالً :
•اين اراكيس
اعتدل "نيوكر" وقد تبدلت قسمات وجهه :
•من المفترض انه سبقنا عبر جبال تيان شان
قاطعه نيها بحده وقد حمل وجهه عالمات االستفهام:
•ماذا ؟؟ وأين االمير ماردين ؟؟
تلعثم نيوكر أمام حدة صوت نيها :
•مـ....مـعـه وكان ينبغى ان نلتقى جميعاً هنا .... كما ان حمولتهم
فارغه ال يحملون شئ فالقافله االصليه معنا .... واألخري مجرد
قافله خاويه إال من بعض الحطب .
راود نيها احساس غريب راح يسري فى جسده وقد سيطرت عليه المخاوف
التى بدورها انعكست على كلماته وهو يقول لنيوكر:
•اريدك ان تقص عليه كل ما حدث ....
•عند وصولنا الى سمرقند أختفى عنا االمير ماردين لساعات ....
بحثنا عنه ولم يجده أحد وعندما عاد سأله القائد أراكيس عن سبب
غيابه فقال انه التقى ببعض االصدقاء وجلس معهم لبعض الوقت ، وفى غياب االمير ماردين امرنى القائد بإعداد قافلة أخرى خاويه من البضائع ... الغريب باألمر أن االمير ماردين لم يلحظ التغيير الذى حدث للقافله فقد كان يبدو شارداً طوال الوقت متوتراً فى بعض
األحيان وهذا ما الحظه القائد أراكيس.
كان نيها يستمع بتركيز الى نيوكر الذى أخذ يكمل وعيناه تحاول فك رموز وجه نيها الذى كان عقله يغرق فى التساؤالت .... ما إن أنهي نيوكر حديثه
ردد نيها :
•إذن خرجت القافله الخاويه قبلكم بيوم كان من المفترض أن تصل
!!! ....
سكت نيها لبضع ثوانى وهو ينظر لوجه نيوكر الذى بدا متوتراً بجانب
االرهاق الذى احتل قسمات وجهه
•أذهب أنت للراحه ....
أنحني نيوكر مؤدياً التحيه العسكريه قبل أن يرحل فى خطوات واسعه ليترك خلفه نيها وقد أنتابته العواصف التى راحت تجول بداخله دون توقف ، أخذ
يقطع غرفته ذهاباً وأياباً دون راحه لم يدرى كم من الوقت مر عندما جائت
تلك الطرقات لتنتشله من تفكيره العميق ...
•سيدى .... لقد ارسلت فى طلبى
•نعم ..... اريد منك أن تأخذ بعض الفرسان وتتخذ طريق جبال تيان
شان الى سمرقند
•عفواً سيدى ولكن لماذا ؟؟
لم يدرى زوال هل تلك النظرات بعينى نيها غضب لمقاطعته ام هى قلق
أستحوذ علي روحه
•سيدى ؟؟؟
•زوال عليك بإيجاد القائد أراكيس واالمير ماردين
القاها نيها وقد بدأت أشجار الخوف تنمو بداخله ...
***************************************************************
كَبُرت تلك الطفله بأحياء روما بين عراقه الماضي و نهضه الحاضر فمنذ
طفولتها وهى مميزه طردت من الكنيسه برغم حداثه سنها ، حيث برزت مواهبها فى السحر منذ نعومة أظافرها نظر لها الناس على انها طفره قبل ان يأتى الموت االسود ليحصد أرواح االالف وهنا اصبحت فى عيونهم لعنه
رآها البعض شيطانه بشعرها االحمر القانى واخرون اتهموها بالهرطقه والكفر
، تنقلت بين المدن اإليطاليه بحثاً عن السكينه واالستقرار ترعرعت وسط
نظرات الناس التى وضعتها فى قائمة العاهرات لتحررها وحيويتها ، دائماً كانت تتصدى لمحاوالت التحرش بها او حتى القبض عليها ببعض قدراتها
السحريه ، خافها الجميع أصبحت شريده وحيده وبفضل ذلك إستطاعت
النجاه حتى وجدتهم ......
ياله من قدر جمعها بثالث شباب علمت ان ورائهم سراً لم تحاول معرفته فقد علمتها الحياه ان األسرار تنكشف دائماً مهما طال الوقت األهم انها لم تعد
وحيده حتى وإن كانوا ال يثقون بها ، وألول مره يَطرق ذلك الشئ المسمى
باالعجاب باب قلبها فلم تستطع السيطره على نظراتها نحوه اصبحت تتمنى
اقترابه منها و كلما تحدث إليها كانت تهيم بعيناه ، اسرها بوسامته العربيه ، قوته وشهامته ذكائه وقدرته على القياده ، كانت تتمنى أن يعاملها مثل ما
تعامله ولكنه لم يثق بها بعد حاولت بشتى الطرق لفت أنتباهه إليها و لم تلقى
باالً لبيتو الذى ينعتها دائماً باالوزه البيضاء تمنت ان يكون هاشم هو مروض تلك االوزه ، عقلها مازال يذكرها بدفء صدره العاري حينما احتضنته فوق سطح السفينه رغم بروده الجو ... وكلماته الهادئه (( ال تخافى سنكون بخير
..... ))
•اه كم احبك ايها العربى المغرور
•إليكترا ماذا بك ؟
أستيقظت على صوت احمد الذى أخذ يحدق بوجهها شعرت بالخوف والخجل من ان يكون أحمد قد سمع كلماتها التى غادرت شفتاها دون وعي
:
•ماذا ؟؟
•كنتى تتمتمين بكلمات غير مفهومه .... هل هناك شىء ؟؟
أرتاح قلبها لسماع تلك الكلمه بالتحديد (( غير مفهومه )) ابتسمت قائله :
•ال شئ مجرد حلم
أرتسمت على وجهها ابتسامه هادئه قبل أن تسأله :
•أين بيتو وهاشم ؟؟
•لقد ذهبا للصيد
جاوبها احمد وهو يحاول إشعال بعض النيران ، حيث بائت كل محاوالته
بالفشل اخذ يتمتم فى تململ ... أنتفض جسده مع تلك الكره الناريه التى
أوقد الحطب بفضلها بينما أطلقت إليكترا لضحكتها العنان مع رؤيتها لوجه
احمد الفزع الذى قال فى غضب :
•أتضحكين
•اسفه ، احمد انتم لستم رحاله .... فأنت ال تستطيع إشعال كومه من
الحطب الجاف .
هذه المره لم يكن الفزع هو من يتحكم باحمد بل الوجوم والصمت قبل أن
تكمل هى :
•لقد رأيت تلك القالده التى يحملها هاشم من قبل وأعرف هذا
الشعار جيداً
غمغم أحمد فى حذر:
•اى شعار
•ذلك التنين ذو الراس الشبيه برؤوس الألرانب .... أنه شعار
االمبراطور البيزنطى روبن ..
كان أحمد يحاول إستيعاب كلماتها لم يعرف يوماً أن شعار عشيرة النور أصبح
شعاراً لألمبراطوريه التى لم يتبق منها سوى القسطنطينيه راح يبحث عن أى ترابط بين عشيرة النور وذلك المذكور فلم يجد ولم تحدثه والدته عن ذلك
...... قبل من
•أحمد هل انتم من فرسان النوفا ؟؟
•ماذا؟
قرأت مالمح وجهه جيداً فهو لم يعرف السوبر نوفا إذن..... فمن هم ؟؟
كانت تحاول إستدراجه فى الحديث فهناك شئ ما يخفيه ، فليسوا كما قال لها هاشم ولكن فضولها االنثوى أخذ يحثها على معرفة المزيد عندما برز بيتو
حامالً غزال صغير على كتفيه وعلى وجهه إبتسامته المعتاده ..
((• صباح الخير أيتها األوزه البيضاء))
من خلفه جائت الكلمات ، لم يكن بيتو هو قائل تلك العباره بل هاشم الذى
ظهر من خلف بيتو حامالً قوسه ، لم تستطع أن تخفى فرحتها بكلماته التى
عكست أختالق قلبها فى خجل واضح للجميع ... ها هو يداعبها بكلمات
طالما نطقها بيتو مغازال إياها ولكنا تختلف هذه المره فهي من بين شفتيه هو
....
قضى هاشم ورفاقه الوقت فى الحديث عن النوفا وعشيرة النور حيث أنصتت إليكترا إلى روايتهم عن عشيرة النور بعدما سردت عليهم بعض ما تعرفه عن االمبراطور روبن ملك العشائر فها هى أخيراً تحظى بثقتهم ويفصحون عن
اسرارهم ، كان قد مرعلى لقائهم مع تلك القرصانه وبحارتها الحمقى
أسبوعان ولم يعد في عقولهم سوي الوصول إلي القسطنطينيه وجهتهم األساسيه وأصبح هدف هاشم مالقاة روبن وطلب العون منه ومن بنى عثمان
....
الطريق مازال طويل ..... والرحله مستمره عبر االراضى البلقانيه بعد تدمير آخر أمل لهم فى االبحار
......احترقت البندقيه كمثيلتها من المدن البائده رأوها تشتعل وتلك السفينه
التى سبق أن أقتحموها تقف ساكنه علي شاطئها ..... لم يعد هناك سوي
طريق واحد إلي مبتغاهم .
*******************************************************
تجمعت عشائر اللصوص في جيش جرار تحت راية عشيرة النينجا التى راحت الصحراء تكتسي باللون االسود بفضل أعدادهم وقفوا سكون ال يقطعه سوى صوت الرياح التى راحت تعبث بالرايات السوداء كقلوب حامليها ، وامام الصفوف وقف ماردين وإلى جانبه ليليتا حيث أنهمكا فى الحديث إلى أن جائوهم الجنود بجواديهما أمتطي ماردين جواده ليتقدم إلى
تلك الربوه المرتفعه التى ما إن أعتالها حتى بدء خطبته :
•اليوم بداية عصراً جديد ..... اليوم سيكون أعظم أيام البشر لقد حان
الوقت لنحكم فلتودعوا حياة اللصوص حياة الفر دون كر فمنذ اليوم
أنتم فرسان النينجا ستملكون سمرقند ومن بعدها العاااالم ....
تعالت صيحات الفرح والحماس المليئه بشهوه السلطه بصفوف المتراصه
وهو يكمل :
•سنغزو سمرقند وسنجعل منها عاصمه لنا .... سيشهد التاريخ على
مجدنا وقوتنا .... قريباً سنوحد العالم مع حلفائنا ..... وسيكتب
الخلود لنا عبر األزمنه .
ومع أخر حروفه .... كانت تقرع طبول قادمه من بعيد حيث ألتفتت الرؤوس
لرؤية القادمون وما أن رأت عيونهم ذلك الجيش القادم حتى تملكهم الرعب
والخوف فأمامهم ما كانوا يتالشونه ويتحاشون التواجد بمناطق نفوذه ... فقد كان يتقدم بإتجاههم ذلك الجيش الملعون وعلى مقدمته كائن عرف باكل
قلوب أعداءه ... أنه " لورد ياركن " ..
وأرتفع صوت ماردين مره أخرى فى قوه :
•فلتحيوا حلفائنا.
*******************************************************************
****
تحرك ذلك الظل االسود فى خفه وهو يعتلى سور " القصر القسطنطينى الكبير " مستغالً إنهماك الجنود فى حديث ممل لكسر الوقت لم يشعروا
بذلك الظل الذى راح يتسلق الجدران فى رشاقه كعنكبوت عمالق ، تعلق
فى أحد البروز ليرمى بجسده فى الهواء ليدور حول نفسه مرتين قبل أن تستقر قدماه على الشرفه المظلمه سكن لحظات كأنه تمثال من الجرانيت زينت به الشرفه ليتحرك بعد ذلك فى خفة القط إلى الغرفه التى توسطها ذلك الفراش الملكى ... تقدم بهدوء إلى ذلك الراقد على الفراش وما إن صار
بجواره حتى همس بخفوت :
•رحله موفقه إلى الجحيم ....
قطع جملته مع رؤيته لعيون ذلك العجوز التى فُتحت فجأه وراح يحدق به ، لم يترك ذلك المتسلل أن تتملك المفاجأه منه ، فهوى بسكينه نحو صدر
روبن الذى تفاداها ليسقط عن الفراش قبل أن يقف شاهراً سيفه القصير بينما
قفز ذلك المتسلل بإتجاهه ليركل روبن بصدره ليتراجع االخير فى قوه مرتطما ًبأحد التماثيل الذى سقط محدثاً صوت مدوى ، برغم سن روبن
الذى تجاوز الستين ربيعاً إال أنه حافظ على توازنه وقوته ، كان القاتل يعلم
أنها دقائق حتى يأتى الحراس على صوت تحطم التمثال فأخذ قراره
بالهجوم مرة أخرى متفادياً ضربات روبن الذى راح يضرب الهواء محاوالً أسقاط مهاجمه بينما كان المتسلل يعرف أنها مسألة وقت حتى ينهى على
ذلك العجوز ، فبركله قويه أطاح بسيف روبن قبل أن يمسك بيد العجوز فى
قوه ساحباً إياه بإتجاهه ليُغرس النصل بقلب روبن الذى جحظت عيناه فى
ألم وهمسات القاتل تدوى بأذنه :
•وداعاً روبن .....
أنتفض جسد روبن فى قوة مع فيضان الدماء التى سببها خروج النصل من
صدره ، أرقده القاتل الذى أخذ يبحث بين محتويات الغرفه على شئ ما ،
ومع وصول الحراس وطرقاتهم على باب الغرفه كان قد وجد المتسلل غايته
تلك المخطوطه القديمه فتحها بسرعه ليتأ كد أنها هى من يبحث عنها ،
تعالت الطرقات مع صوت الحراس بالوقت الذى أخذ المتسلل تلك القالده
من رقبة روبن قالده حملت حجر براق أزرق اللون.
أقتحم الحراس باب الغرفه ليجدوا ملكهم غارقاً ببحيره من الدماء أنحنى
بعضهم يتفحصه بينما ركض أحدهم إلى الشرفه المفتوحه على مصراعيها
لمح ذلك الشبح الذى قفز إلى ساحة القصر:
•يا حراس أقبضوا على ذلك القاتل ..
كان صياح الجندى كفيل بإيقاظ القسطنطينيه بأ كملها لتعم حاله من الفوضى
القصر وساحته صخب أحدثه الجنود الذين راحوا يبحثون عن القاتل الذى
تبخر أثره وكأنه لم يكن ....ما إن تأكد ذلك الشبح المستتر ببعض الشجيرات أن الطريق أصبح خالياً حتى خرج يعدو بإتجاه السور عبر حديقه القصر حينما
باغته صوت غاضب :
•أنت توقف
جائت كلمات بُراق كالصاعقه على ذلك المتسلل الذى لم يعره أى إهتمام
وظل يركض متجاوزاً الشجيرات الصغيره قفزاً ، لحق به بُراق لينقض عليه مسقطاً إياه أرضاً ، لم يترك المتسلل بُراق يتمكن منه حيث كال له لكمه قويه أنت لها ضلوع التركي قبل أن يتبعها المتسلل بلكمه أشد قوه على فكه قفز
براق الذى حاول الوقوف مره
وهو ينظر بسخريه إلى
المتسلل بعدها واقفاً
أخرى .... ولكنه توقف مع ذلك الخنجر الذى غرس بطرف مالبسه وعيناه
تحاول إيجاد ذلك الشبح الذى أختفى وسط الظلم.
*****************************************************
األولمب بقمته الساحره المكسوه بالثلوج يحتل االفق البعيد يقف في شموخ
ملقياً ظالله على السهل الممتد والممتلئ بأطالل معابد أغريقيه كانت يوم ًا تمجد آلهه أعتقد الناس أنها تسكن ذلك الجبل الشاهق وكثيراً ما كانت تروى االساطير عن تلك اآللهه وأبنائهم الخارقين وصراعاتهم ، حضارات اندثرت
وبقيت أطاللها لتقص على الماره عن أقوام كانوا يوماً فى قمة التطور والتقدم
ولكن أين هم االن ؟؟
حلق الباشق في دوائر منتظمه فوق (( معبد جوبيتار )) الذى عُبد فيه يوماً زوس كبير االلهه عند الرومان واالغريق ، تفقد هاشم صقره الذى مازال
محلقاً فى كبد السماء إلتفت بعد ذلك لرفاقه قائالً :
•ما رأيكم نخيم هنا الليله ؟؟
لم يتلق إجابه منهم وهم يترجلون عن الخيول فكان إرتجالهم هو االجابه بعد رحله لم تعرف أجسادهم فيها الراحله خالل ايام ، انهمك كل منهم بتجهيز
المخيم بينما أخذ هاشم بالتجول لتأمين المكان عندما قادته قدماه بإتجاه
أروقة المعبد القديم حيث أخذ ينظر إلى التماثيل المحطمه وأنصاف األعمده
البازلتيه الضخمه المنتشره بأرجاء المعبد ، توقف كثيراً أمام ذلك التمثال الضخم وقد فقدت أجزاء منه قبل أن يستدير فى سرعه مع سماعه لوقع األ قدام البطيئه التى جائت من خلفه ، كانت إليكترا تقترب منه بخطوات هادئه
واثقه مبتسمه بجمالها النارى :
•هل أفزعتك
لوح هاشم بيده فى الهواء وهو يبادلها االبتسامه:
•ال ولكن ذلك التمثال أثار فضولى .
•جوبيتار
أومأ برأسه قبل أن ينظر للتمثال مره أخرى ، تعلقت عيناها بوجهه وراحت
تنظر إليه جائت كلماتها :
•جوبيتار أو زوس كما كانوا يطلقون عليه كبير األلهه نُسجت عنه كثيراً
من االساطير ......
قاطعها بهدوئه المعتاد :
•أعرف كل شئ عنه فمربيتى كانت يونانيه
•هممممم جيد .... أذن فال داعى لكى أ كون مرشدتك ....
سكتت لبرهه " لماذا ال يحب تواجدي بقربه " قبل أن تحاول بدء
الحديث مره أخري :
- كيف هي مدينتك ؟؟؟
داعب السؤال وتر الحنين بقلب هاشم الذي أدار وجهه ناحيتها
مبتسماً :
- غرناطة هي دمشق بالد األندلس، ومسرح األبصار، ومطمح
األنفس، لها القصبة المنيعة ذات األسوار الشامخة، والمباني
الرفيعة، وقد اختصت بكون النهر يتوزع على ديارها وحماماتها،
وأسواقها وأرحاها الداخلة والخارجة وبساتينها، وزانها الله تعالى بأن
جعلها مرتبة على بسيطها الممتد الذي تفرعت فيه سبائك األنهار بين زبرجد األشجار، ولنسيم غاباتها و بهجة منظرهها أثر في القلوب واألبصار، استلطاف يروق الطباع، ويحدث فيها ما شاءه اإلحسان
من اإلختراع واالبتداع، ولم تخل من أشراف أماثل، وعلماء أ كابر،
وشعراء أفاضل ..... أنها جنه الله فى أرضه ...
كان كلماته عن بالده توشي بما يحمله قلبه من أنين الفراق ولوعة الهجر
لحبيبته " غرناطه " ....
•هاشم هل تؤمن بااللهه
ألقتها وهى تقترب منه حتى ألتصقت بصدره ، تراجع بخطوات
واسعه للخلف وهو يعقد حاجبيه فى غضب بينما حاولت هى تدارك
الموقف قائله :
•ماذا ؟ اى الهه ؟؟
وغيرهم .... آمون .... زوس•
جلس على طرف قاعدة تمثال وهو يضحك قائالً :
•ليس هناك سوى إله واحد .... فلو كان هناك أ كثر ألتخذوا للعرش
سبيالً ..
•ولماذا تركنا نعانى ؟؟!
جاء سؤالها غريباً مباغتاً تجهم وجهه وقد حمل مالمح الغضب:
•نحن من صنعنا الشر وأوجدناه .... تركنا نعناني لنلجأ إليه وقت
الشدائد ليُعلمنا ان نطيعه وال نشرك به شىء ... ثم ان البشر هم من
يدنسون الحرمات ويسفكون الدماء ألسباب واهيه .... أما ما يحدث
االن من دمار وقتل فسببه الباحثين عن الخلود ..... الطمع وحب
الدنيا هما سبب كل مصائب البشريه ....
سكت لحظات ليكمل بعدها :
•الخلود تلك الكذبه التى أخرج بها الشيطان أدم من الجنه .... عن
أي خلود زائف يبحثون ؟؟؟ سلطان نفوذ قوه و استعباد للناس ؟؟؟
إن ما يحدث يا إليكترا هو نتيجة إتباع الناس للسحر وأساليب الشر
.... نحن فى زمن كثر فيه الكذب والقتل والطمع ... زمن كثر فيه البغاء وأنعدمت االخالق والقيم فهل تظنين أننا نعانى أم نحن سبب
المعاناه ؟؟؟
وجدت كلماته طريقها إلى عقل إليكترا التى أقتربت لتجلس بجواره
وهى تقول فى شغف :
.... أكمل•
أحنى رأسه لبضع ثوان وكأنه يفكر بما يقول أردف بعدها :
•أتمنى أن نصل إلى القسطنطينيه فى القريب العاجل .
•ال تقلق سنصل ... ثالث ليال أخري تفصلنا عنها .
•هاشم هل أحببت يوماً ؟
نظر لها مبتسماً وقد عرف ما يدور بعقلها ...
•نعم
•من ؟؟؟
•عائلتى
لكمته فى كتفه بدالل وهى تضحك بينما أكمل هو :
•إليكترا لقد وثقت بك فأتمنى أن تكونى عند ثقتي بك ... فأنا أن
وثقت بشخص ما أعطي له وإن كان خالف ذلك فليتضرع حتي ال
أتي له .
تأكدت هذه اللحظه أنها أمام أحد أبطال العرب األسطوريين الذي سمعت
قصص أنتصاراتهم على جيوش جنوه و البلقان ..... أو هؤالء الذين هزموا
الجيوش الصليبيه فى القدس .
أفاقت من شرودها عندما دخل مسرعاً إلى مكان جلوسهم وهو يلهث صارخاً
:
هاشم يجب أن ترى ما بالخارج.
******************************************************
توافد ملوك وزعماء العشائر على القصر الملكى وسط تساؤالت عما يحدث
ولماذا هذا االجتماع الطارئ ، داخل القاعه الملكيه أستقبل براق الزعماء
فى هدوء وهو يرحب بهم برتابه شديده ، أجوبته لم تشفى صدورهم وما أن أ كتمل عددهم داخل القاعه جلسوا بإنتظار روبن الذى لم يعلموا بعد انه يرقد
بحجرته صريعاً ، دقائق من األنتظار عرف الملل سبيله إلي قلوبهم حيث
تالقت العيون فى تململ قطعها بُراق الذى خطى إلى منتصف القاعه
ليخطف أنظارهم إليه وفى رصانه بدء حديثه :
- بهذا الخنجر قتل االمبراطور روبن .....
ألقى الخنجر ذو المقبض الذهبى فى الهواء لتتعلق عيون الحاضرين به حتي
سقط أرضاً محدث صوتاً عالياً ليصمت الجميع فى وجوم ودهشه .
أخذ براق ينظر إليهم وعيونهم تفحص ذلك الخنجر الملقي أرضاً ليقول
بهدوء :
- لقد قُتل الملك .... الملك روبن
بدأت الهمهمات تعلو وبعض الهمسات بين النبالء الجالسين بالصفوف
الخلفيه وهو يكمل :
•يحمل ذلك الخنجر نقوش عشيرة النينجا ..... ولقد سرقت
المخطوطه والعنصر الرابع .
هنا بلغت قلوبهم الحناجر وتجمدت أوصالهم فما يقوله ينبأ بنهايتهم ونهايه
وجود البشر فى المعمورة ....تابع براق :
•لقد حَفظ االمبراطور أمانته طوال سنوات مدافعاً عن البشريه ليقُتل
بعد ذلك على يدى أبنه ماردين .
كلمه واحده سادت القاعه بعدالصمت الطويل كلمه رددها الحاضرون فى
إستغراب :
؟؟ )) ماذا ((•
•نعم إنه ماردين من أرسل ذلك القاتل وماردين من يحاصر سمرقند
منذ أيام بمعاونة جيش المومياوات و ياركن الملعون.......
قطع حديثه صوت أجش :
•أين االمير نيها والقائد أراكيس !!
تجاهل براق ذلك المقاطع وهو يكمل :
•ستبقى القسطنطينيه تحت وصاية عشيرة ( الخالدين ) حتى عودة
االمير نيها ، إلى ذلك الحين سنقاتل دفاعاً عن حريتنا.
لم يعجب ذلك االقتراح قادة العشائر حيث أنتفض ذلك المقاطع ليصيح
بصوته االجش مرة أخرى :
•لن تصبح مدينتنا تحت وصاية االتراك .
•مدينتكم ؟؟ عن أى مدينه تتحدث أيها الجيرمانى ؟؟ إنها ملكنا
جميعاً أال تذكر أنها أخر حصن يجمع ما تبقى من البشر فليست
القسطنطينيه حكراً على االوربيين دون غيرهم ......
كانت كلماته قويه وهو يصيح بوجه شارلكان الذى ظل يرمقه بغضب وهو
يكمل :
•سيظل العرش خالياً حتى عودة االمير نيها ولى عهد السوبر نوفا ،
مراسم الدفن بعد غد ننطلق بعدها لسمرقند ...... فليستعد الجميع .
أنهى كلماته ليخرج من القاعه معلناً بذلك عن انتهاء االجتماع الذى حمل الكثير من المفاجآت ، تاركاً خلفه شارلكان يفيض بالغضب كأنه بركان ثائر
..... والذي ما خرج من بوابه القصر إلي ساحته حتى عرف لماذا يتحدث
هذا التركي بثقه وثبات .... فأمامه قد انتشرت فرق تأمين المدينه وكانت من
كتائب عشيره ( الخالدين ) .
***************************************************************** الغيوم تلك إلى يشير أخذ الذى بيتو بجوار االحجار من كومه هاشم أعتلى
السوداء القادمه بإتجاههم ، تابع هاشم الغيوم بتركيز شديد أطلق بعده صفيراً للباشق الذى حلق بإتجاه الغيوم وكأنه فهم ما يقصده هاشم الذى تحدث
قائالً :
•أحمد أنت وإليكترا أدخال الخيول إلى المعبد وأنتظرا إشاراتى .
أومأ أحمد برأسه بينما تبعته إليكترا فى صمت ، ظل هاشم ساكناً
وهو ينظر للغيوم السوداء التى باتت قريبه وهى تفرض ظالمها على ما يقع تحتها ..... وتوقف الزمن مع رؤية هاشم لذلك الشئ القادم تحت هذه الغيوم مستظالً بسوادها القاتم ، بات هاشم يعلم أن ذلك الشئ قادم من أجلهم مع هؤالء الذين يحيطون به عشرات من الموتى
االحياء التابعين لتلك القرصانه كانوا يمسكون بسالسل ضخمه
ربطت بعنق أو باالحرى بأعناق ذلك الشئ ذو الثالثه رؤوس ..... تبينها هاشم جيداً مع إقتراب ذلك المخلوق الذى كان عباره عن كلب ضخم بحجم منزل صغير له ثالثة رؤوس سوداء كباقى جسده و
سال الزبد من بين اشداقها مع تلك االنياب البارزه التى برزت
بشكل مخيف من أفواهه الثالثه ، كان يطلق زمجرة مخيفه مع
ضربات القراصنه المهترئين له بالسياط الغليظه .......
تمتم بيتو فى جمود :
•ما هذا الشئ بحق المسيح ؟؟
•سيربيروس
كانت إجابة هاشم أ كثر جموداً وأكثر ذهوالً من بيتو الذى امتقع وجهه :
•سيرب ......يروس ماذا ؟؟
•حارس بوابة الجحيم فى االساطير الرومانيه ..... كيف أتى للحياه ،
..... وكيف
بتر باقي تساؤله وهو يقول فى سرعه :
• أصعد إلى أعلى نقطه قريبه .
فهم بيتو ما يرمى إليه هاشم فتحرك حامالً قوسه فى خفه إلى بعض االطالل المرتفعه ليختفى بعدها وسط االحجار المتراكمه ، ما أن تأكد هاشم من
تمركز بيتو حتى تحرك هو االخر بإتجاه المعبد القديم ليختفي بداخله .
((• هاشم ماذا هناك ؟! ))
كان السؤال متوقعاً من أحمد الذى كان يقف بقرب الباب مع دخول هاشم
الذى قال وهو متوجهاً إلى فرسه :
•إنهم أتباع تلك القرصانه تتبعونا ومعهم سيربيروس .
جحظت عيون إليكترا لتقول بنفس التوقيت مع أحمد :
•ماذا؟؟
•ال وقت لدينا للحديث االن فهذا الشئ يتبعنا ولقد سئمت الهروب
.... فقد قال لى شخص ذات يوم :
(( حين تجتاحك العواصف ..... أخرج وواجهها بكل قوة وحزم ....فقد يظلم ليلك وتتلبد غيومك .... أو تشرق شمسك وتتالشى همومك ..... قد
تنهزم وتتعلم دروسك من التجارب ... أو قد تقهر خصومك وبعدها
.....تستحق إستراحة المحارب ))
كان يردد كلمات تعلمها بمسجد غرناطه الكبير على أيدي احد العلماء ،
كلمات حان الوقت لترجمتها لواقع .
**************************************************************
قطعت الخيول صحراء " تكال مكان " دون توقف بإتجاه جبال تيان شان تقدمهم ذلك الفارس الذى راح يحث فرسه على الركض بسرعه أ كبر ، كانت
مهمة " زوال " أن يجد قافلة أراكيس ، طوال الطريق من دونهانج حتى
صحراء تكال مكان لم يعثر على اى أثر يدل على ان هناك من عبر تلك الصحارى لم يعد أمامه سوى تلك الواحه الواقعه تحت سفح جبال تيان شان ، قصدها على أمل إيجاد مبتغاه وإن لم يجده فهى أنسب مكان للراحه
المفتقده خالل ايام من السير دون توقف.
تحت اشعة الشمس الحارقه الحت فى االفق واحة بلكاش التى ما إن رآها زوال حتى بدء فى حث فرسه على البطئ قليالً وهو يرفع يده لرجاله لفعل
المثل فال حاجة للسرعه االن وأمام عيونهم مالذ الراحه ......
أخذ زوال طوال الطريق فى تبادل الحديث مع أحد رجاله عن مولودته
الجديده وعن زوجته التى اشتاق إليها ، كان زوال احد الصينيين القالئل الذين اتخذوا من القسطنطينيه مالذا لهم وجد بها كل ما يبحث عنه حتى عند إنضمامه لعشيرة النوفا قرر أن يرتدى الزى البيزنطى على عكس رفيقه "
نيها " الذى تمسك بزيه الصينى وحتى تقاليد وعادات بالدهم البعيده ، كان
زوال ذو جسم ضئيل عوض بذلك لياقته وسرعته حتى اصبح مبارزاً ال يشق له غبار ... أشتهر بين التجار بأمانته وبالدفاع المستميت عن القوافل الذى
يحميها ، يذكر يوم زواجه حينما عينه االمبراطور روبن قائد لكتيبة الفرسان ،
يذكر تلك المتاعب التى واجهها على يد ذلك المدعو ماردين ، موجه بارده
عصرت قلبه لتنتشله من ذكرياته عندما وقعت عيناه على االجساد المنتشره بأرجاء الواحه ، قتلى أمتلئ بهم المكان هنا وهناك أختلطت الدماء بالوجوه
واألشالء المنثوره .
ترجل زوال عن فرسه وهو يمتعض من تلك الرائحه ...... رائحة الموت الذى
حصد أكثر من 70 فارس من رفاقه ، أخذ يتجول آمراً رجاله بالبحث عن
جرحى وهو يعلم علم اليقين أنه ال يوجد جرحى فلو كان هناك جرحى لماتوا افضل بفضل تلك الرائحه ، توقف أمام الجسد الملقى على وجهه لم يجرؤ
على لمسه كان يعرف انه هو ......... قائده ومعلمه اراكيس لم يشعر كم من
الوقت مضى عندما جائه صوت احد رجاله مشيراً انه ال يوجد أحياء ، وبعينان امتلئتا بالدموع ألقي خطبه مؤثره عن القصاص لرفاقه و النصر على
األعداء ... وقتل الخائن " ماردين " .
**************************************************************
•الملحمه
خلدت االلياذه واالوديسه مالحم أسطوريه فلو كان من سطر تلك المالحم حيا بذلك الوقت لخلد تلك الملحمه بين السيربيروس وهاشم وذلك المشهد
االسطورى الذى لم يكن له مثيل بين االساطير عبر التاريخ .
فتحت االمطار الغزيره التى سببتها تلك الغيوم السوداء التى احالت النهار إلى
ظالم وعلى ضوء النيران المشتعله بمدخل معبد جوبيتار وقف هاشم حامالً سيفه البراق فى مواجهة السيربيروس الذى أخذ يزمجر بقوه حتى أفلت القراصنه السالسل ليتقدم فى ثقه وتحدى بخطوات بطيئه نحو هاشم الذى
التصق شعره المبلل بجبينه وهو يقف هادئاً مبتسماً فى سخريه ، أثار ذلك
المشهد ضحكات كريهه من االفواه المهترئه للقراصنه الذين تعجبوا من هاشم الذى يواجههم وحده ، اقترب ذلك الكلب برؤوسه الثالثه حتى صار يواجه
هاشم فقط بضع خطوات ويصبح هاشم بين انيابه.
دوى هزيم الرعد بقوه تصم االذان ومع انتهائه سقط احد الموتى االحياء
بسهم استقر برأسه ليلتفت البقيه بإتجاه رفيقهم الذى سقط قبل أن يسقط أخر ومع ذلك االزيز الذى شق الهواء للمره الثالثه وسقوط ثالث الضحايا بفضل
االسهم التى لم يعرف احد مصدرها ، ساد الفزع والغضب بالمكان مأذناً
بهجوم السيربيروس الذى انقض على هاشم بالوقت الذى انقض الباشق من
الجو بإتجاه القراصنه أنزلق هاشم بين أقدام السيربيروس مستغالً االرض برك المياه ليقف بعد ذلك مطيحاً برأس أحد الموتى االحياء الذين بدأو يهجمون فى عنف وتوتر باحثين عن ذلك الذى راح يحصد ارواحهم بسهامه ، اخذ
هاشم يشق طريقه وسط القراصنه وذلك الكلب يركض خلفه مطيحاً بما يقف
بطريقه من أجسادهم وهدفه الوحيد هو هاشم الذى أخذ يقاتل فى بساله وشجاعه حتى وصل الى ذلك الجدار المهدم ارتقى هاشم بعض األحجار قافزاً إلى أعلى فوق ذلك الجدار ومازال ذلك الشئ يقترب فر سرعه هنا صاح
هاشم :
•االن
ومن خلف إحدى التماثيل العمالقه خرجت إليكترا تطلق كراتها المتوهجه
تسقط أحد المهاجمين ..... عندما رأت السيربيروس أصبح على مقربه من الجدار الذى يعتليه هاشم فاطلقت أحدى لعناتها لتفقد ذلك الكلب ذو
الرؤوس الثالثه توازنه ويرتطم بقوه بالجدار الحجرى ، الذى ما إن لمسه
الوحش حتى أخذ يسقط عليه قفز هاشم بإتجاه إليكترا وهو يحصد ما تبقى
من رؤوس القراصنه مع اسهم بيتو التى لم تتوقف لحظه ، تساقطت الرؤوس الشاحبه بعيونها الغائره أرضاً بينما راح السيربيروس ينفض عنه تلك االحجار
عندما عبر ذلك السهم بجوار إذن إليكترا التى انتفضت فى فزع وهى تنظر
خلفها لتجد سهم اخر من سهام بيتو يصيب ذلك الكائن الذى كاد ان يرسلها
إلي الجحيم ، صرخت :
•بيتو كدت ان تقتلنى ايها االحمق ....
لم تتلق إجابه وعيناها تنظر بإتجاه صاحب الرؤوس الثالثه الذى أخذ يتقدم
مره أخرى بإتجاههم فى غضب .
•إليكترا شتتيه بإحدى لعناتك .
قالها هاشم وهو يركض بإتجاه السيربيروس ، لم تنتظر إليكترا كثيراً فقد
أرسلت إحدى كراتها التى تزامنت مع أحمد الذى قفز بالهواء ملوحاً بحربته قبل أن يغرسها بظهر السيربيروس الذى أطلق أنين غاضب ... ومع ارتطام لعنة
إليكترا بجسده اخذ يترنح جانباً قبل أن يستقر بأحد رؤوسه الثالثه احد
االسهم الذى أطلقها بيتو مع تقدم هاشم ليغرس سيفه برأسه الوسط بقلب
به بعيداً ليسقط
ذلك الكائن الذي ضرب هاشم بقوائمه االماميه مطيح ًا
االثنان معاً غارقين بدمائهم .
******************************************************************
(( ستعانى .... أحبائك سينزفون وانت ايضاً ستنزف ))
رُدت تلك الكلمات وسط الظالم الدامس .... تجمدت قدماه مع اقتراب ذلك المشتعل بإتجاهه ....لهيب نيرانه لفحت وجه .... (( انت من يحمل مصباح االمل وسط الظالم ))... كان ذلك المشتعل يحدثه دون ان تتحرك
شفتاه كان يحدثه بطريقة ما .
•من انت ؟؟
•لم اعد اذكر من انا .... هاشم عليك ان تبقى حياً قاوم من اجل
النور .... اقتنص الفرص لتنتصر.
•وتذكر لتقتل االفعى فعليك ان تقطع رأسها .
انهى كلماته وهو يضع يداه المشتعله على صدر هاشم الذى صرخ من شدة
االحتراق فى ألم ، فتح هاشم عيناه فى بطئ ليجد إليكترا جالسه بجواره
وتنظر إليه وقد حمل وجهها إبتسامه هادئه ال تخفى التوتر الذى إجتاح قلبها :
•كيف حالك االن
اومأ هاشم برأسه قبل أن يلتفت الى بيتو الذى كان يصيح فرحاً :
•كنت اعلم انك ستنجو .
نقل بصره إلى إليكترا قائالً فى تهالك :
•اين احمد ؟؟
لقد ذهب لصيد شئ ، لنأ كله .... لقد مضى على فقدانك الوعى يوم كامل
إضطررنا الى ترك المخيم وانتقلنا شرقاً .....
قطع بيتو حديثها بصفاقه :
•هيا ايها الكسول فأمامنا مسيرة يوم حتى نصل لمبتغانا ..
(( القسطنطينيه .))
********************************************************
هل تعرف ذلك الشعور الذي يروادك حينما تفقد أحدهم ؟؟
ذلك الشعور الذى يغرس أنياب الحزن بداخلك ويبدأ فى تمزيق أحالمك
عندما تعلم انهم لن يعودون مره أخرى للحياه .... رحلوا وتركوك وحيداً تحمل االلم المصاحب لفقدانهم .... تبقى ذكراهم تؤرق لياليك ..... لتنمو
بداخلك اشجار البغض لمن كان السبب فى فقدانهم ... ولتثمر تلك األشجار
ثمار االنتقام ،انتابت تلك المشاعر نيها الذى امر رجاله بالبحث عن اى
فرسان يريدون االنضمام لعشيرة النوفا .
فمنذ ان قص عليه " زوال " ما حدث وكيف وجد " أراكيس " لم يعد يحمل
قلبه سوى األنتقام من ماردين واللحاق به قبل ان يصل القسطنطينيه لم يكن "
نيها " يعلم ان روبن ايضاً قد لحق " بأراكيس " و ما ألت إليه سمرقند .
يومان هما ما تبقى له بدونهانج ..... حالما يعود نيوكر من تشيان جان
سيتحركون بإتجاه الغرب فى رحلة العوده ....
لماذا تكافئه الدنيا هكذا ... فعندما زار تشيان جان الول مره بعد خروجه
منها أستقبله حاكمها بترحاب و أستقبال يليق بالملوك ، زار قبر جده واضعاً أ كليل من الزهور وبعض البخور الطيب الرائحه ... كان يحلُم بمالقاة أراكيس هناك .... ليشرف ذلك األخير على إنشاء نٌصب تذكاري يمجد
فرسان النوفا المعروفين سابقاً بأسم " عشيره النور " ...... ولكن أراكيس
رحل دون عوده ..
وكيف يعود لعالم تنهش الناس لحوم بعضها البعض به .... ما تبقي من البشر ومن يحاول منهم البقاء ينصاعون الوامر ملوك العشائر الباحثين عن المجد
والسلطه متناسيين ذلك الشر المتربص بهم ، ماذا أستفاد ذلك الساحر من قتل
كل من يحبه " نيها " ؟؟؟
هكذا تردد ذلك السؤال بعقله ...... تمني ان لو يراه يوماً ليقطع رأسه
ورؤوس تنينه القبيح .
***********************************************************
لم تفارق تلك الرؤيا عقل هاشم ، ذلك الرجل المشتعل وكلماته التى أتت
هذه المره كنصائح ، ليس شراً ..... نعم ليس شراً ، وإن كانت هيئته تدل
على عكس ذلك ، فهذا الشئ يساعده بطريقة ما .... لم يتحدث مع رفاقه بل
ظل فى شروده منذ تحركهم .
أبحر عقله ببحار مظلمه بحث ًا عن إجابات ألسئلته المتالحقه (( لماذا أنا ))
يا له من سؤال ملح ... كم تمنى اال يكون هو ذلك الشخص الذى تحدثت
عنه النبوءه .... تمنى حياه هادئه ، زوجه .... أطفال ..... تبددت تلك االحالم تحت أقدام تلك المخلوقات البشعه ..... كان يعلم ان يورشى يملك
ثالثة أحجار ولن يستحضر سيده قبل أن يحصل على الحجر الرابع .....
أسترجع عقله بعض أحاديث أثينا المبهمه وكأنه يراها امامه عبر السحب
الكثيفه ، كم يفتقدها ويفتقد قصصها وأحاديثها عن التاريخ ......
(( قبل بدء التاريخ كانت هناك معركه بين النور والظالم أستطاع النور بقهر قوات الظالم ودحرها وتم إرسال قائد الظالم إلى غياهب االض حيث سجن
بفضل العناصر األربع الماء .. الهواء .. النار .. التراب ، وساد السالم
لسنوات كثيره ولكن ذلك الشئ استطاع إغواء بعض الزعماء الباحثين عن الخلود سمم افكارهم وجعلهم يبحثون عن العناصر االربع ومخطوطة الطقوس مستغالً أحقاد وشرور البشر .... قيل عنه انه ابن الشيطان ويدعى (( ديابلوس
)) عاث فى األرض فساد ... كل ما أراده أن يحكم العالم وينهي حياه بني
أدم ..... )) مرت كلمات اثينا امام هاشم كالوميض لم ينتشله منها سوى
صوت بيتو الذى أرتفع مرحاً :
•إنها القسطنطينيه .
ألقاها وهو يطلق العنان لفرسه بإتجاه المدينه التى أضاف بزوغ الفجر عى
اسوارها البعيده بعداً آخر من الروعه مع ذلك الضوء الباهت الذى زينت به
السماء فى االفق البعيد .
*******************************************************
ألقى يورشى بعض االشالء االدميه إلى حيوانه االليف ذلك التنين ذو
الرأسين ، الذى التقطت كل رأس منهما قطعه من اللحم ، وعيون يورشى
ترمقه فى حنان وكأنه يتأمل طفله الصغير تنهد وهو يداعب رأس ذلك الوحش
قائالً :
•ما هى إال أيام يا صغيرى وسنحصل على ما حاربنا من أجله ..
لحظات قضاها برفقة تنينه الذهبى ، تحرك بعدها بإتجاه قصر هوتان ذلك
القصر الذى أصبح ملكه كما هو حال المدينه التى جعلها مركزاً لحكمه ،
برغم سنوات عمره التى تجاوزت الثمانون عقداً ظل يورشى محافظاً على قوته بفضل أسحاره ، من يراه االن بشعره االشعث وعيونه التى تحمل شرور
االرض لن يصدق أنه كان يوماً أحد رهبان عشيرة النور ......
ظل لسنوات يحافظ على أسرار عشيره النور ... محارباً قوي الظالم التى
تجسدت عبر العصور فى ملوك ينفذون مخطط كائن واحد ..... يبحثون عن الخلود والقوة يقتلون ويسفكون الدماء من أجل إرضائه ليمٌن عليهم بخلوده المزعوم ..... لم يكن عليه سوي أن ينقذ أحد أحجار العناصر من مقبره أحد
ملوك الفراعنه ....... هناك تغير كل شىء .............
*************************************************************
1342 – مصر
داخل ممر ضيق اكتسى بالظالم أخذ ذلك الشاب يركض فى سرعه ..... لم تتحملها رئتيه التى راحت تحثه على التوقف مرسله ذلك السعال الحاد
كإشاره تنبيه لما قد يحدث بعد ذلك .... وتحت وطأه االلم توقف بعد أن
تلفت محاوالً رؤية مطارده الذى أختفى وسط الظالم الدامس ، استند على الحائط البازلتى محتضناً ذلك الصندوق وهو يلهث من فرط االيعاء عندما المست قلبه تلك البروده التى يعرفها جيداً ..... برودة حصدت ارواح
اصدقائه بقبو المقبره الفرعونيه المتواجد هو بقربها .
•ليس هناك فائده من الهروب
مع سماعه لتلك الكلمات كاد قلبه يقفز خارج قفصه الصدرى الذى احتجزه وكأنه سجين يحاول جاهداً الهروب كانت احباله الصوتيه تجاهد ايضاً فى إخراج صرخات ضلت طريقها فى الخروج من حلقه الذى عانى من جفاف
يضاهى سنوات عزيز مصر العجاف .
•ال تخف فأنا اريدك حياً
مره اخرى تعالى ذلك الصوت ليغرق الشاب بأنهار من العرق وبصوت حمل
حشرجة الفزع أخرج كلماته بصعوبه قائالً :
•ليس لى دخل باألمر أقسم لك .
قاطعه صاحب الصوت الذى اشبه بالفحيح منه إلى صوت البشر :
•تقسم ؟؟؟ ال داعي لذلك .....فأنا أعدك بحكم عالم الفانيين .
كان يورشى الشاب يحاول سبر أغوار الظالم الدامس لرؤية محدثه بينما اكمل
ذلك الصوت :
•تحمل بين يدك اآلن العنصر األول .... عنصر النار ، بقى ثالثة
أخرون وتعرف اين تجدهم .... كل ما عليك هو إحضارهم وتالوة
الطقوس لتحصل بعد ذلك على مكافأتك ....
دقائق من الصمت مرت وكأنها قرون طويله عاد بعدها ذلك الصوت ليكمل :
•ليس هناك مجال للرفض ستحظى بكل ما تريده من نفوذ وقوه .
ايقن يورشى انه ال يوجد خيار أخر امامه سوى القبول .... للنجاه بحياته أخذ عقله لصوره أخرى ، صوره تمثل ما قد يحدث له إن رفض ذلك العرض
أحس بتلك االنفاس البارده تلفح وجهه مما جعله يرتعد بقوه فى خوف
مشيحاً بوجه وشفتاه قد أخذت تتمتم بصعوبه :
•سـ....سأفعل ما ... تريد .. اعدك بذلك .
أنتهت كلماته مع تلك القبضه البارده التى اخترقت صدره وراحت تتعمق أ كثر
فأ كثر بإتجاه قلبه ، شعر بآالم قوية ال يتحملها اي بشر كادت عيناه تخرج من
محجرهما عندما امسكت تلك اليد البارده قلبه ليسرى بنبضاته تلك البروده التى إجتاحت جسده مع كل نبضه يطلقها بإتجاه عروقه وشرايينه لم يتحمل
يورشى االلم الناتج عن تلك المعاناه فأغلق عيناه .
فتح يورشى عيناه فى تباطئ متحاشياً ضوء الشمس الساطعه ، استجمع قواه
وهو يقف مذهوالً محدقاً بما حوله ، كان يقف وسط صحراء قاحله انتشرت بها بعض نباتات الصبار على استحياء دارت عيناه بالمكان كثيراً راوده ذلك الشعور بأن محدثه ارسله لهالكه وسط الصحراء ليموت ظماً تحت الشمس
الحارقه ألقي بجسده ارضاً فى تهالك .... عندما باغته ذلك الفحيح مره
أخرى :
•ال تدع اليأس يتملك منك ، فأنت ستكون صانعه فى قلوبهم .
•اين انا ؟؟
•صحراء تاريم ،،،، مقبرة الطموح ..... ليس عليك اآلن سوى
الحصول على عناصرى الثالث األخرى بأى ثمن وبأى طريقه
...... و كيف•
قاطعه ذلك الصوت مره أخرى :
•هكذا
أحس يورشى باآلف الشفرات تغزو جسده ، راح ينتفض بقوه فبداخله بدء
شئ ينمو مواصالً طريقه إلى صدره عبر المرئ كره صغيره اخذت تعلو عبر حنجرته ..... حلقه ثم لفظها بقوه وهو يسعل أمسك صدره فى الم وهو ينظر إلى قطعة اللحم التى بدأت تكبر أمامه وتتخذ شكالً ما ، إنها ثعبان
ال بل ثعبانين بجسد واحد ...... صرخ يورشى :
•ماذا فعلت بى ؟؟
لم يتلق إجابه وهو ينظر إلى ذلك الشئ الذى أخذ ينمو متخذاً شكله فأمامه كان يقف تنين ذو رأسين كل رأس منهما اخذت تحدق به قبل أن يتقدم
ويلعق بلسانه المشقوق وجه يورشى وكأنه يقبل والده ......
إرتحل بجيشه مدمراً االخضر واليابس تاركاً وراءه الخراب والفوضى سنوات
أخذ يورشى فيها بتحقيق ما امره به سيده مستغالً قدرات السحر االسود التى مُنحت له كلما حصل على حجر من أحجار العناصر ، قاتل أمم بأ كملها مستغالً ضعف نفوس ملوك يبحثون عن المجد والسلطان إستطاع أن ينهى
حياة ماليين من البشر بلعناته وتلك المخلوقات التى أحضرها بفضل سحره
مستغالً أساطير البشر ليجسدها لهم .... من أجل خدمة الشر والظالم .
*********************************************************** القسطنطينيه اصبحت ، الشاحبه الوجوه به فاضت المدينه حاكم هو الحزن
تجسيد لألسى والحزن فقدت الطرقات البازلتيه بريقها واغلقت الحوانيت
ابوابها لم يكن هناك سوي تلك االجساد الهائمه التى تعبر الطرقات بإتجاه القصر الملكى ، إجتاز هاشم ورفاقه بوابات المدينه ليلفت انتباههم تلك
الوجوه البائسه والرايات السوداء التى رفعت فوق االبراج الضخمه الي جانب
اعالم العشائر وذلك العلم االزرق الذى يحمل شعار صار فى االونه االخيره رمزاً يعرفه الجميع ذلك الشعار الذى صار معلقاً برقبته فى قالده منحته إذن
الدخول للمدينه فور ما أن رأوها الجنود ظناً منهم أنه أحد قادة سرايا النوفا .
حملتهم خيولهم التى بدت كقوراب وسط نهر البشر المتدفق بإتجاه القصر
االمبراطورى ،راحت عيونهم تجول بإنبهار بالمكان الذي كثيراً ما سمعوا عنه .... بينما كانت التساؤالت تدق طبولها بداخلهم عن تلك الحشود وجائت
اإلجابه ..... عند رؤيتهم لما يحدث ..
أصطف جنود النوفا بدروعهم وخوذاتهم الفضيه التى عكست أشعة اشمس
فى بريق يغشى العيون تتوسطهم عربه حربيه يجرها ستة خيول سوداء زينت بالريش االسود والحلى الذهبيه ، حملت تلك العربه تابوتاً أخذ الطابع الرومانى بينما نقش على غطاءه الذهبى ذلك التنين المجنح بجناحى نسر
وحمل جسده رأس أرنب ضخم أختلف قليالً بذلك التاج الملكى عن شبيهه
التى نقش على الرايات الزرقاء .
شئ واحد سلب عقل هاشم بين الجموع التى بدأت فى التحرك مره اخرى
بإتجاه كنيسة آيا صوفيا ..... لم يكن يتخيل ما رآه أمامه حدثته نفسه كثير ًا
بأنه يهذى وأن ذلك ليس بواقع فقد كان عقله يحاول النجاه وسط االمواج
المتالطمه بداخله تلك االمواج التى راحت تتالحق فى سرعه كلما خفقت
الرايات ذات االلوان الحمراء والخضراء رايات حملت رسم لهالل كبير
بجانب كلمات كتبت بالعربيه كلمات حفظها عن ظهر قلب .....
•إنها مراسم تششيع االمبراطور روبن .
كالصاعقه جائت كلمات إليكترا التى حمل وجهها االسى ، كان هذا اخر ما
ينتظره هاشم ورفاقه ..... لقد حفر سوء الحظ خنادقه بداخل قلوبهم فها هو
من أتوا لمقابلته يخلد داخل تابوته وما هى إال دقائق وسيواريه التراب ....
ليترك لهم الحيره مره اخرى تقطع اوصالهم .
************************************************
داخل مقر ((عشيرة الجيرمان)) بإحدى ضواحى القسطنطينيه جلس شارلكان عاقداً حاجبيه الكثيفين حيث اخذ يبحث بخاطره عن أي سبيل للتخلص من ذلك التركي ، كان يعلم انه من المستحيل إزالة براق من الطريق ذلك التركى
الذى نصب نفسه وصياً على العرش حتى عودة نيها و الذى بدوره ليس له
الحق فى أخر عرش أوروبى .
بات من المستحيل سحق وتدمير االتراك العثمانيين المنتشرين بكتائبهم داخل وخارج المدينه ..... لن يحاول إستمالة أحد االتراك لألطاحه بقائدهم
الذى جمع شملهم بعد التشرذم الذى حدث بعد مقتل ( بايزيدا الصاعقه )
... كان شارلكان يريد الحصول على العرش االوروبى لنفسه عرش
القسطنطينيه التى كانت رمز ًا للمسيحيه وقبلتها لن يتركها لقمه سائغه يلوكها
االتراك العثمانيين ....
فى تلك اللحظات دخل إلى غرفته الكابتن (( سبورتك فيلوز )) القائد
المعين لعشيرة النوفا من قبل براق .... حمل وجه سبورتك إبتسامه صفراء
وهو ينتشل شارلكان من جموده :
•لقد استسلمت سمرقند .
تبدلت مالمح شارلكان ليتصارع الفضول واالستغراب ألحتالل قسمات
وجهه :
•متى حدث ذلك ؟
لقد وصلت الرساله منذ قليل إلى براق الذى أمر بتجهيز جيش العشائر
فسترداد المدينه من قبضة االمير ماردين
تعلى صوت شارلكان االجش فى غضب :
•لن أقف إلى جانب هؤالء األتراك فى الميدان .
مره أخرى وجدت أبتسامة سبورتك الصفراء طريقها على شفتيه وهو يقول :
•ومن يريد ذلك ؟؟
فهم شارلكان العجوز ما يرمى إليه ذلك الشيطان الصغيرالمسمى سبورتك
ورددت القاعه ضحكات تحمل الحقد والبغض للعثمانيين .
******************************************************
انتهى السلطان براق كما يحب ان يناديه الناس من مقابلة الوفود التى جائت لتقديم التعازى ، ليجلس بعد ذلك فى قراءة رسالة سمرقند التى حملت إستغاثه من اهلها وعشائرها إستنجاداً بجيش العشائر رسالة ذيلت بكلمات
تدمى القلب ولتلعلن استسالم سمرقند لجيش ماردين واللورد ياركن .
حمل براق مسئولية الدفاع عن القسطنطينيه وسمرقند فى إرث ثقيل تركه روبن الذى قتل بمؤامره خطط لها ابنه ماردين ... كما ان سرقة الحجر الرابع
تبعث الخوف فى القلب كلما تذكرها ، فما هى إال أيام ويستطيع " يورشى "
ان يسيطر على العالم الذى أصبح على حافة الهاويه كان يعلم بضرورة
استرجاع سمرقند قبل ان يصل الحجر الرابع ليورشى القابع بهوتان ......
لذا فال بد من التحرك السريع بإتجاه الشرق.
كان بٌراق يحث عقله على نسيان أمر القسطنطينيه فمن يعلم ما قد يأتى به
القدر ، كان عليه الدفاع أوالً عن سمرقند وإذا كُتب له النصر هناك فستخضع
كل المدن الباقيه لسلطته فهو سيكون " المنتصر الظافر " .... وعندها يتخلص من اي معارض قد يقف بطريقه ، لهذا قرر اإلستعانه بدرع أخر يحميه ويقف
إلي جانبه .
تحرك براق إلى غرفته حيث أخذ يخط رساله ما ، وما إن إنتهى حتى أعطاها
ألحد جنوده أمراً إياه بالتوجه لجهه لم يكن يوماً يتخيل أنه سيطلب منهم
العون .... أصبحوا هم أمله إن كانوا علي قيد الحياه .....
**************************************************************
ساعات أخذ هاشم فيها بالتجوال داخل المدينه حامالً صقره يستمع إلى
قصص الباعه والجنود الذى بدورهم تفحصوه جيداً مع القالده المعلقه فى
صدره ، مالمحه ليست أوروبيه على االغلب تركى هكذا أعتقدوا ..... حملته قدماه إلى البسفور متأمالً األطفال الذي أمتلئت وجوههم حيويه ومرح
والتى اكتست مالبسهم برمال الشاطئ .... لم يكن مثلهم ذات يوم يلعب
ويمرح وسط حروب االسترداد والمكائد االسبانيه وسط خوف أثينا عليه ، لم تتركه يوماً يلعب مثل باقى االطفال بسنه ، زرعت بداخله بذور العلوم والمعرفه أصبح فارس ال يشق له غبار ..... لم يختلف كثيراً هاشم ذو الست
سنوات وهاشم الشاب الناضج .....لم يترك هاشم عقله ينهار تحت وطأه
قذائف منجانيق اليأس الذى بدأ يتسلل إليه مع معرفته بموت روبن ، ترك الشاطئ خلفه وهؤالء الصبيه مازال ضجيجهم يطارده ، ليجه إلى القصر
االمبراطورى كان عليه مقابلة الوصى على العرش كان عليه معرفة المزيد ....
أراد هاشم أن يعرف تطورات االمور فهناك الكثير والكثير فاته منذ إنقطاع
األخبار عن الشرق وحتى وصوله القسطنطينيه ... أخذ يسترجع كل ما مر به
عندما قطع أحبال أفكاره صوت بيتو:
•أين كنت لقد بحثنا عنك فى كل مكان
•تجولت بالمدينه لبعض الوقت
إجابه مبهمه لم ترق لبيتو الذى أ كمل :
•إلى أين انت ذاهب ...... فالخان ليس بهذا االتجاه ؟!!!!!!!!!!!
جاوبها بحزم وهو يمضي فى طريقه :
•علينا مقابلة السلطان .
************************************************************
إستقبل براق الضيفين بمزيج من الشك والريبه حيث أخذ يتفحصهم لحظات
قبل أن يقول بالعربيه :
•ما قصتكم ؟؟
أجاب هاشم فى ثقه :
•هاشم االول ولى عهد غرناطه وهذا صديقى بيتو فرناندو دوق قشتاله
...
كانت الكلمات غير متوقعه لبراق الذى فغر فاه فى ذهول ، فأمامه يقف شاب أندلسى وأخر قشتالي يدعون انهم أمراء من تلك األراضي البعيده ... من
االندلس .
برغم ثيابهم الرثه ومالمح التعب التى تحملها وجوههم إال ان شىء بداخله
كان يميل إلي انهم يقولون الصدق لم يكن هناك بد من ان يترك تفسه
للفضول الذى انساب من عينياه وهو يسأل هاشم :
- هل مازالت هناك حضاره وبشر ؟؟ ومدن ؟؟
- لقد خرجنا بعد تدمير مدننا .... وجئنا لمقابلة االمبراطور روبن فنحن من
فرسان عشيرة النور ... جئنا لطلب العون لننقذ ما يمكن أنقاذه من أهلنا ....
- عفواً أيها األمير فأنت تعلم أن ما يحدث األن فى عالمنا يفوق قدره العقل
على تصديقه ... وكما اظن أنكم رأيتم من األهوال ما يكفي ... وتعلم ما
نحن مقبلون عليه .
أومأ هشام برأسه فى أشاره لفهمه األمور وبُراق يكمل قائالً :
- لن أستطيع أن ألقي بجنود العشائر فى مواجهه بعيده ومجهوله وال يعلم
نتائجها إال الله ..
ظهرت خيبه األمل على وجه بيتو الذي نظر لهاشم الذي كان بدروه قد امتقع
وجهه وبٌراق مازال يكمل :
- لكن أعدكم أني سأساعدكم بمجرد أنتهاء حملتنا على سمرقند وأستردادها
من جيوش الظالم ....
سكت لحظه ليتقدم واضعاً يداه على كتف هاشم ناظراً فى عيناه :
..... هاشم االمير أيها أنت سوي ظهري يحمي من أجد لن -
لم يفهم هاشم ما قاله بُراق الذي اكمل بهدوء وهو يمسك بقالده هاشم
المعلقه بصدره :
- ستكون قائد جُند النوفا ...... واآلن قصا علي عن رحلتكم ..
أخذ هاشم وبيتو يقصون ما مروا به خالل رحلتهم ، بينما برقت عينا براق وهو يستمع لقصة هاشم وبيتو ورحلتهم الطويله إلى القسطنطينيه ، وجود تلك
القالده الفريده جعلت براق يسبح فى بحر طموحاته فها هو القدر يمنحه قائد
لعشيره النوفا قائد شرعى يحمل قالده مثل التى يحملها نيها وروبن واراكيس
، أستمع لقصة هاشم وعقله يحدثه (( ان ذلك الفتى سيمنحه عرش
القسطنطينيه ..... ذلك الفتى سيبقى النوفا تحت قبضته ....
*******************************************************************
********
الفصل الثاني
*****************************************************************
" صيد الذئاب "
.....)) إليك يأتى تجعله أن هو الذئب لصيد طريقه أفضل ((
هذا ما تعلمه نيها على مر سنوات على أيدي روبن وخالل رحالت صيده ، كان عليه أن يطبق تلك النظريه فى الصيد ... فقد كان على درايه بمن يتبعه من خروجه من "دونهانج" ،قطع نيها وفرقته الصغيره جبال تيان شان طوال
أيام لم تعرف أعينهم لذه النوم والراحه ، كان أمامه هدف واحد "
القسطنطينيه " ولكن أوالً عليه التخلص من ذلك الذئب المدعو " ناشيك " ..
ليس هناك أمهر من الذئاب فى أقتفاء األثر قد تظل خلف فريستها طوال أيام دون كلل أو ملل ، كان ناشيك أحد ذئاب طريق الحرير عرفته كل المدن
البائده والتى مازالت قائمه ... لم يمتلك أحداً ما يمتلكه من موهبه وقدره
عاليه على أقتفاء األثار وتتبع القوافل ، حصل على لقب ملك الذئاب إلنتصاراته المتتاليه والتى منحته مكانه مرموقه وسط عشائر اللصوص وليصبح
بفضل كفائته المساعد األول لملكاه اللصوص وزعيمه عشائرها ( ليليتا )
.... فقد أصبح أسطوره الموت المؤكد بمجرد ظهوره بطرق الرحاله ، واألن
يريد أن تبقي سيرته المهنيه مشرفه ولتظل كذلك كان عليه التخلص من ذلك الشاب الذي ألحق به هزيمه موجعه منذ عده أشهر ، هزيمه جعلت منه أضحوكه وسط مجتمع اللصوص .... أصبح ما يحركه هو ذلك الغضب الذي
ينبض به قلبه وتلك الندبه التى تركها نصل ذلك الصينى بوجهه لتذكره دوم ًا
بمرارة الهزيمه ولترسم فى مخيلته ما ينتظره إذا هُزم مره اخري .....
.... فقط واحد خيار سوي هناك ليس
... الصينى المقاتل ذلك برأس والظفر النصر
أسدل الليل ستائره السوداء المرصعه بأالف النجوم فوق صحراء " تكالمكان"
التى شهدت نشاط فى تلك الواحه الصغيره حيث أنهمك " زوال " في إشعال النيرات بينما أخذ " نيها " وبقيه رجاله فى وضع اللمسات األخيره للمخيم
الذي سيؤيهم الليله .
كانت ترصدهم عيون من أعلي هضبه صغيره بالقرب منهم ... عيون ذئب
أشتهي الدماء :
- سننتظر خلودهم للنوم وعندها سنمحو ذكراهم من الوجود ..
قالها ناشيك وهو يتابع كل حركه بالمخيم الصغير ... أ كمل حديثه الموجه
لفرقته قائالً :
- ال خيول ال همسات ............ ال أحياء .
كانت تُذيل كلماته إبتسامه صفراء زادته قبحاً ...
إبتسامه ذئب ظفر أخير ًا بطريدته .
*****************************************************
**************************************************************
توقف الزمن داخل غرفه ماردين الذي كان يقف والى جواره خليلته وقد
جحظت عيناهما فى محاوله لعدم تصديق ما يروه ....
آالف المشاعل أضائت ظلمه الليل .... صفوف منتظمه أخذت فى السير
بإتجاه سمرقند .... جيش جرار يتقدم فى ثبات مطلقاً أبواق أختلطت بقرع
الطبول .... كان جيش العشائر قد وصل إلي صحراء سمرقند ....
أخذ بيتو يصيح فرحاً بين صفوف الجند :
- إنها سمرقند ..
فعلى بعد كانت تبرز أبراج وأسوار وقد زينتها مشاعل عمالقه ، لم يتخيل بيتو
يوماً أن يجد نفسه بتلك األراضي البعيده كل البعد عن دياره لم تستطع أ كبر
أحالمه أن تصل به إلي هذا الحد .... فها هو يسير وسط خمسون أل مقاتل
من شتى أنحاء المعمورة أو ما تبقي منها .
في تلك األثناء كانت إليكترا تتابع بنظراتها (( هاشم )) الذي كان يتقدم
الصفوف إلي جانب قاده العشائر مرتدياً درع ليس له قرين بين رفاقه ... درع حمل نقوش عربيه وزخارف إسالميه .... زي أشتهر به محاربين من
جنوب غرب أوروبا ... زي أندلسي .
- وسيم أليس كذلك ؟؟
أنتزعها صوت بيتو من أحالم يقظتها لترمقه بغضب واضح وهي تقول :
- هل أصبحت تهتم بأمور الفتيات ؟؟
ضحك وهو يحاول تقليد تجهمها :
- وأين هم الفتيات ؟؟؟
لم تكد تفتح شفتيها لتنطق بشىء ما حينما فاجئها هو مسرعاً :
- ألقاكي فى سمرقند أيتها األوزة .
أنطلق بعدها بفرسه تاركاً إليكترا خلفه وقد أمتزجت مشاعرها بين الخجل
والدهشه وذلك الشعور بالغضب منه.... بينما كانت تتابعه بنظرها كان هناك
شخص أخر يرمق ذلك الشاب المرح بمزيج من البغض والكره . كانت عيون شارلكان تتابع بيتو المنطلق متخطياً الصفوف األماميه ، أنه عقبه
فى طريقه فذلك المهرج القشتالي أستطاع أن يُفشل محاوله إغتيال (( هاشم
األول )) لينتهي األمر برأس " سبورتك فيلوز " معلقاً على أحدي الرماح ... كم كان يتمنى إنقاذه ، كان من األفضل أن يتنهي أمره سريعاً قبل أن يشى به
إلى السلطان بُراق .... لتصبح رأسه هو األخر معلقه بجانب تلميذه القتيل .
- لكم أ كره هؤالء األتراك .
- سيدي هل هناك شىء ؟؟.!
أنتبه شارلكان فجأه وهو ينظر لمساعده في تساؤل ... فقد كان صوت أفكاره
قد تجاوز حلقه أخذ يتلفت فى ذعر ليتأ كد أن أحداً لم يسمع ما تمتم به :
- ال شىء .
أطبق فمه فى غل وصمت وهو ينظر إلي رايات الخالدين التى أرتفعت خفاقه
لتعطي األمر ببدء الحصار على سمرقند .
*****************************************************
في تلك األثناء وعلى بعد آالف األميال كان ناشيك ومجموعته تتسل إلي مُخيم " نيها " ، تحركت الظالل فى خفه ورشاقه حول الخيام المتناثره فى
إنتظار إشاره ناشيك الذي وما إن أعطي األمر لرجاله ببدء الهجوم بدء
مجموعه منهم فى الدخول إلي الخيام .... ولكن لم يكن أحداً بالداخل .. أما فى الخارج فقد فهم ناشيك ما حدث فقد كانت إشارته هي نقطه البدء لحصاره هو ورجاله ، ليصبح هو ورجاله محاصرين من جميع الجهات برجال
نيها ، لقد أصبح الصياد هو ا الطريده وسقط بعض من رجاله بفضل أسهم
أنطلقت تحصد أرواحهم ... بينما حل الفزع يزلزل قلوب البقيه الذين اخذوا
فى التراجع وناشيك يصرخ فيهم :
- أثبتوا أيها الجبناء يـ.....
إبتلع ناشيك ما تبقي من جملته وهو يحدق بنيها الذي وقف أمامه وكأنه ظهر
من العدم ، رأي فى عيناه الموت رأي نهايته المحتومه ، ولكن هيهات ليس
هو من يستسلم للموت كالخراف بل هو من يقبل على الموت كاألبطال ...
(( برغم أن الذئب سقط بالفخ وبرغم أنه محاصر إال أنه ال يزال شرساً وخطر ًا
))
(( لن يستسلم الذئب ))
هذا ما قرأه نيها بعينى ناشيك الذي حمل وجهه إبتسامه صفراء توحي بالظفر
، لقد قرر الذئب الهجوم وليس الدفاع وهذا ما ترجمته ضحكه ناشيك
الساخره التى اطلقها لتكسر صمت المكان :
- هل تظن أن ناشيك يخسر بهذه السهوله ؟؟؟ يبدو أنك مازلت صغيراً يا
.... هذا
فى تلك اللحظه الذي ختم فيها كلماته الساخره كانت هناك فرقه أخري من
فرق ناشيك تحيط بنيها ورفاقه ، ليصبح محاصراً بين ناشيك وما تبقي من
رجاله وتلك الفرقه الثانيه التى أحاطت بهم جميعاً . توقف المشهد إال من تراقص النيران التى كانت تشبه مثيلتها بقلب نيها الذي
وقف يتأمل ناشيك المبتسم فى زهو ، كان يعتقد قبل قليل أنه المنتصر وأن ما
خطط له يسير على النحو السليم ولكن لم يكن يعلم أن عدوه محارب بارز ال
يشق له غبار " تأتي الذئاب من حيث ال يتوقع الصياد " .
قطع صوت ناشيك األجش سكون الموقف :
- ألقوا أسلحتكم واعدكم بأن الرحله إلي الجحيم لن تؤلمكم .
لم يبالى زوال بكلمات ناشيك فقد كانت عيناه تتجول بوجوه محاصريهم وما
إن إلتقت عيناه بعينى نيوكر حتي قال هذا األخير :
- إذن فلنذهب جميعاً للجحيم .
كانت كلماته إذن ببدء المعركه الغير متكافئه ، في سرعه كانت الفوضي هي من تسيطر على المكان قتال دموي أرتفع فيه صوت السيوف وصيحات األلم بين الجميع ، أخذ نيها فى البحث عن هدف واحد " ناشيك " الذي كان
يتحرك مطيحاً بالرجال بين قتيل وجريح ويصيح بصوته األجش :
- أذبحوهم جميعاً ...... ال أسري ال أحياء .
لم تكن المعركه بحاجه لصياحه فقد كانت معركه حياه أو موت ...
أنقض نيوكر على ناشيك ضارباً درع األخير عدة ضربات متتاليه دون جدوي
فقد ركله ناشيك بصدره ليسقطه أرضاً وَهم باإلنقضاض عليه عندما جائه زوال قافزاً ليحول بينه وبين نيوكر الذي استغل الموقف و وقف مره أخري علي قدميه متحدياً ناشيك الذي حرك رأسه يميناً ويساراً لتصدر قرقعه قويه قبل أن
ينطلق لمهاجمتهم .
ما حدث بعد ذلك قد يكون أنقذ الجميع من موت محتم .... أو أنه هو الموت الذي سئم المبارزات الطويله بين الطرفين ، فقد اهتزت األرض بشده تحت أقدام الجميع و راحت سحابه من الغبار ترتفع وسط صيحات األلم
وأنين الجرحي ... صهيل الخيول الفاره من داخل تلك العاصفه الهوجاء ....
بعد ذلك صمت مطبق ..... وسرعان ما خمد ذلك الغبار ليكشف عن أرض
خاليه من األحياء و األموات .
*******************************************************************
حلق الباشق باسطاً جناحيه فوق سماء سمرقند أخذ يدور فوق المدينه
المحاصره بجيش العشائر التى راحت كتائبه فى اإلنتشار لتحكم الحصار ،
أستغرق األمر ساعات فمنذ قدومهم فجراً وحتى الظهيره كان الفرسان يتممون الحصار حول المدينه العمالقه ، كانت سمرقند تشبه الحلقه حصن دائري عمالق تزينه ثمانيه أبراج ، بكل بوابه برجين عمالقين يحملون قباب زرقاء تمركز بداخلها الرماه وبعض الجنود ، أما ما يحيط بالمدينه فهي الصحراء
شماالً وجنوباً وغرباً أما فى الشرق كانت المراعي الخاصه بالمدينه .
تحرك هاشم متفقداً الجنود وسط مالحقه األعين له ، تبدو عليه الهيبه فى
زيه األندلسي لم يبالي بالوجوه التى راحت تتفقده فى صمت حمل بعضها
المقت واألخر الفضول فهو من قطع رأس قائدهم األسبق " سبورتك فيلوز " لتمرده ومحاوله قتله ، كان يعلم ما يدور بعقولهم وأن السواد األعظم منهم يرفض أن يكون تحت إمره قائد عربي ... تمني البعض عوده نيها والبعض
كانوا يفكرون باإلنضمام لماردين بل أقتنع أ كثرهم بأن ما يصنعه ماردين هو
الفعل الصائب .
بخطوات واثقه دخل هاشم ومن خلفه أحمد وإليكترا إلي خيمه القياده حيث
كان ينتظرهم " بُراق " الذي أستقبلهم بإبتسامه عريضه :
- كيف صارت األمور ؟؟
خلع هاشم خوذته الفضيه لينساب شعره األسود الفاحم وهو يقول :
- أتممنا الحصار حول المدينه .. وقد بدأت عشيره المجريين بنصب
المنجانيقات .
- عظيم .... والنوفا ؟؟ّ!
أجاب هاشم وقد فهم ما يرمي إليه براق :
- ال تقلق بالنوفا فسوف يتقبلون األمر ولكن ليس سريعاً فكما تعلم أنهم
بيزنطيون وال يحبون كل ما يَمت للعرب أو المسلمون بصله .
أومأ بُراق برأسه قائالً :
- أتمني أن يصبح كل شىء على ما يرام ...
نهض عن كرسيه وهو يكمل :
- دع الجنود تأخذ قسطاً من الراحه فأمامنا أيام شاقه مـ........
بتر حديثه مع دخول أحد الحراس إلي الخيمه وقد أثمرت أشجار الفزع
فى توتر :
سيدي
بوجهه قائال
-
بحذر يملئه الفضول قال بُراق :
- ماذا هناك ؟؟ّ!!
تلعثم الحارس وهو ينظر فى وجوه الحاضرين ليقول :
- عشـ....يره الجيرمان .
صاح فيه بُراق بغضب :
- ماذا بها أيا األحمق ...
- إنهم يرحلون .
أطبق الصمت فكيه على عقول الحاضرين فلم يكن أحدهم يتخيل ما يحدث
، لحظات قبل أن يخرج الجميع من الخيمه لتقع أعينهم على كتائب الجيرمان
التى راحت تتقدم بإتجاه أسوار سمرقند وأعالمهم البرتقاليه تخفق عالياً .
*******************************************************************
**********
رددت جدران القلعه ضحكات ماردين الشيطانيه اخذ يطلق العنان لفرحته
التي غمرت قسمات وجهه ، فها هو يسقي عدوه كأس الهزيمه قبل ان تبدأ المعركه ، لقد تقلص عدد محاصريه بإنضمام عشيره الجيرمان لجيشه المدافع عن المدينه .... وليصنع ثغره فى الحصار الذي لم يكتمل بفضل
خطته الشيطانيه .
ما إن أقتربت كتائب عشيره الجيرمان من بوابه سمرقند الغربيه حتى أشارات
ليليتا للجنود بفتح البوابه العمالقه ، كانت تنقل بصرها بين البوابه التى راحت تفتح فى بطىء وبين ماردين الذي أخذ يضحك ضحكات هيستيريه
قائالُ :
- ألم أقل لكِ أن هناك مفاجأه .
تبسمت مجمامله إياه وقد زادت يقيناً أن ذلك الشخص أ كثر أهل األرض
جنوناً رجل تفوق دهائه على الشيطان نفسه ، كانت ترمقه بنظرة انثي أعجبت بذلك المجنون فقد تفوق عليها شراً وجنوناً ، أعتلي ماردين السور بحركه
مسرحيه وهو يلوح لشارلكان الذي كان يعبر البوابه متقدماً جنده .
وقف ماردين ينظر بإتجاه األعناق المشرئبه على الجهه المقابله وعيناه
تحاول رصد شىء واحد ... بُراق الذي كان يقف والى جانبه قادة جيشه ...
إبتسم ماردين وهو يتمتم :
- مرحباً بك فى جحيمي أيها التركي .
****************************************************************
أختلطت األصوات داخل خيمه القياده بعضها بالصياح واألخر ينهال
بالسُباب على شارلكان وما فعله وسط ذلك الصخب ظل هاشم صامت يجوب الوجوه فى صمت عندما قرر إنها تلك الفوضي وتلك المحادثات التى
ال طائل منها ، نهض عن كرسيه قائالً بصوت قوي :
- هل أنتهيتم ؟!
تحولت الوجوه إليه فى إستغراب وحاول البعض أن يقول شىء ما ولكن
هاشم عاجلهم :
- أضعنا الكثير من الوقت بالعويل وإطالق اللعنات والوعيد على شارلكان
... أال تظنون أن هذا ما يريده عدونا ؟؟ .... نعم يريد أن نُشتت ونبكي على
لبن قد سٌكب ... يا ساده نحن األن فى حصار قد يوم ألشهر .... وكل ما
يدور بخلدهم اآلن هو أن نظل هكذا وأن تمنعنا أسوار المدينه فنفقد األرواح واألمل وعندها تأتي اإلمدادت لهم ونكون نحن قد أصبحنا لقمه سائغه
تلوكها أسنانهم وتدهسنا خيولهم ..... كفاكم عبثاً ولنفتح المدينه .
إذا تحدثنا عن اإلنبهار فهو ذلك الشىء الذي سيطر علي أجساد الحاضرين
فأمامهم شاب لم يتجاوز عمره نصف أعمارهم يخطٌب فيهم بمحاضره عن الثبات والنصر ، أما بُراق فقد جلس والفخر يمأل وجدانه فهو من جعل ذلك
الفتى قائداً مؤقتاً لعشيره النوفا ...
كان هاشم يكمل فى حزم :
- الحصار ال يزال ناقصاً ببقاء الجهه الجنوبيه خاليه .... سنتركها كما هي
ولن ندفع بأي من كتائبنا إلي هناك فلنجعلها ثغره لنا وليس علينا .
عقد " شاندوين " قائد عشيره المجريين حاجبيه محاوالً فهم ما يرمي إليه
هاشم :
- كيف ذلك أيها الشاب ؟
تابع هاشم وهو يستدير لمواجهه شاندوين :
- سنجعلهم يظنون أن تلك الثغره هي نقطه ضعفنا فيأتوا إلينا عبرها وعندها
.... نمطرهم بسهامنا من الجانبين ...
لم ترق الخطه إلي شاندوين أو باألحري لم يفهمها فتح شفتيه ليقول شىء ما
عندما أكمل هاشم :
- كل ما علينا فعله هو إجبارهم على الخروج عبر البوابه الجنوبيه ولن يتم
ذلك إال بتكثيف هجومنا شرقاً وغرباً ...
- وإن لم يخرجوا ؟؟؟
ألقالها بُراق وهو يلوح لهاشم الذي فهم ما يرمي إليه السلطان التركي " فقد كان بُراق يريد منه أن يشرح باقي خطته ...... " أخذ هاشم يتحدث وقد تعلقت به عيون قاده العشائر فأمامهم شاب أخذ يرفع
من معنوياتهم ويشد أزرهم يبشرهم بالنصر إن صبروا ....
****************************************************************
وسط الخيام المتناثره بالمعسكر الشرقي لجيش العشائر .... أخذت اإلشاعات فى اإلنتشار كما تنتشر النار بالهشيم ... األحباط واليأس يحاوالن
طمس الوجوه كان هذا ما يراه بيتو بوجوه الجنود لم ينزع عنه قبعه الشرود
سوي صوت إليكترا الناعم :
- تري ماذا يدور األن بخيمه القياده !!
لم يجيبها وهو يلقي قطعه لحم إلي الباشق الذي تلقفها واخذ يقطع بمخالبه
ويلتقم منها ... في حين تابعت إليكترا :
- يبدو اننا أتينا لهذه البالد لندفن بها .
إبتسم بيتو وقد علم أن ذلك الشبح المسمي اليأس بدء بالتسلل الى قلوب
أزرها: شد محاوالٌ فقال رفاقه
. االوزه أيتها ديارنا إلي سنعود -
لم يكن هذا بيتو الذي تعرفه ، ليس هو ذلك الشخص الذي يمأل المكان
مرحاً ، حاولت سبر اغواره وهو يداعب صقر هاشم عندما جاء صوت أحمد :
- كيف الحال يا رفاق ؟
قالت إليكترا التي كانت تنتظر سماع ما حدث فى اجتماع القاده :
- ماذا حدث هناك .....
- ال شىء
- كل هذا الوقت وتقول ال شىء !!
خلع أحمد درعه وهو يقول :
- غداً سيبدأ الهجوم على سمرقند .
أتسعت عيناها وراح قلبها يخفق بقوه كانت تعلم أن الحرب أتيه ولكن هذه
المره ستكون هي بداخلها ... لم تنتبه لصوت بيتو الذي كان يخاطب أحمد والذي بدوره كان غارقاً فى بحر التفكير ، أشتاق لوالدته ... فها هو مُقبل على حرب ضروس لم تكن بحسبانه يوماً ، اخذ يتذكر تلك الصرخه التى
اعقبت هروبهم من السفينه الملعونه .... ميزها ولكنه كذب عقله يومها ...
صرخه حاول أن يطرد فكره من صاحبها من رأسه ولكنها مازالت تطارده .
********************************************************
قد يأتي عليك وقت ما ال تشعر فيه بالزمن تستيقظ لتجد نفسك بمكان ال
تعرف كيف ومتي جئت إليه ولوهله يحدثك عقلك بأنك فى العالم األخر قبل
ان يبدأ فى نسج شِباك الوهم والتخيالت .... هذا ما حدث لـنيها . فى تثاقل فتح عيناه محدقاً فى السماء .. ولكنا ليست مثل أي سماء يعرفها
ليست زرقاء ونجومها تحمل مزيج من األلوان البراقه .......
(( ليست الجنه و ال تشبه الجحيم )) حاول النهوض متحامالً على آالم جسده .... اللعنه على تلك المعركه األخيره يبدو أن الموت أ كثر صعوبه مما تخيلت .... نعم أنه العالم األخر ... ال أحد
. أعداء ال .... حياه ال .... رفاق ال ... سواه
(( أين الجميع ؟؟؟ ))
فقط أشجار ذات جذوع زجاجيه تشع ضوءً خافت بدد ظلمه المكان ....
تحت أقدامه تربه رطبه .. أنحني ليقبض على حفنه من الثري األحمر ....
- أين أنا ؟؟؟؟
أخر ما يذكره هي تلك الهزه األرضيه والتى صاحبتها عاصفه الرمال ...
- زوالااااااا .....
أجابه صدي صوته الذي أخذ يتردد لبضع ثوان ...... تري أين الجميع ؟؟؟
لم يكن أمامه سوي البحث عن أي شىء قد يجيب تساؤالته ، بعد وقت من المسير كان توقف أمام ذلك الممر الضيق الذي يتشعب مكوناً ثالث طرق
ال وهو يتقدم إلي الطريق االوسط فى حذر ، كان حدثه بذلك حثه على الولوج إلي ذلك الطريق
منفصله ، لم تدم حيرته طوي عليه المضي قدماً شىء ما
وعلى الضوء الخافت اخذ يشق طريقه بحذر نحو المجهول .
لم يدري كم من الوقت أخذ فى السير عبر ذلك الممر الضيق فقد تبدد اليأس رويداً مع رؤيته لذلك الضوء الساطع فى نهايه الممر ... سرعان ما ضرب
اليأس قلبه مره أخري وتبدد ذلك األمل بداخله فهو يعود مره أخري إلي نقطه
البدايه .... أو أنها تشبهها ...
(( يا إلهي ماذا تفعل بي ))
يبدو أنها متاهه صنعت خصيصاً لتفقدني الصواب ....
ما هذا الصوت ؟؟ ....
نعم إنها صوت أقدام ... هناك من هو قادم ....
أستتر نيها بين الجذوع المضيئه وهو ينتظر لرؤيه القادم الذي ما إن وقعت
عيناه عليه حتى تهللت أساريره فقد كان ذلك " نيوكر " أخذ يخطو بحذر وقد
كسيت مالبسه باللون االحمر لون الدماء ، خرج نيها من مخبأه قائالً :
- نيوكر أين كنت وماذا حل بك يا صديقي ؟؟
بعيون شارده ووجه مخطب بالدماء قال نيوكر فى تهالك :
- أنه الجحيم يا نيها ....
أرقده نيها وهو يمسح الدماء عن وجهه ... محاوالً طمئنه رفيقه الذي كانت
هيئته توحي بأنه رأي من األهوال ما يكفي :
- قص على ما حدث
وبصوت خافت بدأ نيوكر :
- هناك شىء ما يطاردنا لم أري سوي لهيبه ونيرانه لقد ذبح ما تبقي من
رجال النينجا دون هواده ... ألقيت بجسدي وسط األشالء والجثث حتى
رحل .
- وأين هو األن
لم يجب نيوكر على سؤاله فقد كان بعالم أخر ..... فقد الوعي من فرط
االهوال التى رأها ... ليترك نيها مره أخري بين جبال القلق والغموض .
***************************************************************
داخل غرفه زينت جدرانها بشتى أنواع األسلحه وبعض رؤوس الحيوانات و
أحتل أحد أركانها تمثال ذهبي كبير " لتيمور لنك " ، جلس ماردين رافعاً قدماه على طاوله خشبيه فى غرور غير مبالي بشارلكان الذي كان يقف أمامه
فى تململ واضح ... كان شارلكان يرواده ذلك اإلحساس بأنه ال شىء مجرد
خائن لجيس العشائر ألقي بنفسه فى أحضان ذلك المغرور ماردين الذي ال
يعطيه من األهتمام سوي قدم رفعت فى وجهه .
ألقي ماردين بكأسه بعدما تجرع ما فيه دفعه واحده قام بعدها متجهاً إلي
احدي النوافذ قائالً :
- أستطيع أن أري النصر من هنا .
ألتفت إلي شارلكان الذي أخذ ينظر له فى أهتمام مصطنع وهو يكمل :
- أستطيع أن أري وجه ذلك التركي األن ..... أيام وستصل المخطوطه إلي
حليفنا وسيأتى بعدها النصر ..... وحتى هذا الوقت ليس علينا سوي الصمود
...
هنا قرر شارلكان الحديث بصوته األجش وفم ال يكاد يري من كثافه شاربه
: ولحيته
؟؟ العربي الفتى ذلك عن وماذا -
عقد ماردين حاجبيه وهو يتقدم بإتجاهه :
. أمره ستتولي أنها قالت فوالدتنا تقلق ال ..... !؟ به ماذا -
سكت قليالً وهو يدقق النظر بعيني شارلكان ليقول فى صوت أشبه بالهمس :
- هل تخاف منه .؟!
حاول شارلكان قول شىء ولكنه فوجىء بيد ماردين توضع على فمه وهو
يقول :
- لوال غباء تلك الملعونه أيفي لكان أمره منتهي منذ زمن بعيد .... ولكن إن
لم يمت بيد الوالده فستكون نهايته على يداي .
أنهي كلماته وهو يتجاوز شارلكان الذي وقف فاغراً فاه فى محاوله لفهم ما
قاله ماردين ... يبدو أن الكثير قد فاته لم ينتبه لماردين الذي خرج من
الغرفه ليتسللها صوت الموسيقي الصاخبه وضحكات السكاري .... جائه
صوت ماردين :
- هيا لنحتفل بالنصر القادم .
أنصاع شارلكان الى ما قاله ماردين ... وانضم للحفل ومازال عقله يبحث
عن مخرج مما صنعت يداه ... فالموت المحتم بإنتظاره إذا ما هُزم جيش
ماردين .... ليس عليه سوي القتال والقتال حتى النصر . قضي شارلكان وقته فى الحفل الصاخب جسداً بين السكاري والراقصات التى راحت تتلوي كأفاعي راحت تنثر سمومها بالعقول ، أما عقله هو فقد
.. ماردين قاله حرف كل يراجع كان
عن تلك التى تسمي الوالدة .... لقد ذكرها ماردين أ كثر من مرة هي
ومخدومتها التى تدعي أيفي تري من هم ؟؟؟ كيف سأحارب إلي جوار تلك األجساد الباليه والمومياوات ذات اللحوم المهترئه ... فجنوده يخافون من ذلك المدعو ياركن وجيش الموتي الذي
يملكه والذي يتخذ من بوابه الحصن الجنوبيه مركزاً له " ليتنى لم أتخلي عن
جيش العشائر " لقد فات وقت الرجوع والندم كم أنا غبي .... يبدو أنني سأدفع ثمن ما
أقترفت يداي ....
قطع صوت ليليتا أفكاره وهي تميل عليه فى دالل قاتل :
- لماذا ال تحتفل بالنصر ؟؟
ضحك وهو يرفع كأسه أمام وجهها :
- ومن قال هذا ؟؟؟ اليوم نحتفل وغداً ننتصر .
لم يكن على يقين بتلك الكلمه االخيره فقد كان يقول بداخله " غداً نموت "
*******************************************************************
ال يبدو أن هذا المكان يعرف ما يسمي بالوقت أو الزمن ، فقد نيها
اإلحساس بالوقت فال شىء يدل على الوقت ال شمس ال قمر ال شىء عدم
.... مرصع بمزيج من األلوان البراقه ، كان عليه أن يبحث عن مخرج ولكن
كيف ونيوكر مازال فاقد الوعي ....
حمل نيها جسد نيوكر وراح يخطو عبر ممرات ذلك المكان المجهول (( كم
أنت ثقيل )) .... مر وقت منذ ان أستراح أخر مره .... (( إنها نهايه الطريق
)) حدثته نفسه بذلك عند رؤيته لذلك الضوء الغريب المشع عبر نيها إلي دائره الضوء ..... ليجد نفسه فى مكان يشبه كثيراً الغرفه الكبيره التى كان بها ولكنه مضىء أكثر من سابقه نفس األشجار ذات الجذوع المضيئه ولكن
هناك بركه من المياه تتوسطها شجيرات صغيره اختلفت ألوانها أحاطت بتلك
البركه ، أرقد نيوكر الذي بدأ فى استعاده وعيه ، تقدم بإتجاه شاطىء البركه
ماداً يداه ليشرب و ...
- توقف ال تشرب .
كان ذلك صوت نيوكر الذي حاول النهوض فى تهالك وهو يكمل :
- ال تلمس تلك المياه فهي أسيد قاتل .
ألتفت نيها مره أخري لبركه المياه مدققاً النظر فيها ليري ما لم يره منذ قليل ،
كان يرقد بقاعها عظام بشريه ...... نعم عظام بشريه ترقد بالقاع وبجانبها سيف راح يعكس الضوء .... سيف
حمل نقوش عشيره النينجا ، هنا جاء صوت نيوكر :
- رأيت بعيناي ما حدث لذلك الشخص الراقد بالقاع
سكت لحظات وهو يقول (( ال سبيل للخروج من هنا )) عاد نيها إلي حيث
يجلس نيوكر :
- بل هناك طريق للخروج فنحن لسنا فى الجحيم فليس الجحيم بهذه الروعه
.
- نيها لقد أنتهي أمرنا و ....
أبتلع باقي جملته وقد تحول وجه الى لوحه من الفزع والرعب .... مما جعل نيها يلتفت فى سرعه ليري سبب فزع رفيقه .... وحينما وقعت عيناه على ذلك الشىء كان حاله يماثل حال نيوكر الذي كان ينهض ساحباً سيفه من
. رعباً كوابيسهم أسوأ ليواجه ... غمده
*******************************************************************
- المواجهه -
؟؟ الجحيم أهل ..... يوماً رأيت هل
؟؟ يكونون كيف .... بعقلك خطر هل
وقف نيها محملقاً فى ذلك الشىء أو باألحري ذلك الشخص الذي يقف أمامهم .... مشتعالً ، جسد أجتاحه اللهيب الموقد عينان يشعان باللون
األحمر القاني وأنساب على يداه شىء يشبه الحديد المصهور اخذ يتحرك
كحمم بركان حول ذراعاه حتى مالبسه كانت وكأنها صنعت من النيران ، كان يتفحصهم فى فضول محركاً رأسه يميناً ويساراً ، كادت حراره نيرانه تلفح
وجوههم برغم المسافه التى تفصلهم عنه ..
(( إننا بداخل حلم ... ))
- ال بل أنه الواقع .
فوجىء نيها بتلك الكلمات والتى كانت رداً على ما حدث به نفسه ، انتفض جسده اكثر مع اقتراب ذلك الشخص والذي بدا وكأنه خرج لتوه من الدرك األسفل للنار ..... أخذ يلوح برمحه الذي ال يقل لهيب عن باقي جسده وهو
يقترب اكثر فأ كثر قائالً :
- مر وقت منذ أن حظيت برفقه ....
كان صوته هذه المره اقرب للهمسات األغرب من ذلك انه لم يكن يفتح شفتاه حين تكلم ، اخذ يدور حولهم لحظات قبل ان يغرس رمحه الناري فى
األرض قائالً :
- عاده ال أسأل من أنتم ؟؟؟ ولكن تلك حاله إستثنائيه فحينما رأيتك تنقذ
صديقك أثرت فضولي .... كنت أظن أن بهذا الزمن ليس هناك شىء يدعي
صداقه .
كان يوجه حديثه إلى نيها الى أختلج قلبه بين الذعر وبين عدم التصديق مما
يراه ويسمعه و توترت أصابعه على مقبض سيفه بشكل مالحظ ...
- لم أنتم هنا ؟؟؟
حاول نيها جاهداً إخراج الكلمات من حلقه وهو ينقل بصره بين نيوكر الذي
بدا األعياء يظهر على وجهه وبين المشتعل الذي اقترب منه حتى أحس
بلهيب أنفاسه يلفح وجهه ، أستجمع نيها قواه أخيرا وهو يقول :
- ال نعلم أين نحن و....
بتر كلماته وهو يتابع عينا ذلك الشىء والتى كانت تتفحص شىء ما بصدره
... كانت قالده عشيره النور الخاصه بنيها هي ما يأخذ عقل ذلك المشتعل
.... شىء ما حدثه بالطمأنينه عندما تالقت عيناهما وذلك الشىء يقول :
- من أين لك بهذه القالده ؟؟
فى تلك اللحظه التى كان ينهي فيها سؤاله كان يقبض بأصابعه المشتعله على
قالده نيها والتى ما إن المسها حتى سطع ضوء أغشي العيون وانتفض بفضله
كل ما هو ساكن بذلك الكهف ، أخذ ذلك المشتعل يتوهج بفضل موجات الضوء الصادره عن تلك القالده .... وخمدت النيران ليظهر ذلك الشخص
بهيئه الطبيعيه .....
والذي ما إن وقعت عينا نيها عليه حتى أهتز كيانه ....
***********************************************************
أخذ اللون الوردي فى احتالل السماء معلناً عن قدوم الفجر فوق ساحه معركه تراصت فيها فيالق جيش العشائر في إنتظام مستعداً لبدء هجومه األول على سمرقند ، كان بُراق يعلم أن الشمس ستكون عدوتهم فى ساعات النهار
األولي فما هي إال دقائق وترتفع لترتقي فوق الجدار الغربي ولتكون فى
مرمي عيونهم ، أختياره للبوابه الغربيه كان بناءً على خطة " هاشم " الذي تمركز مع جنوده شرقاً محاصراً البوابه الشرقيه للمدينه والذي ستكون الشمس
فى تلك المنطقه حليفتهم .
أختلف األمر داخل سمرقند خلت الشوارع من أهل المدينه واخذت فرق
الموت تبحث عن أي شخص قادر على حمل السالح .... أجبروا الكثير على حمل السالح عنوه أخرجوا الفتيان من منازلهم ليحملوا أقدار الزيت إلي األسوار حيث أنتشرت جنود النينجا على أسوار الجانب الغربي فى مواجهه
كتائب الخالدين وعلى الجانب الشرقي كان شارلكان يقف حامالً فأسه مدقق
النظر فى معسكر النوفا الذي لم يستعد للمعركه بعد وهو ما أثار قلقه وريبته ،
أما خلف البوابه الجنوبيه فتمركز ياركن ومومياواته .
مع أرتقاء شمس الصباح لألسوار حتى أعطي بُراق األمر ببدء الهجوم لتنطلق
قذائف المنجنيق تشق السماء بإتجاه أسوار المدينه ، حاله من الذعر سببتها
القذائف حينما أرتطمت بالجدران الحجريه ، توالت القذائف على األسوار مطيحه بالجنود المدافعين وسط صرخات القتلي وتساقط البرج األول الذي
أنهار محدثاً سحابه من الرمال راحت ترتفع الى عنان السماء .
أختلف االمر فى الجانب الشرقي حيث ظل مخيم النوفا هادىء وال شىء
يوحي بأن ذلك الجيش المخيم هناك ينوي القتال ، وهذا ما أثار عاصفه القلق بداخل شارلكان الذي اخذ يقطع السور ذهاباً وإياباً فى توتر وأذناه
تلتقط الصرخات و أصوات القذائف التى راحت تمطر الجانب الغربي ،
توقف بغته عند سماعه لذلك الصوت الهادر الذي راح يأتي من بعيد ...
كان ذلك الصوت هو صوت صيحات جنود جيش العشائر التى كانت صيحاتهم تزلزل أرض المعركه وهو يتقدمون بإتجاه البوابه الغربيه مع سيل من من السهام التى راحت تتساقط عليهم من داخل المدينه ، لم تتوقف األمواج
الهادره التى راحت تتقدم مغطاه بالدروع لتتصدي لوابل األسهم المنهمره
عليهم حامله فى رؤسها الموت .
وجاء دور المهاجمين ليمطروا األسوار بوابل من السهام الناريه التى حصدت أرواح الكثير ممن يعتلون األسوار مما سهل تقدم األبراج الخشبيه الضخمه
.... وأخيراً وصلت الساللم واألبراج إلى اسوار الجانب الغربي الذي
أستبسلت ليليتا وجنودها فى الدفاع عنه مع األمواج المتالحقه لجيش العشائر والتى راحت تعتلى األسوار فى خطوه هي األولي للسيطره على الجانب
الغربي .
**************************************************************
(( الجانب الشرقي ))
هناك كان شارلكان يقف وسط جنوده وقد تحول انتظاره الى قلق و خوف يزلزل كيانه فأمامه جيش رابض ال يتحرك و من خلفة تاتى اصوات المعركه المشتعله ... كان يقف متوقعا هجوم هاشم و كتائبه ولكن لم ياتى الهجوم
كما توقع بل جاء من خلفه ... انفجار ضخم اطاح بمئات من جنوده محدثا
فجوة بسور المدينة ...
((نعود لحظات للخلف عندما اعطى براق االمر بارسال االشارة لبدء الهجوم من الشرق ... فمع اشارته اطلق المجرى شاندوين اكبر المنجنيقات الذى ارسل كره عظيمه من االجحار و النيران مرت عبر قُطر المدينه كانها كوكب
قرر فجأة الهبوط الى ساحة المعركة .))
كانت لتلك القذيفة وصوتها الرهيب دور كبير فى ايقاع الرعب بقلوب جنود ماردين الذى انتابتهم حالة من الذعر بفضل صيحات جيش العشـائر ، الذى
ارتفعت معنويات جنوده لتصل الى عنان السماء ....
انقض هاشم ورفاقه على الثغره التى احدثتها القذيفه بينما صمد شارلكان ورجاله صمودا بطوليا ، كان الهجوم على الجانب االخر مستمراً دون هواده حيث أظهر جنود الخالدين شجاعه فائقه وبساله نادره فكانوا يَقدمُون على الموت دون خوف وأمامهم إستمات المدافعين بقيادة ليليتا التى راحت ترسل
كل من قابلته في طريقها إلى العالم االخر فى سرعه وكأنها سفيرة الموت ....
ومن احدى ابراج القصر تابع ماردين المعركه وهو يتمتم (( علينا الصمود
حتى ... تصل الوالده بالمخطوطه الى هوتان ))
وأرتسم على شفتيه شبح ابتسامه تعنى الكثير .
*******************************************************************
هل تخيلت مظهرك بعد سنوات وكيف ستكون ؟
هل تخيلت وجهك بعد سنين وقد غزته التجاعيد وأحتل الشيب خصالت
شعرك ؟؟ كان ذلك ما رأه نيها ... وكأنه يقف أمام مرآه تعكس صورته أو ان تلك نسخه منه فى المستقبل ، لم يعد عقله يستوعب ما يحدث له بدأ األمر بمكان غريب وشخص مشتعل يحدثهم وفى النهايه كان يقف أمام نفسه أو هكذا خُيل إليه
.
كان الشخص األخر ممسكاً بقالدة نيها يتأملها فى صمت ويرفع عيناه بين
الحين واالخر ليرمق نيها فى صمت ، أخذ يقلب القالدة بيداه قبل أن يضغط على نقش ذلك التنين وبالتحديد على صدر التنين الذي ما إن المست أنامله
ذلك الجزء حتي دوي صوت قرقعه فتح بعدها صدر التنين ليكشف عن نقش
بالصينيه يعرفه نيها جيداً ... أسم أخر رجل يتوقع نيها رؤيته فى هذا العالم
.....
" مو شين "
والده ... الذي فقده منذ نعومه أظافره . أغرورقت عينا نيها بالدموع وهو ينظر إلي والده الذي مازال يتفحص
القالده بنهم شديد قائالً :
......بهذ لك أين من -
بتر كلماته عندما ألتقت عينه بعينى نيها الدامعتين ، هنا فقط تأمل " شين مو
" قسمات وجهه و وكز قلبه ذلك األحساس الدافىء المسمي بالحنين ... أنه يري فلذه كبده بعد سنوات ال يحصي عددها وألول مره منذ سنين ينبض قلبه عندما أرتمي نيها بين ذراعي والده الملعون وسط ذهول " نيوكر " الذي لم
يعد يفهم ما يدور حوله .
(( لقد خرجت للبحث عن مقبره اإلمبراطور كين شين والتي كانت تحتوي
على أحد أحجار العناصر األربع ... وبعد بحث دام لسنوات وجدتها ولكن ما ينتظرني هناك لم يكن بالحسبان ، كانت تتعبنى منذ البدايه وكانت تعلم بما
أفعله ، انتظرتنى حتى حصلت على الحجر ... وفاجئتنى بظهورها اوهمتنى
بانها إلي جانبي وثقت بها فقد كانت تحمل قالده عشيره النور أيضاً ، لم أستوعب ما حدث حينما ألقت بي إلي أتباعها ولكني نجحت فى الهروب الذي لم يدم طويالً ، فقد عثرت علي مرة اخري لتلقي على احدي لعناتها
ألصبح كما رأيتموني .... صرت أسير تلك المقبره الملعونه ))......
قطع نيوكر حديث شين مو :
- و من هي تلك المرأه التى تتحدث عنها ؟؟
شَرد شين مو لحظات يتذكر فيها ماحدث ليكمل : (( لقد كانت تضاهي القمر سطوعاً وجماالً عيناها بحور زرقاء ال شطئان فيها وشعرها الذهبي غالب أشعه الشمس بريقاً هادئه ، ولكن خلف ذلك الهدوء يكمن شرور ال طاقه لبني البشر بها ، كانوا ينادونها بـ " الوالدة " برغم حداثه سنها ... كان يرافقها ذلك اإلمبراطور " تيمور لنك " وشخص اخر يمتطي
تنين ذو رأسين ... أخر ما سمعته من حديثها معهم أنها أستنذفت قواها أو
فقدت الكثير منها )) .
لم يكد ينهي كلماته حتى قال نيوكر فى صفاقه :
- يبدو أنك لم تغادر كهفك منذ سنين .
تجاهل شين مو جمله نيوكر وهو يقول لنيها :
- األن قص علي ما يحدث بالخارج وما أتي بكم إلي هنا ؟؟؟؟؟
كان ذلك إذن بأن يشرع نيها ونيوكر فى قص ما حدث منذ البدايه .....
وحتى تلك اللحظه .
****************************************************************
أستمر القتال على أسوار سمرقند حتى مغيب الشمس ، حيث أستطاعت قوات شارلكان من التصدي لهجوم النوفا على البوابه الشرقيه وأستطاعوا بفضل مساعده ياركن أن يغلقوا تلك الفجوه بالسور برغم إصرار هاشم
وجنوده على محاوله اقتحامها ، أما بالجانب الغربي فقد كانت الخسائر
فادحه بين صفوف جيش العشائر زُهقت أرواح الكثيرين من الفرسان تحت
أسوار سمرقند لم يتبقي منهم سوي قصص تروي بطوالتهم بين االحياء .
تفاوتت المعنويات بالجانبين بين فرح المدافين واصرار المهاجمين الذي بدا
واضح مع بدء الهجوم الثاني فى مساء اليوم ذاته ... كان ماردين فى تلك األثناء يناقش مع رجاله أمور المعركه عندما فاجأه صوت المنجانيقات التى بدأت ترسل حجارتها المسومه على المدينه مره أخري مما
جعله يقطع إجتماعه وهو يصرخ فى جنون :
- أألا يَكل هؤالء األتراك .... انتبهوااااا جيدااااا
" دائماً ما نختذل أعدائنا فى من نحمل لهم أ كثر قدر من الكراهيه " ترك ماردين أجتماعه وأنطلق بفرسه يستدعي جند ياركن للدفع بهم إلي الجانب الغربي التى بدأت أسواره تتهاوي أمام جيش العشائر ، وداخل
المدينه زاغت األبصار مع رؤيتهم لتلك األمطار المشتعله أو هكذا بدا لهم أن
السماء ترسل لعناتها عليهم ، آآلف األسهم الناريه راحت تتساقط على
المدينه كسيل منهمر أشد من اعتي ليالي الشتاء مطراً ...
كانت خطه براق تقتضى بإنهاك المدافعين وغرس رماح الخوف بقلوبهم كان
يريد إنهاء تلك المعركه بأسرع وقت قبل ان تصل قوات إضافيه للدفاع عن
المدينه .
وهناك فى الجانب الغربي وداخل فسطاط هاشم كان يرقد ذلك األخير كاشفاً عن صدره تاركاً المجال للطبيب الذي اخذ يعالج بعض الجروح التى أصابته خالل المعركه ، دخل إلي الخيمه أحمد وبصحبته إليكترا والتى حمل
وجهها لوعه وخوف على هاشم الذي ما إن رأهم حتى إبتسم بتهالك ..
أقترب أحمد من مضجع هاشم متأمالً جسده الدامي :
- كيف حالك األن يا أخي ؟؟
كتم هاشم صرخه حاولت الخروج عنوه وذلك الطبيب يضمد أخر الجروح ..
بينما تقدمت إليكترا لتجلس على طرف الفراش عند رأس هاشم قائله :
- الجميع يتحدث عنك وعما صنعته بالمعركه ... أتدري أن البعض يقول أنه
لم يري محارباً مثلك من قبل و .....
قطع أحمد حديثها موجههاً كلماته لهاشم :
- ال تلقي باالً لما يقولون وإال أصبحت صريع الغرور ...
ألقت إليكترا خوذتها إلي صدر أحمد الذي تلقفها ضاحكاً وهي تقول في
غضب خٌجِل :
- إنها الحقيقه فأنا لم أري مثيل له من قبل ...
الحظت أن الجميع ينظر إلي عيناها الهائمتين بهاشم فأحمر وجهها خجالً
فأعتدلت فى جلستها وهي تقول فى حذر محاوله تغيير الموضوع :
- هل رأيتم بيتو اليوم ؟؟؟
لم تفلح محاولتها فى تغيير الموضوع فقد كان الجميع يرمقها وابتسامتهم
تالحقها ... مما جعلها ترفع خصالت شعرها فى توتر وهي تقول :
- ماذا هناك .؟؟؟
- ال شىء ... ولكنك جميله اليوم .
هوت كلمات هاشم على قلبها كأآلف المطارق السريعه ... لم تصدق ما سمعته هل هو من قال هذا .... كان وجهها يستعر خجالً من كلماته التي
زلزلت كيانها ، لم ينقذها من ذلك الموقف سوي بيتو الذي دخل الى رافعاً
صوته المرح :
- هاااااشم أسد عشيره النوفا .... لقد أصبحت بطالً يا صديقي .
حاول هاشم أن يعتدل فى جلسته ولكن الطبيب اوقفه برفق مع نظره تؤنبه
على فعل هذا .. لم يبالى هاشم بالطبيب ليقول :
- ال داع لتلك الكلمات يا بيتو فأنا لست سوي جندي مثل بقيه الجنود فقد
أظهر الجميع اليوم بساله فى القتال ..
انهي هاشم كلماته بإشاره للطبيب الذي اخذ يرتب قواريره بأحدي الصناديق
... أنتظر هاشم حتي خرج الطبيب ليبدء الحديث مره أخري :
- بيتو طمئني على الجنود .
في حركه لم تَرق لهاشم وقف بيتو مؤدياً تحيه عسكريه قائالً :
- سيدي القائد لقم تم دفن الموتي ونقل الجرحي إلي الجانب الغربي ولكن
... هناك بعضاً من ضعفاء النفوس يشككون فى قدرتنا على النصر ولوال
تواجدك بالصفوف األماميه لكان هناك الكثير من الفارين .
أخذت إليكترا فى مساعدة هاشم الذي كان يحاول إرتداء درعه بينما اكمل
بيتو :
- هاشم أتريد رأي .....
أومأ هاشم برأسه معطياً األذن لبيتو بإستكمال حديثه :
- إذا ظلت األمور على هذا النحو فسوف نخسر الكثير من الرجال وقد نُهزم .
- ال تتعجل النصر يا بيتو فأمامنا طريق طويل ... صبراً ... فإن يوم الحسم
أت ال محاله والحمد لله الذي ثبت أقدامنا اليوم ولم يجعلنا من الجبناء .
.... ولكن -
- بيتو كل ما أريده منك غداً أن تقود الرماه إلي الجنوب ..
تحولت رؤوس الجميع إلي هاشم محاولين فهم ما يرمي إليه في حين أ كمل
بثقه :
- اختفي أنت وجنودك خلف التله الجنوبيه وأنتظر إشارتي ....
كانت الثقه تفوح من عيناه التى أخذ الجميع فى النظر إليها ... عينان تحمل
مزيج من الثقه واألستبشار .
****************************************************************
ساعات قضاها كالً من نيها ووالده فى سرد قصصهم وسط أسئلة نيوكر
التى ال تتوقف ... والذي كاد الفضول أن يقتل عقله المليء باألسئله :
- كيف نقض على تلك المرأة قبل ان تخرج وليدها المسمى ((ديابلوس))
؟؟
اجاب ((ينها)) فى سرعة :
- ال تقلقوا فالخطوطه محفوظه مع أخر األحجار عند اإلمبراطور ((روبن))
...
لم يكن يعلم ما حدث لروبن وما يحدث االن فى سمرقند ، لم يكن يعلم ان
قافله الوالدة قد أقتربت من الوصول الى هوتان حاملة معها ، مخطوطه
الطقوس واخر واالحجار ، لم يعرف سوى ماحدث ((ألراكيس ))
وهومادفعه للعوده الى القسطنطينية ليصل به الحال الى هنا .
لم يبالى شين مو بما يعرفه نيها أو مالم يعرفه فقد شرع فى بدء حديثة مره
أخري لإلجابه على سؤال نيوكر :
- إذا أجتمعت األحجار األربع مع المخطوطة ال قيمة لهم دون دماء نقية ...
قطرة واحدة على اللوحة تسلب روح األضحيه لتحتجز روحه بداخل الجحيم
و يسيطر على جسده روح الشر الذى يدعى ((ديابلوس)) .
سكت ((شين مو)) لحظات اكمل بعدها:
- لقد تم السيطرة عليه منذ االف السنين ولكن مازالت والدته طليقه عبر
العصور اتخذت كل السبل لتعيد ابنها مرة اخرى .... فقدت الكثير من قدراتها ولكنها مازالت قوية بما يكفى لصنع حروب قد تنهى على البشر من
اجل عودة وليدها .......
أرتفع فى تلك اللحظه صوت قطع حديث ((شين مو)) الذى التفت فى سرعه
إلى مصدر الصوت ... كان صاحب الصوت " زوال " الذي كان يركض بإتجاههم فى سرور لم يدم طويالً مع رؤيته لرمح شين مو الناري المشهر بوجهه ، أستدرك نيها الموقف
قائالً :
...... صديق أنه -
أنزل شين مو رمحه وسط نظرات الذهول من زوال الذي أحتضنه نيها قائالً :
- كنت أعلم أنك مازلت حياً يا صديقي .
تقدم زوال إلي نيوكر الجالس أرضاً وعيناه ال تفارق شين موو الذي أخذ
يراقبه بدوره ..
- أين كنت أيها الجبان ؟؟؟
قالها نيوكر وهو يضحك فرحاً برؤيه رفيقه الذي حول وجهه إلي نيها قائالً :
- علينا الرحيل فمازال ذلك القاتل حياً .
تمتم نيها فى خفوت :
- من ؟؟
- ذلك المدعو " ناشيك "
- ناشيك ؟؟؟
نطقها نيها وعيناه معلقتان بشىء يقف عند مدخل القبو .... كان ناشيك يقف شاهراً سيفه البراق وإلي جانبه ثالثه من رجاله .... خيم الصمت لفتره
من الزمن والكل يرصد األخر لم يدم ذلك السكون طويالً ، فقد ألقي شين مو
القالده إلي نيها ليتحول مره أخري وقد أشتعلت النيران بجسده وراح يتوهج
في قوة وسط ذهول زوال الذي لم يكن أقل ذهوالً من ناشيك ورفيقاه ...
- أهرب يا بني
كانت كلمات شين مو صادمه لـنيها الذي وقف محاوالً قول شىء ما ...
عندما صاح أبيه مره أخري :
- أهرب يا نيها .... جد ذلك الفتي صاحب الصقر .
- لن أفقدك مره أخري يا أبي ... سأبقي وأقاتل إلي جانبك حـتـ........
- يا بني أنصت لي فأنا ال أستطيع ان أغادر تلك المقبره ..... أذهب وأبحث
عن تلك العاهره أقتلها وحرر روحي ..... عليك الذهاب األن ..... ستجد
أحدي برك المياه ذات اللون األحمر أنها طريقك للخروج ....... هيا أذهب
.
انهي حديثه وهو يركض بإتجاه ناشيك الذي قرر هو األخر الهجوم .... انتشل
نيوكر نيها من سباته وهو يمسك بكتفه قائالً :
... هيا -
وقفا ثالثتهم على حافه بركه المياه ليقفز زوال تاله نيوكر بينما وقف نيها
ينظر إلي أبيه الذي كان يقفز ملوحاً بحربته فى الهواء ....
- وداعاً يا أبي .
ما إن المس جسد نيها المياه حتي دوي إنفجار عظيم كاد أن يخرق أذنه
وسط دوامات المياه التى تبدو سرمديه .
*****************************************************************
أشرقت الشمس لتلقي بأشعتها على أسوار سمرقند الصامده ، تصاعدت أعمده الدخان من أرجاء المدينه التي كانت تعاني من أرق ليله طويله كان
مطرُها قذائف المنجنيق التى أسقطت بعض األبراج التى تحولت إلي تالل من الحجاره ، وقف ماردين متابعاً تحركات جيش العشائر الذي بدأت كتائبه
فى األصطفاف خلف بُراق .
)) اللعنه (( -
عقدت ليليتا حاجبيها وهي ترتقي إلي جانبه قائله :
- ماذا هناك ؟؟
أجابها ماردين فى هدوء :
- يتلون صالتهم .
تجاهلت ليليتا إجابته وهي تلقي نظره سريعه على األبراج المهدمه أنتابتها
نوبه من التوتر حينما رأت تلك االجزاء من السور وقد تملك منها تصدعات
كبيره لتقول :
- لن تصمد األسوار .... علينا ان مواجهتهم خارج المدينه .
لم يكن ماردين فى حاجه إلرشادها فقد كانت عيناه ترصد ذلك الجندي
الذي كان يركض عبر الساحه قادماً بإتجاههم ، والذي ما إن وصل إليهم حتى
قال وهو يلهث :
- موالء أنسحب جزء كبير من القوات الشرقيه .
جحظت عينا ماردين فى دهشه وهو يحث الجندي على مواصله حديثه :
.. أين إلي -
- ال أعلم ولكنهم أختفوا فى الصحراء ....
بذلك الوقت كان بيتو يرحل ومعه نصف كتائب عشيره النوفا أمام أعين
شارلكان وجنده كان ذلك األخير يضحك فى هيستيريه وهو يتابع أنسحاب
الجنود بإتجاه الجنوب الشرقي ....
*******************************************************************
******
ما إن تأكد ماردين من رحيل جزء من كتائب النوفا حتى أعطي أوامره إلي "
لورد ياركن " بالخروج عبر البوابه الجنوبيه واأللتفاف حول ما تبقي من
عشيره النوفا والقضاء عليهم ..
تراصت الخيول القوية حامله فرسان النوفاس يتقدمهم " هاشم " ممتطياً جواده األبيض المزين بالفضه حامالً صقره ، اخذ ينظر بوجوه الفرسان
لحظات أسترجع عقله كل ما مر به .... وبدأ خطبته :
- " لم أعلم يوماً اني سأ كون هنا وسط صحراء تطأها قدماي ألول مره ....
لم أعلم يوماً أني سأ كون قائداً للمدافعين عن البشريه محارباً الشر وسطوته
... جئتكم من بالد بعيده اختارني القدر ان اكون وسط أشجع الفرسان ...
وأن أ كون فرداً من زمره األسود وليس قائداً للنعام .... إن النصر ليس ببعيد
والحريه مرهونه بصمودنا وإصرارنا على تحقيق النصر ... لقد كُتب علينا أن ندافع عن أدميتنا وأجتمعنا من كل صوب من أجل حريتنا ..... فقدنا كل
عزيزاً وغالي لدينا وبقينا نحن ... بقينا ليروي التاريخ عن امجادنا وبطوالتنا
... و ستبقي تضحياتنا لتروي القصص عنا .... اليوم يومكم وسعيد الحظ
من جائت نهايته قبل رفاقه .... أصبروا و أصمدوا ..... فالنصر حليفكم .....
إلي النصر .... إلي الحريه ))
مع اخر حروفه أنطلقت من حناجر الرجال صيحات قوية تحمل تفاؤل و أمل ،
أطلق هاشم صقره ليحلق عالياً وسط الصيحات التى صمت أذان من كان
يراقبهم من فوق األسوار .. وبدأ الهجوم .
************************************************************
" أثبت التاريخ أن من يحمل عقيده يبقي وينتصر ..... من يحمل عقيدة يظل
ثابتا وسط البراكين "
*******************************************************************
*******
" الجانب الغربي " بدء هجوم جيش العشائر طوفان من البشر راح يتقدم إلي األسوار حاملين في
صدورهم النصر وال شىء سوي النصر ... كانوا يقدمون على الموت دون
خوف ..... حاملين رايات العشائر التى كلما خفقت تداعت أمامها قلوب
جنود " ماردين " الذي لم يكن امامهم سوي الدفاع عن المدينه وعن حياتهم
.
*******************************************************************
*****
" البوابه الجنوبيه "
فُتحت البوابه الجنوبيه للمدينه ليخرج منها جيش اللورد ياركن عشرة آالف
مقاتل من الموتي األحياء يرتدون دروعاً ذهبيه غظت أجسادهم العظميه لم تظهر من خوذاتهم الذهبيه سوي تلك العيون الحمراء .... تقدمتهم ليليتا بزيها األسود وفرسها الجامح وإلي جانبها كان شارلكان الذي أخذ يرمق ذلك
القبيح المتأ كل المدعو " ياركن " في نظرات مشمئزه .
تزامن إنطالق هاشم ورجاله إلي البوابه الجنوبيه مع سقوط أخر األبراج بالجانب الغربي الذي لم تتوقف المنجنيقات من عن دك تحصيناته التى تهاوت لتجثم على عقول وقلوب المدافعين ، وأصبحت إمكانيه أقتحام
المدينه أمر وشيك .
أخذ الفرس األندلسي األبيض يطوي األرض تحت أقدامه و من فوقه كان
يحلق الباشق مطلقاً عقيقه التى كان يلُهب الفرسان المتسابقون الى المجد ، وألتقي الجمعان مع صوت إنفجار زلزل األرض تحت أقدام الجميع ، أنفجار أفزع الخيول وألقي الرعب فى قلوب جيش ماردين ... لقد فتحت البوابه
الجنوبيه بفضل رجال شاندوين .
كان صوت األنفجار هو اإلشاره التى أتفق عليها هاشم و بيتو الذي أعطي األمر للرماه بأن ترسل برقيات الموت إلي صدور الخطوط الخلفيه من رجال " ياركن " ، مع رؤيه شارلكان لألسهم التى كانت تسبح فى الفضاء بإتجاههم
حتي فهم الفخ الذي وقعوا فيه .
على الجانب الغربي كانت أمواج بشريه تتالحق على األسوار المهدمه دون
الحاجه إلي ساللم أو أبراج خشبيه ومع أستبسال ماردين وجنوده أمام شجاعه
فرسان العشائر كانت الخسائر مهولة من الجانبين .
أخذ هاشم يصول ويجول وسط المعركه الغير متكافئه فعدد عدوه أ كثر ثالث
أضعاف رجاله ، لم يثبط هذا عزيمته وال قدرة فرسانه على القتال بل راح
يقاتل فى شجاعه وضراورة لم يُري لها مثيل كان كل ما يدور بخلده هو إعطاء فرصه لبُراق وجيش العشائر لدخول المدينه والسيطره عليها حتى ولو
أقتدي االمر أن يموت هو وفرسان النوفا .
كانت إليكترا تحث فرسها على التقدم وسط جحافل الموتي األحياء الذين
راحوا يحيطون بها من كل جانب فأطلقت لسيفها العنان ليطيح بالرؤوس دون كلل أو ملل ، سقطت عن فرسها بفعل ضربه قويه من " ليليتا " التى أنقضت عليها عندما حاولت النهوض مجدداً ، تفادت إليكترا الضربه التى كادت أن
تلقي برأسها بعيداً عن جسدها ، بحفنه من التراب شتت إليكترا مهاجمتها
حتى وقفت مره أخري وهي تلوح بسيفها فى وجه ليليتا التى أخذت وضع األستعداد للهجوم ... معلنة بدء صراع أنثوي من نوع خاص .... صراع
محاربتين من نوع خاص .
أما أحمد فقد أخذ يتقافز فوق الرؤوس مقطعاً أوصال مهاجميه فى بساله
منقطعه النظير .... لم يتوقف لحظه عن القتال إال عندما أصطدم بدرع "
ياركن " الذي أخذ فى مهاجمته فى قوه وشراسه ....
إذا تحدثنا عن من يراقب المعركه الحاميه فقد كانوا ثالث ..
بيتو الذي صاح فى رجاله (( هيا إلي رفاقنا )) ...
شارلكان الذي كان يبحث بين الجموع عن هاشم ....
أما الثالثه فكانت عيون جامده تحدق في أحدي المرايا التى ظهر علي وجهها
هاشم وسط المعركه .
*******************************************************************
واصل جيش العشائر هجومه على الجانب الغربي حتى تمكن من إقتحام
األسوار واإلستيالء على بعض التحصينات لترتفع رايات العشائر فوق الجانب
الغربي .... بينما خرج فوج من فرسان الجيرمان لمسانده قائدهم شارلكان عند البوابه الجنوبيه ، ترافق ذلك مع وصول بيتو وفرقته حاملين رايات النوفا
الخفاقه ..
لم يكن األمر داخل المعركه بالشىء السهل فقد كان الجميع يقاتلون بكل
ضراوة فى معركه شعارها " القتل من أجل الحياه " ، كانت ليليتا تعاني فى صراعها مع تلك الفتاه المستميته فى القتال فتاه لم يعد هناك شىء لتخسره
.... فتاه كانت نداً قوياً لملكه اللصوص .... فتاه تدعي " إليكترا " .
أما هاشم فقد أخذ يتحرك بفرسه األبيض الملطخ بالدماء بإتجاه شارلكان
الذي حث فرسه هو االخر لألنقضاض على هدفه الذي يبغضه ، ذلك الشاب
الذي قطع رأس تلميذه النجيب " سبورتك فيلوز " أمام عيناه .
تحولت ساحه المعركه إلي تالل من القتلي والجرحي بحيرات من الدماء
واألشالء ، تعثرت الخيول وراحت تُذبح على أيدي الموتي األحياء مما جعل
هاشم يقفز مترجالً عن فرسه ليواجه ذلك الخائن شارلكان .
*ذكر أحد المؤرخين أن المبارزة بين هاشم وشارلكان كانت األعنف واألروع
بالتاريخ ، معركه جمعت بين الشباب والقوة وبين الخبره والدهاء .
كان شارلكان نداً قوياً برغم سنه المتقدم ، أما هاشم فقد كان إصراره على
النصر وقود المعركه التى اشتدت مع صوت شارلكان الساخر :
- ال داعي للمقاومه أياه الصغير .... فستدفن هنا .
دفعه هاشم بقوه ليأخذ دوره فى الهجوم على شارلكان الذي اخذ درعه يأن
تحت وطأة الهجوم وهو يقول :
- لست بالسوء الذي توقعته أيها العربي .
انحني هاشم متفادياً مرور سيف شارلكان من فوق رأسه وهو يقول :
- من الجيد أنك تعرف بأنني عربي .... وكما تعلم العرب ال يستسلمون .
قالها وهو يركل شارلكان الذي تراجع من أثر الضربه القوية وقد سيطر عليه
الغضب واخذ يزمجر مع هجومه الهيستيري الذي أسفر عن جرح بكتف هاشم
األيسر ، لم يعد لأللم مرجعاً فى قاموس هاشم الذي تناسي الجرح النازف وأخذ يكمل قتاله العنيف فى إصرار عندما عاجله شارلكان بضربه أخري سقط منها هاشم أرضاً فى حين علت إبتسامه بغيضه وجه شارلكان الذي قال
فى سخريه :
- ليس هناك من يحميك هذه المره أيها العربي .....
وأرسل سيفه فى قوه إلي صدر هاشم .
******************************************************************
في اللحظه التى كاد أن يلمس فيها نصل شارلكان صدر هاشم حدث شىء لم
يتوقعه " شارلكان .. وهو أن يطير .
نعم يطير فقد حلق فى الهواء بفعل ركله قويه من أقدام فرس بيتو الذهبي ،
ركله أطاحت به فى الهواء ألمتار قبل أن يسقط بين القتلي وأشالء الموتي
األحياء ، حدق هاشم ذاهالً فى بيتو الذي أنقذه من الموت للمره الثانيه ، كان يتوقع ان حياته قد انتهت مع أقتراب نصل شارلكان من صدره ، أنتزعه
صوت بيتو من ذهوله وهو يترجل عن فرسه قائالً :
- لقد سئمت إنقاذك أيها القائد .
مد بيتو يده ليساعد هاشم على النهوض وما إن أمسك هاشم بيد بيتو حتي تحول وجه ذلك األخير إلي لوحه من األلم والشحوب ومن خلفه كان شارلكان يقف مبتسماً ، وما إن سقط بيتو حتي تبين لهاشم ما صنعه ذلك
الخائن فقد أستقر فى ظهر بيتو سيف شارلكان الذي أرهبته نظره هاشم
الغاضبه فقرر الهروب ، ركض محاوالً النجاه من براثن هاشم الذي ألتقط أحدي الفؤوس فى غضب وأرسلها فى الهواء لتستقر بظهر شارلكان الذي
جحظت عيناه ويسقط صريعاً والفأس مغروساً بظهره هو األخر .
لم ينتظر هاشم رؤيه شارلكان وهو يخر قتيالً بل أنحني محتضنا بيتو محاوالً
نزع ذلك السيف المغروس بظهره فأمسك بيتو بيداه فى ألم وقد إنسابت
الدماء من شفتيه قائالً بتهدج :
- إنها النهايه يا صديقي .
خلع هاشم خوذته وقد ملئت عيناه سحابه من الدموع :
- ال يا بيتو ليست النهايه ..... لن ترحل
حاول بيتو اإلبتسام و وجهه يزداد شحوباً :
- لن تجد من يحمي مؤخرتك بعد اآلن ....
- بيتو ال تتركني يا أخي .... ستعيش وسنعود إلي بالدنا .
سعل بيتو فى قوة وقد تملك الموت من روحه ليتمتم فى خفوت باإلسبانيه :
- وداعاً أيها العربي .... وداعاً يا صديقي .
وتعلقت عيناه بالسماء لتعلن عن صعود الروح إلي بارئها ....
- بيتووووووووووووووووو .....
كانت صرخه هاشم قوية وكافيه ليسمعها كل من بأرض المعركه التى أوشكت على األنتهاء ... فإليكترا توقفت عن القتال ملقيه السمع لتستغل ليليتا تلك
اللحظه فتركض هاربه من براثنها ... أما أحمد الذي كان ينزع رمحه من صدر
" ياركن " أخذه الوجوم إلي حيث يرقد جثمان بيتو ... وما إن رأت مومياوات
ياركن قلبه معلق برمح أحمد حتي راحوا يفرون من ساحه الموت ....
لتقابلهم وتفاجئهم كما فاجئت الجميع تلك الجموع التى ظهرت باألفق ....
قوات جائت تحث الخطي على ظهور اإلبل حاملين رايات من وصلتهم رسالة
بُراق ..
أنهم مماليك مصر .... أو ما تبقي منهم .
****************************************************************
" أرقد في سالم أيها الشجاع .... ولتبقي دمائك لعنه على من سفكها ....
ستبقي روحك نبع الصمود لمن يكملون الطريق .... سننتصر لتبقى سعيداً
بجنان الخلد بين الشجعان سيكون مقامك على ضفافها ... "
شدت شمس ذلك اليوم رحالها حاملة معها أرواح آآلف المحاربين سقطوا خالل تحريرهم مدينه القباب الزرقاء " سمرقند " أنتشرت حول األسوار فرق
المسعفين تبحث عن الجرحي وأخريين راحوا يحملون جثث القتلى إلي
مثواهم األخير ، داخل المدينه تراصت كتائب جيش العشائر فى استقبال مهيب للسلطان بُراق الذي عبر البوابات فى زهو وفخر وإلي جانبه قادة
العشائر ومن خلفهم عبرت فرق المماليك يتقدمهم " المظفر ناصر الدين "
قائد عشيره المماليك ...
لم يكن سكان سمرقند يتوقعون أن تتحرر رقابهم من ذلك الطاغيه " ماردين
" الذي أذاقهم خالل شهور قليله ويالت العذاب ، كان جيش العشائر هو المنٌقذ وتناقلت األلسنه أسطورة الفارس األندلسي " هاشم " ذلك الشاب
الذي تصدي بفرقته الصغيره لجيش " ياركن " فيما يسمي " بملحمه النصر "
....
قال البعض ان ذلك الفتى هو المقصود بـ " نبوءة عشيره النور " أنه صاحب الصقر من سيخلصهم من الظالم ... من سيأتي بالنصر الذي غاب وسط
دروب الهزيمه الموجعه خالل سنوات مضت ..
***************************************************************
" لن تجد من يحمي مؤخرتك من بعدي " أخذ عقل هاشم يردد كلمات بيتو األخيره ، كان يقف صامتاً جامداً أمام قبر رفيق رحلته وإلي جانبه أستندت إليكترا إلي كتف أحمد الذي أمتلئت عيناه
بالحزن واأللم ... القاسم المشترك بين ثالثتهم هي ذكريات قريبه لذلك
الباسم الذى كان يضفي البهجه على صحبتهم ... لم يعد بينهم األن فقد
واروه التراب ليتبقي منه ذكري تخلدهم في عقولنا ... إنها سنن الحياه أن نفقد من نحب وتحمله أيدينا إلى القبر ... نتركه وحيداً ونرحل .. حتى يأتي
ذلك اليوم الذي نلحق بهم و نتواري فيه تحت التراب ، يتذكر يوم رأه الول
مره كان فاقداً للوعي أنه الصديق الذي أرسله القدر ليحمي ظهره .
" الشر يُولد األلم " األلم الذي أستقر بقلب " هاشم " مولداً موجه من الشعور بالذنب فبيتو هو من أنقذه بالمرة األولي عندما حاول " سبورتك " قتله وهو أيضاً من أنقذه من
ذلك النصل الذي كاد ان يشق صدره ، لقد أصبح مَدين لصديقه الراحل ...
مَدين له باإلنتقام وال شىء سوي اإلنتقام ... ممن هم سبب معاناتهم.
اإلنتقام ممن تسببوا فى خراب العالم .... ممن تسببوا فى قتل والديه ...
سيقاتلهم أينما كانوا ..... سينتصر عليهم ويعلق رؤوسهم على سنان الرماح .
سينهي معاناته ومعاناة ما تبقي من البشر .... وسيعود إلي غرناطه حامالً
جثمان رفيقه . أنحني " هاشم " ليكتب شيئاً على قبر بيتو قبل أن يرحل تاركاً شاهد قبر كتب
عليه بالعربيه
( سننتصر .... من أجل الشهداء ) .
*******************************************************************
***
" الوالدة "
أرتفعت درجات الحراره بتلك المنطقه الجبليه الوعره مع أرتفاع قرص الشمس ليتوسط السماء في هيمنه وسطوع جاعل من المكان جحيم مستعر لم
يصمد تحت لهيبها سوي بعض شجيرات من الصبار تقاوم الهجير الحارق ،
تحت أحد الصخور الكبيره جلس نيها مستظالً بينما رقد زوال فى إيعاء يلوك بفمه أحدي األحجار محاوالً سد عطشه الذي يحاول الفتك بهم ، الشىء الوحيد المشترك بهم هو وجوههم المرهقه الشاحبه وقد تملك منها األتربه
أصبحوا أقرب إلي المشردين منهم إلي أمراء حرب ، كان قد مرعلي خروجهم
من ذلك الكهف الغريب ثالثه أيام ، لم يعرفوا اين هم بالتحديد و لم يروا أي
مخلوق حي على مر أيامهم الثالث بين تلك الجبال الشاهقه ...
مر أمام نيها كل ما قصُه عليه والده الذي ما إن وجده حتي رحل مره اخري
رغماً عنه ، يالها من حياه قاسية تلقي بك إلي حيث ال تريد ، تأخذ منك كل
ما تحب وتبقي وحيداً حتى وإن كنت بين جموع البشر ، يبقي قلبك معلق بأشخاص قد ذهبوا عٌنوه ال تعلم إن كنت ستراهم مرة أخري أم أنها النهايه
المحتومه بفراق أبدي ، أخذ يفكر فى تلك المرأة التي تدعي الوالدة وذلك
الفتي صاحب الصقر ، ترك له والده لغزاً أخر لكي يجد له حالً فقد قضي عمره في حماية المخطوطه والحجر الرابع حتى ظن انها ستحفظ إلي أبد الدهر ، كان يعلم أن المواجهه قد تأتي ولكن ليس األن خطأ فى توقعاته
فاألمر أسرع من جريان نهر غاضب ،أزاح عن رأسه كل األفكار المتعلقه
بالفتي والوالدة " فليذهبوا جميعاً إلي غياهب الجحيم " فليس عليه التفكير
بما هو قادم بل كان عليه النجاه وهو األهم اآلن .
- إنها هوتان ....
أفزعه صوت نيوكر الذي كان يتقافز فى الهواء مهلالً " هوتان إنها هوتان " ظن
رفيقاه أن الصحراء قد سلبت منه عقله وأن السراب أخذ يلوح له فى األفق
ولكن تالشت أستنتاجاتهم عن صحه عقل نيوكر مع رؤيتهم لتلك األبنيه
البعيده والتى تحاول جاهده أن تبرز من خلف هجير الصحراء .
- هل نهذي جيمعاً أم انها عالمات الجنون وقد أصابتنا ؟؟
قالها زوال وهو يفرك عيناه محاوالً تصديق ما يراه بينما نظر نيها للسماء فى
نظره طويله بعض الشىء ، أنه القدر من يحرك كل ويكتب كل شىء يبدو أنه كتب لهم النجاه لسبب ما ، ليس عليهم األن سوي السير نحو تلك المدينه متغالبين على تهالكهم وضعفهم .مع مرور الوقت بدت لهم الواحه الخضراء
تقترب اكثر فأ كثر .
**************************************************************
إنهمك جنود جيش العشائر بمساعده العمال فى رفع األنقاض داخل سمرقند التى تحولت إلي خلية نحل عاملة الكل يساعد والكل يعمل ، يعيدون بناء
المدينه المهدمه والتى تقبل أهلها جيش العشائر فى رحابه كيف ال وهم
الذين حرروهم من هذا الملعون المدعو " ماردين " كان يسقيهم العذاب أجبرهم على فعل كل شىء حتى المحاربه فى صفوف جيشه عنوة ومن كان
يرفض يُصلب حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه أن يرفض أمراً أصدره الملك " ماردين بن روبن البيزنطي " والذي رحل عن المدينه على عجل تاركاً خلفه كل ما يتعلق به من متاع و مقتنيات و الذي كان جنود "
الخالدين " يجمعونه ليوضع إلي جانب غنائم المعركه .
كان أحمد يقود أحدي فرق تفتيش القصر عندما وصل إلي تلك الغرفه والتى كان بابها مميز عن أي باب أخر فقد كان يحمل زخارف ونقوش غريبه
وذات طابع روماني قديم ، أقترب من الغرفه ليجد " هاشم " يقف بمنتصفها
مولياً ظهره إلي الباب الذي كان يقف أحمد على عتبته قائالً :
- أخيراً وجدتك ... ماذا تفعل هنا ؟؟
جحظت عيناه عندما أستدار هاشم حامالً بين يداه ذلك الشىء الذي يعرفه
ويحفظ كل تفاصيله ... تبادل األثنان النظرات وأحمد يقول محاوالً إزاحه
شىء ثقيل جثم على صدره :
" لعله يشبهه "
هنا فتح هاشم الصندوق الصغير كاشفاً عن خاتم ذهبي يحمل حجر يسطع
بمزيج من األلوان البراقه التى أخذت تغزو قلب أحمد الذي كان يخفق بقوة
....
حاول تكذيب ما يراه وهو يتمتم " من الممكن ان يكون مشابه له "
- أنه هو يا أحمد أنظر لتلك الحروف العربية إنها تحمل أسم " أثينا " فأنا من
نقشتها " قالها وهو يلقي ألحمد بالخاتم ..... الذي سَلب عقله .
قضي هاشم وأحمد ساعات النهار فى أستجواب خادمات القصر وبعض
األسري لم يجدا سوي إجابات مبهمه أوصلتهم إلي شيئان :
األول " أن صاحبة الغرفه لم يرها احداً مطلقاً مع ذلك الوشاح التى كانت
تستر به .. بينما كان ماردين يبجلها وينحني امامها وكان يلقبها بأسم الوالدة "
األمر الثاني " أنها رحلت إلي هوتان قبل أيام من قدوم جيش العشائر ومعها
أمرأه أخي تدعي " كابتن أيفي "
لم تتوضح األمور بعد فكالً منهم ذهب إلى أستنتاج فـ" هاشم " قال :
- إن تلك المقتنيات الخاصه بأمهم والتى تركوها فى غرناطة قد تكون أحدي
غنائم تلك القرصانه الملعونه أتت بها من غرناطة .
أما أحمد الذي سيطر عليه الحنين إلي أمه قال :
- قد تكون أمنا على قيد الحياه أسيره بمكان ما وعلى األرجح انها حُملت
إلي هوتان .
أما إليكتر الجالسه بجوارهم صامته كان عقلها يحدثها بشىء أخر لن ولم
يتوقعه هاشم وأحمد ، شىء قد يكون مُحال حدوثه ولكن هكذا أستنتجت .
****************************************************************
" هوتان "
لم يبالي أحد بهذين المشردين الذين راحا يتجوالن بسوق المدينه مرتديان ثيابً رثه غطت رؤوسهم ، بينما كانت عيونهم تسجل وترصد كل ما يدور بتلك المدينه ساروا وسط مخلوقات غريبه أغلبها من الموتي األحياء وأخرون
لم يروا مثيل لهم من قبل ، كانا المشردان هما " نيها " و " نيوكر " أنصهرا
داخل الزحام بسوق المدينه عندما أرتطم شخص ما بعنف بكتف نيها فأستدار ذلك األخير فى توتر ولم يكد يلتفت حتى أمسك ذلك الشخص بيده
هامساً :
- أنه انا زوال ال تقلق .
تلفت نيها حوله قبل أن يقول له :
- أين كنت ؟؟
- لقد شاهدت منذ قليل موكباً عظيماً بطريقه إلى القصر وسجد له كل من
بالطرقات .
- وماذا في ذلك ؟؟
صمت زوال وهو يأخذ بيد نيها الى احد االزقه الضيقه وما أن تأكد من خلو
المكان حتى رفع ذلك الغطاء عن رأسه قائالً :
- لقد كان موكب الوالدة .
زلزلت الكلمات كيان " نيها " الذي تجمدت الدماء بعروقه و وقف محدقاً
بوجه زوال الذي تابع :
- ولقد سمعت أيضاً أن جيش العشائر يحاصر سمرقند اآلن .
هنا قطع صوت " نيوكر " حديثهم :
- علينا الرحيل اآلن فبوابات المدينه تغلق والقوات بحالة إستنفار.
لم يجيب نيها فقد كان يبحث فى ذاكرته عن طريقه لقتل من تسببت فى تلك
اللعنات المتالحقه على أسرته وعالمه .
**********************************************************
أستقبل " يورشي " تلك المسماه الوالده في تبجيل وسجود مما جعل بعض رجاله يندهشون مما يحدث ، بينما تقدمت الوالده دون ان تبالي به لتصعد
درجات العرش بثقه لتستقر جالسه بقناعها الفضي وتلك المالبس البيضاء
ذات النقوش الذهبيه ، وبصوت هادىء يتناسب مع وقارها :
- يورشي صغيري ... أين أحجاري الثالث ؟؟؟
أعتدل يورشي واقفاً وهو يخرج من صدره ثالث قالدات أختلفت ألوانها
وتقدم بثبات ليعطيها إياهم ، جائت من خلفه " أيفي " لتأخذهم وتصعد
لتقف على يمين " الوالده " التى قالت بنفس الهدوء :
- مهمتك األن أصبحت القبض على المٌخلص فبدون دمائه لن نحصل على
ما نريد .
حاول يورشي أن يقول شىء ولكن الوالده قاطعته بحده :
- لوال غباء تلك الملعونه لكنا أنتهينا .
كانت تقصد بكلماتها " إيفي " التى أحنت رأسها وهي تتذكر هروب هاشم
ورفاقه ، غادر يورشي القاعه فى غضب تاركاً خلفه " أيفي " التى وقفت محنيه الرأس أمام الوالدة التى انتظرت حتي أغلق الباب خلف يورشي لتقول
:
- أريد منكِ أن تضعي من يراقب ذلك الحقير " يورشي " ... فيبدوا ان
طموحاته الخاصه تجاوزت ما وكلته به ..
- سيدتى يجب ان نتخلص منه فلم نعد بحاجه إليه .
- ليس األن فالحراس الذهبيون ال يأخذون أوامرهم إال منه ولن يخونوه فهو
من يسيطر عليهم ....
فى تلك األثناء دخل إلى القاعه احد جنود أيفي وقد أضطربت قسمات وجهه
أنحني أمام الوالدة قائالً :
- موالتي .... نرصد تحركات لبعض الغرباء خارج القصر ...
مالت الوالدة إلى األمام وهي تقول :
!!! غرباء -
أجاب الجندي وهو مازال منحنياً :
- ثالثه يحمل أحدهم قالده عشيره النور ...
كالصاعقه هوت الكلمات على " الوالدة " التى اخذت تحدق فى الجندي
وعيناها تحمل بريقاً مميت .
*******************************************************************
**** " سأرحل "
كانت المفاجأه صادمه لبراق وقادت العشائر عند سماع كلمة هاشم ، الذى
وقف امامهم مرتديا زى العامه وليس درعه االندلسى وبراق يقول :
. كيف ؟ وانت من اتيت لنا بالنصر ........ انت تحاول هدم ذلك الجيش .
. ال والكن لدى معاركى الخاصه و .........
. ولمن ستترك قيادة عشيرتك ؟؟؟؟
قالها براق وقد راوده ذلك الشعور بفقدان عرش القسطنطينية فا هو القائد
الموكل بقيادة عشيرة النوفا يرحل محطما كل اماله وطموحاته .
- انها تحت قيادة القائد شاندوين لقد اوكلت له هذه المهمه حتى عودة
االمير نيها
حول براق نظره الى شاندوين الجالس بقربه فى صمت وهاشم يكمل :
- سيدى سأسبقكم الى هوتان هذا كل ما فى االمر واما ان يقضى على
يورشى او اقضى عليه واجنبكم حرب ضروس
وهنا جاء صوت عربى القول يشق هدوء القاعه :
- وانا سأرافقك ايها الفارس
صوبت االنظار الى صاحب الصوت العربى " ناصر الدين " قائد عشيرة
المماليك الذى اخذ يتقدم حتى وقف بجوار هاشم وهو يكمل :
- معركتنا واحده وهدفنا واحد حتى وان تعددت السبل ............
سنسبقكم الى هوتان .
**********************************************
اجتاز يورشى احدى ممرات قصره المظلمه فى سرعه وما ان وصل الى منتصف الممر حتى توقف ملتفتا يمينا ويسارا يتأ كد من خلو المكان قبل ان يخرج سيفه ويدس طرفه فى احدى الثقوب فى الجدار ، لحظات وانزاح
الجدار جانبا ليكشف عن درج يأدى الى اسفل التقط احد المشاعل واخذ
ينزل عبر الدرج المظلم ، كان يبحث عن شىء ما وسط توابيت اكتظ بها
المكان ، توابيت تحمل اجساد ملوك كانوا يوما يحكمون العالم ، ملوكاً بحثوا عن الخلود وانتهى بهم الحال قرابين للوالده بعد فشلهم ، بين تلك
التوابيت كان هناك تابوت غريب الشكل ذو غطاء يحمل نقوش بمختلف
اللغات وجوانبه منحوته برسومات لصاحبه مع كلمات التينيه كتبت بالدماء .
أخذ يورشى يردد بعض الكلمات غير المفهومه و ........
- ماذا تفعل هنا ؟
جحظت عيناه فى فزع مع سماعه لصوت ايفى الذى اشبه بصوت فحيح
...... االفاعى
- كيف عرفتى بوجودى هنا ؟
- ليس من الصعب تتبع عجوز مثلك
نطقتها وهى ترمق ذلك التابوت الذى اخذت تتفحصه بعنايه لتكمل وهى
تشير الى التابوت
- يبدو اننى قاطعت صلواتك
غمغم يورشى فى توتر :
- لقد تعودت على ان ازور قبور المحاربين القدماء فأرواحهم تغذينى
وتمنحنى القوه .
حاولت ان تظهر على وجهها انها تصدقه ولكنه كان يعلم ان كذبته رديئة
للغايه ، انتشلته مره اخرى من شروده قائله :
- لقد تم القبض على بعض االشخاص القادمين من " تشيان جان " .
- حسنا وماذا بعد ؟ فكل يوم يتم القبض على بعض المتطفلين والمشردين .
- الغريب فى االمر ان من بينهم امير من عشيرة النور يدعى " نيها " .
ما ان نطقت االسم حتى تجهم وجهه واعتصر االلم قلبه فذلك المسمى نيها هو من قتل فلذة كبده بغابات " شيان جان " ، فها قد أتى بقدميه لكى يأخذ
يورشى بثأره ، مره اخرى انتزعته أيفى من شروده وهى تقول :
- يا هذا الوالده تنتظرك .
هنا اعتصر الخوف عقله فمحدثته قد توشى به عند الوالده التى ومنذ ان اتت
تعامله وكأنه احد كالبها .
***********************************************
أستيقظت األميره الحمراء " إليكترا " لتجد بجوارها رساله مطوية وضعت
بعنايه وإلى جانبها زهره زرقاء ، وفي إستغراب و وجه يملئه النعاس ألتقطت
الرساله لتفتحها فى هدوء وتبدأ فى قراءه ما بها : " إليكترا لقدر رحلت أنا وأحمد إلي هوتان ... أعلم أنك ستغضبين لذلك ... ولكن تأكدي أني فعلت ما فعلت حتي أبقيك بأمان ... فرحلتنا طويله
والطريق قد يكون خطراً ".........
توقف عن القراءه وهي تمسح الدموع التى انسابت على وجهها لتعود للقراءه
مره أخري
" ..... ال تقلقي فإن كتب لي الحياه سأ كون إلي جانبك ...... فى القريب سيلحق بنا جيش العشائر إلي هوتان .... أجعلي من حبك لي نبراساً يضىء
ظلمه الليالى .... فأن لم نلتقي أعلمي أني .... أحبك "....
خفق قلبها فى قوه وراحت تذرف دموعها فرحاً وألماً ، أرتدت مالبسها على عجل و حملت عصاها مغادرة الغرفه فى سرعه إلي الحظيره حيث يوجد فرس " بيتو " لتنطلق عابره بوابات سمرقند فى سرعه خاطفه وسط نظرات
الدهشه من واألستغراب من الجنود والماره .
كان هدفها اللحاق بحبيبها الذي خجل من أن يعترف بحبه لها وجهاً لوجه ... الذي تركها خلفه خوفاً عليها من مصير قد يكون مظلم ، كانت تحث الفرس الذهبي على اإلسراع فوق الرمال الساخنه ودت لو ان كان له جناحان
فتُحلق إلي ذلك العربي الوسيم " حبيبها هاشم "
************************************************************
" ال تترك من تحب وسط دوامات الفراق .... تشبث به حتى تصال إلي بر األمان ... كن بجانبه حتى وإن كان يريد البقاء بعيداً ليحافظ عليك .... كن
إلي جانبه وال تبتعد عنه "
******************************************************************
لماذا أختفي ذلك المُشتعل ؟؟
لم يعد يزين كوابيسه المظلمه .... أين هو ؟؟؟ سيطرت التساؤالت على عقل هاشم الذي كان احد ثالثه حملتهم خيولهم
القويه عبر الصحراء الشاسعه .... " تري كيف هو حال إليكترا اآلن ؟ "
أجاب أحمد عن السؤال الذي دار بعقل هاشم :
- هاشم يبدو ان إليكترا قد أستطاعت اللحاق بنا ..
نظر هاشم إلى الفرس الذي يقترب مسرعاً نحوهم وقد حمل على ظهره أحد الملثمين ، والذي مع أقترابه تبين لهم انها بالفعل " إليكترا " .... كانت
ترتدي مالبس تشبه مالبس الرجال مع لثام مخملي زاد عيناها جماالُ ..
أزالت اليكترا اللثام عن وجهها وهى تنزل غاضبه عن فرسها الذهبى الذى
كان يوما ملك للباسم " بيتو " ، وتقدمت نحو هاشم الذى تملكته الدهشه
بالخجل وحمل وجهه ابتسامه خافته الول مره منذ رحيل رفيقه .
- كنت اعلم انك ستأتين .
- هاشم لن اغفر لك ذلك ..... كيف تتركنى بسمرقند وترحل هكذا .
- كان عليكى البقاء هناك فما هى اال ايام وسيلحق بنا جيش العشائر الى
هوتان .
استعر وجهها الغضب وارتفعت نبرات صوتها :
- لقد فرض علينا البقاء معا .. قاتلنا سويا ... وجابهنا المخاطر سويا ... ولم
يعد لى سواكم انتم عائلتى ... هل تعتقد ان صداقتنا بتلك السهوله لتتركنى
خلفك وتمضى بطريقك وترحل .
وأمتلئت عيناها بالدموع وهى تقول فى حزن :
- ليس لى بهذا العالم سواكم فأما ان اعيش بجانبكم او اذهب كما ذهب "
. " بيتو
جهشت بالبكاء فلم يكن من هاشم سوى انها احتضنها برفق وضمها الى
صدره هامسا :
- ال داعى للبكاء ايتها األوزه .
ابتسمت رغم عنها فلم تكن تتوقع يوما ان تكون يوما بين ذراعيه واالجمل والذى رقص قلبها طرب منه انه يناديها بما كان يلقبها به بيتو ، وعلى مقربة
منه وقف ناصر الدين واحمد ينظران لهما وناصر يتمتم :
- انه يحبها .
رد احمد فى سرعه :
- بل هي من تذوب عشقا فيه .
تبادل االثنان الضحكات ليصيح بعدها ناصر :
- انكمل طريقنا ايها العاشقان ام اننا سنقضى اليوم فى المغازله .
افاق هاشم فى خجل على كلمات ناصر الدين وفأزاح اليكترا برفق وهو
يلتفت أليهم :
- هم ماذا كنا نتحدث ؟؟
ابتسم أحمد بينما اخذ الجميع فى إطالق ضحكات لم تري وجوههم منذ
وقت ، ضحكات ال تتناسب مع من يقدمون على الموت .
*****************************************************************
داخل قاعه زينة ارجائها بتماثيل اباطرة الحروب وقفت الوالده بقناعها
الفضى العاكس لضوء المشاعل ترمق الشابين المعلقين على احد الجداران
وقد احاطت بهم سالسل ضخمه تقيدهم الى الحائط ، كانا فاقدا الوعى ، لحظات من الصمت قطعها صوت خطوات يورشى ومن خلفه ايفى الذين
عبرا باب القاعة فى خطوات واسعه وما ان توقفا خلف الوالده حتى قالت
دون ان تلتفت اليهم :
- اين كنت ؟
تلعثم يورشى وتصبب العرق انهارا على جبينه قبل ان يقول بصوت خافت
يملئه الخوف :
- كنت اطمئن على تحصينات المدينه .
قالها وعيناه تنظر الى ايفى التى كانت تنظر اليه بدورها وتبتسم فقد كانت
تعلم انه كاذب عندما جاء صوت الوالده الهادىء :
- اى تحصينات ؟ لقد سئمت من فشلك............... الم ترى هؤالء
المتسللين ؟؟
حاول فتح فمه ليقول شىء ولكنها كالعاده عاجلته وهى تلتفت نحوه مما
جعله ينتفض مع كلماتها :
- لقد قبض عليهم وهم يتسللون الى القصر .
القت اليه بشىء ما التقطه بسرعه وهى تكمل :
- هذه قالدة عشيرة النور وجدت مع احدهم اتعرف ماذا يعنى هذا ؟؟؟ انهم
يعلمون بوجود المخطوطه واالحجار معنا .
صمتت لحظات وهى تنصت السمع لتؤهات نيوكر الذى بدأ يستعيد وعيه
تأملته بتركيز وهى تقول:
- أريد استجوابهم وأريد ان اعرف ما سبب تواجدهم هنا فى " هوتان "
....... أغلق المدينه بالكامل وأعطى االوامر للجنود لالستعداد .
- أمرك سيدتى .
حولت نظرها الى ايفى قائله :
- استجوبيهم انتى .
ودون ان تنظر ليورشى قالت اما انت فأحضر لى " هاشـــم "
*******************************************
( وما ان وصلتنا رسالة السلطان براق حتى لبينا النداء ......... تركنا خلفنا اطالل القاهرة تجوبها مومياوات " أنوبس " ..... اتعلم ان االسكندرية ما زالت صامده محاصرة من قبل مخلوقات خرجت من باطن االرض أ كلت
االخضر واليابس ... وقد جئنا اليكم رغم قلة عددنا حتى ننهى تلك اللعنات
مررنا بقدومنا بدمشق وبغداد وكال منهم كانت تجوبهم صائدات الموت والله
ما جئنا اال ان ننتصر او نموت ونحن نحاول ) .
كان هاشم ينصت لقصه ناصر الدين التي تحمل بعض التفاؤل واألمل ، اما
أحمد فقد كان كل ما يشغله هو ذلك الخاتم وذلك الصندوق الذي رأهم
بسمرقند " مقتنيات والدته " ، حاول أن يجد حل لذلك اللغز ولكن يبدو أن
إجابه األسئله المتالحقة برأسه كان يقبع في " هوتان " .
لم تكن إليكترا الهائمه بـ " هاشم " تعلم أن ذلك الشاب هو مٌخلص البشريه
فدماؤه هي من تحمل الهالك والموت ، لقد وقعت فى حُبه منذ أن رأته
عيناها حاولت التقرب منه بقدر المستطاع ولكن كان ينهرها دوماً ... أما هو فقد كان يعلم بحبها له ولكنه لم يكن بعقله سوي شىء واحد وهو البحث عن الحقيقه فى رحله فٌرضت عليه ... الكثير من األمور لم تتضح له ... ال يعلم
سوي عن شىء سيتم أستحضاره ليحكم العالم ويذيقه العذاب ، فأن كان هو
المٌخلص كما قيل له من قبل كيف سيحارب تلك المخلوقات التى ال تنتهي ... كيف يوقف أستحضار ذلك الشىء المدعو " ديابلوس " قبل قدومه إلي الحياه مرة أخري ... هناك شىء ما ال يعلمه .. شىء يحمله المجهول إلي قلبه
....
- هاشم أنظر هناك .
انتبه هاشم مع كلمات إليكترا التى كانت تشير إلي شىء وسط الصحراء وما إن وقعت عيناه علي ذلك الشخص الملقي أرضاً حتى وكز فرسه لينطلق في
سرعه ..
ترجل هاشم عن فرسه فى حذر شاهراً سيفه فى الوقت الذي هبط فيه الباشق
إلي جانب ذلك الجثمان الرابض على األرض ... اخذوا يقتربون فى حذر و
عيونهم تتوجس أي تحرك عندما أرتفعت يد ذلك الصريع متأوهاً فى ألم ... لينتفض ناصر الدين الذي أخذ يدقق النظر فى ذلك الشخص الذي يحاول
النهوض ... قائالً في تهالك :
- ال تقتلوني أرجوكم فأنا ......
لم يكمل كلماته التى قالها فى تهدج حتى سقط " زوال " فاقداً الوعي مره
أخري ... ليترك هاشم ورفاقه فى حيره من أمره .....
فمن هو ذلك الصينى وما قصته ...؟؟؟
*************************************************************
" لم يجيبا على شىء .... ولم أتلق منهما سوي التهكم والسخريه "
لم تبالي الوالدة بحديث " أيفي " فقد كانت تعبث بأحجار العناصر األربع
وتعيد ترتيبهم فوق المخطوطه وهي تقول :
- غباؤك هو ما أوصلنا إلي تلك المواجهات ... من الواضح أني أعتمدت
على األغبياء عديمي الجدوى .
أشاحت أيفي بوجهها فى حنق والوالدة تكمل :
- فى البدايه فَر منك هارباً ثم قتل حيواني األليف " سيربيروس " ... وبرغم
كل هذا مازلت أعتمد عليكي ... فلوال وجود التابوت هنا منذ البدايه لكنت
انا من أتيت " بهاشم " إلي هنا .
كان الغضب يملىء كلماتها ... وهي ترفع عينيها لترمق أيفي في صمت لم
يدم طويالً حين أقتربت منها قائله بصوت صارم :
- لن أسمح بالفشل مرة أخري ......
تركت " أيفي " الغرفه وهي تحمل الكثير من المشاعر المضطربه ، فليس هي من تسبب بالفشل لم يكن عليها سوي القبض علي هؤالء الفتيان منذ
خروجهم من " غرناطه " ولكن لم يكن خطأها أن يرسم القدر لهم طريقاً أخر
، تكاتفهم و عزيمه الشباب بداخلهم كانت أقوي من شرها وشر زعيمتها ، "
اللعنه على كل ما هو ملعون " تتذكر ذلك اليوم حينما كانت تبحر مع والدها أمام سواحل " جنوه " وغرقت السفينه بفضل تلك المخلوقه البحريه التى
أخذت تخطف البحاره واحداً تلو األخر ولم يتبقي سواها .... أنقذتها الوالده
لتعدها بخلود دائم أذا ما قبلت خدمتها ، لم تكن تملك أي خيار أخر سوي
القبول ... او الرقود جثه هامده يلتهما أسماك القاع ...
********************************************************
" كان الوقت ليالً حينما تسللنا إلي القصر الملكي بهوتان أجتزنا الحديقه
بصعوبه وسط كثره الحراس ، بٌهتنا عندما رأينا ذلك التنين ذو الرأسين لم نتوقف كثيراً أمامه فقد سبق وأن رأينا العجائب بتلك المدينه الملعونه ، سبقنا األمير نيها عندما رأها .... كانت تمشط شعرها األشقر ... كانت هي كما
وصفها " شين مو " لم يقاوم األمير " نيها " ذلك اإلحساس باإلنتقام ، فبرغم
محاولتى ألمنعه من دخول غرفتها ، أصر ودلف هو ونيوكر إلى الداخل وبقيت أنا ألراقب الطريق ..... ولكن يبدو أنها كانت تعلم بوجودنا فما إن أغلق الباب حتى تعالت صيحات من الداخل وقد رأيت الكثير من الجنود
قادمين عبر الممر الذي أقف به ، حاولت فتح الباب لكن دون جدوي ... لم
يكن أمامي سوي الهروب والبحث عن مساعده ... ولكن هناك إمرأه أخري طاردتنى عبر القصر حتى أستطعت الهروب منها ومن براثن كائناتها الغريبه
........
قاطعه أحمد قائالً :
- هل رأيتها ..
- نعم إنها ترتدي زي يشبه مالبس القراصنه و.....
قاطعه أحمد مره أخري :
- أتحدث عن الوالدة .
- ال كانت تولينا ظهرها حينما رأيناها ... هل ستساعدوني فى إنقاذ صديقي
؟؟؟
" هل تعرف طريق الدخول إلى المدينه ؟؟ "
أراحت كلمات هاشم صدر زوال الذي أبتسم فى فرح وهو يقول :
- نعم سنعبر عبر أنفاق نقل المياه ولكن علينا جميعاً السباحه ....
" أذن األمير نيها وريث عرش القسطنطينيه أسير لدي الوالده التى بحوزتها
أحجار العناصر األربع ومخطوطه الطقوس ..... ستقودنا إلي داخل المدينه "
أنهي هاشم حديثه وهو يقف حامالً صقره وعيناه تنظر إلي عيني زوال الذي
راقت له فكره العوده إلي هناك وإنقاذ صديقاه ... فمع بزوغ الفجر
سينطلقون إلى هوتان .
إلي الموت .
*******************************************************
فى أشد االوقات ظلمه يأتي الفجر حامالً البشائر واألمل .... فأن ظننت أن
الليل قد يستمر بظلمته فقد تكون أنت أول الخاسريين .
خاض هاشم ورفاقه خلف زوال الذي اخذ يسبح فى حذر وسط سيقان البامبو التى اخفتهم عن عيون حراس المدينه ، ما إن أقتربا من الجدار الحجري
حتى همس زوال :
- علينا الغوص األن ... عبر الفتحه أسفل ذلك الجدار ....
غاص زوال ليلحق به البقيه وكان هاشم أخر من غطس تحت المياه بعد نظره
سريعه على الباشق الذي كان يجوب السماء فوقهم ، أخذ الجميع يسبح عبر الفتحه الضيقه والتى بالكاد تحوي أجسادهم أخذ زوال يشق طريقه عبر المياه
باحثاً عن المخرج ... الذي سبق وأن عبره هارباً .
في تلك األثناء وفي حجره " الوالده " أرتفعت سحابه من الدخان تغزو أرجاء
الغرفه التى وقفت فى وسطها حامله مرآه تعكس صورة لمياه ضحله .... راحت تتمتم بكلماتها الغير مفهومه ولم تستجب لها المرآه فماازالت تعكس
صورة المياه الضحله وال شىء سواها ..
ألقتها فى غضب أفزع خادمتها التى أمتقع وجهها فى رعب ... مع صياح
الوالده :
- إنهم هناااااا .
تحركت فى عصبيه عبر الغرفه وهي تقول :
- سأحررك يا ولدي مهما كان الثمن ...... ستعود لتنشر الفوضي والهالك
.... وستبقي ومن أذلوك سيحترقون فى الجحيم .
واخذت همهماتها تعلو شيئا فشيئا ..... وعيناها تزداد لهيباً .....
ما إن عبر هاشم وإلكترا خلف زوال عبر الممر الضيق حتي أهتزت المياه فى عنف واحت أجزاء من الممر تتساقط لتفصلهم عن أحمد وناصر الدين ، أخذ هاشم و زوال يحاوالن إزاله بعض األحجار ولكن لم يفلح األمر كانت رئتاهما
تطلب األكسجين الالزم لبقائهما على قيد الحياه ... عليهم المتابعه فوجودهم
هنا يعنى الموت .
***********************************************
داخل زنزانه رطبة الجدران مظلمه إال من ضوء أحد المشاعل الصغيره معلق بجانب بابها الموصد ، أخذ " نيها " المقيد فى التفكير والبحث عن طريقه
للخروج من ذلك المأزق ، فقد كان يعلم أن تلك القرصانه ستعود بعد قليل
للتلذذ بتعذيبهم بساديتها المتناسقه مع هيئتها وذلك الزي البالي التى ترتديه ،
كان عليه التحرك فى سرعه حينما قرر البدء فى خطته :
- نيوكر .... نيوكر أفق .
فتح نيوكر عيناه وهو يتمتم بألم :
- ماذا ؟ هل جاء موعد العذاب ؟؟
- ال يا صديقي .... لن نموت كالخراف .... أنصت إلي جيداً ........
راح " نيها " يقص فى خفوت خطته للهروب من ذلك الجحيم ..
خطه كانت كفيله بعوده نيوكر إلي كامل وعيه وهو ينصت لنيها .
في تلك اللحظات وداخل أنفاق نقل المياه أسفل القصر كان هاشم يكاد أن
يموت أختناقاً هو ورفيقيه التى جائت إشاره زوال بالصعود لتنقذهم من الموت غرقاً ... أنفع ثالثتهم إلي سطح المياه وشهقاتهم تسبقهم وما أن اخذا
أنفاسهم حتى صاحت إليكترا :
- ماذا حدث ؟؟
في حين قبض هاشم على رقبه زوال الذي صرخ بدوره :
- ال أعلم أقسم لكم ال أعلم ما حدث ..
- أنت تخوننا يا هذا ....
قالها هاشم بصوت صارم و زوال يحاول التملص منه قائالً :
- هاشم صدقني ال أعلم ما حدث ..
قاطعه هاشم فى غضب :
- هل هناك طريق أخر لخروجهم ...؟؟؟
- إنها متاهه من األنفاق قد ينجـ........
أفلته هاشم ليغوص مره أخري تاركاً إليكترا التى راحت تحدق فى زوال الذي
أزاح خالصت شعره المبلل جانباً وهو يقول :
- لم اخونكم أقسم على ذلك .
تحت المياه كان هاشم يحاول إزاحه الحجر الذي أغلق الممر ولكن مره
أخري دون جدوي ... صعد في توتر لتقول له إليكترا :
- هاشم ال تقلق على أحمد وناصر فسيجدان مخرج حتماً
- أتمني ذلك .
قالها وعقله راح يغوص باحثاً عن أحمد ... والقلق والتوتر يعصف بروحه فى
عنف .... فقد كتب عليه أن يفقد كل من يحب .
*******************************************************************
أنتشرت دوريات كثيفه تجوب شوارع هوتان وضواحيها وأغُلقت البوابات مع
فرض حظر التجول ، أما ساحه القصر فقد أحاطها الجنود فى تحفز وعيونهم ترصد وتراقب كل شىء ، اما فى الداخل فقد أختلف األمر حيث تسللت أشعه الشمس عبر الستائر السوداء لتضفي تلك الرهبه على ذلك الشخص
الذي كان يمتطي تنينه ويتقدم نحو البوابه خارجاً منها .... أمام عيون هاشم
و رفيقاه الذان تابعها المشهد من خلف أحد الجدران المالصقه لبرج القلعه
القديمه ....
- هاشم أتري ما أري ؟؟
- نعم يا إليكترا يبدو أننا قد وصلنا إلي مبتغانا ..
قطع" زوال " حديثهما هامساً :
- عذراً ولكن يجب أن نتحرك فدخولنا القصر سيكون أصعب ما فى األمر
...
تحركا فى خفه متوارين عن الجنود ... الذي راحت دورياتهم تجوب محيط
القصر وعيونهم تحمل الموت .
فى تلك االثناء كان أحمد وناصر الدين يقفان داخل أحدى الغرف المظلمة
.... ظلمة القبور...
- أين نحن؟
أجاب ناصر وهو يتحسس الجدار البازلتي الرطب :
- ال أعلم ولكن علينا البحث عن سبيل للخروج...
و..وجد أحد المشاعل المعلقة على الجدار ، أشعاله ليضئ المكان البارد ولتجحظ عيونهم من هول ما رأوه ، كانت قاعة ضخمه مملوءة بمئات التوابيت المتراصة بعناية ...... حمل كل منها نقوش من مختلف
الحضارات ، تجوال بين التوابيت المزينة بوجوه اصحابها واخذ كال منهم
بتفحص تلك القبور الغريبة الشكل ، قطع السكون صوت " ناصر " الخافت :
- أنه كنزاً ال مثيل له .. أنظر لذلك التابوت أنه تابوت اإلسكندر األكبر ...
وهذا تابوت تيمور لنك .... أما هذا فــ
لم يكن أحمد يصغي لما يقوله ناصر ، فقد كان يقف متأمالً تابوت أختلف
عن البقيه ... تابوت أسود رخامي كتب عليه بالآلتينيه التى يعرفها جيداً " سيعود ليمحي وجودكم .... سيعود ليدمي قلوبكم .... سيعود ليتوج على
عروشكم .... أنه ديابلوس بن الشيطان " .
ما جعله يرتجف ليست تلك الكلمات التى نقُشت على التابوت ... بل
الصورة التى رٌسمت بدقه ...
صورة إمرأه يحفظ مالمحها عن ظهر قلب ....
إمرأه لم يتخيل أبداً أن تكون هي ....
" الوالدة "
**********************************************************
فٌتح باب الزنزانة مصدراً صريراً يعلن عن قدوم وجبه من التعذيب التى تتفنن
" أيفي " فى إطعامهم إياها ، دخلت القرصانه الملعونه تتمايل مع تلك اإلبتسامه التى تعلو وجهها ولكنها سٌرعان ما تالشت مع رؤيتها " لنيوكر"
الذي يضحك فى سخريه و " نيها " يرمقها بإبتسامه عريضه ، وقفت أمامهم
والدهشه قد تملكتها :
- أتضحكون ؟؟
" نعم " نطقها األثنان بنفس الوقت مما جعلها تستشيط غضباً قائله :
!! ..... يضحككم الذي ما -
نظرا األثنان إلى سقف الزنزانه وهم يقولون " هذا " مما جلعها ترفع عيناها لتري ما ينظرون إليه ... وما إن وقعت عيناها على ما بسقف الزنزانه حتي
فتحت فمها فى جمود وحاولت أن تأخر قدماها للخلف ولكن سبق السيف
العزل فقد حرك نيها يداه فى سرعه ليحررها من األغالل ... مطلقاً كره ثلجيه إلي أقدام " أيفي " التى ثبتتها تلك الثلوج إلي األرض راحت تدير عينها فى
ذهول وفزع محاوله أن تخرج قدماها من قالب الثلج الذي جمد أوصالها ...
كان نيها فى تلك اللحظات يفك وثاق نيوكر الذي ما إن المست قدماه
األرض تمتم قائالً :
- وداعاً أيتها الملعونه .
مع دوي أخر حروف " نيوكر " ألقي نيها هذه المره كره من اللهب إلى الثلوج المتدليه من السقف ... لتسقُط طاعنه " أيفي " التى خرج من حلقها صرخه
سٌرعان ما خمدت مع الموت المتساقط فوقها ..
انحني " نيها " ليجردها من السالح عندما فوجىء بها تذوب وتتحلل لتصبح مجرد بركه من طحالب البحر المتعفنه ... ألتقط " نيوكر " خنجرها الذهبي
فى سرعه اخذ يتأمله عندما باغته صوت " نيها " :
- فلنرحل عن ذلك القصر الملعون ... ولكن بعد أن نسترد ما سٌلب منا
ونقتل تلك العاهره .
قالها بحزم وقوه .... وقد أصبح هدفه جلياً األن ...
هدف سيحقق ما عجز عنه أسالفه فى عشيره النور ...
القضاء على الوالده .
*********************************************************
" الحسم "
إذا تحدثنا عن الغموض فالبد أن نذكر قصر " هوتان " ذلك القصر المهيب
ذو القبه الخضراء وأبراجه الرفيعه المدببه الرؤوس تحيط به المياه من كل جانب تحفها الشجيرات مختلفه األلوان .. قيل عنه قصر الجَنه ، أختلف
كثيراً داخله عن ظاهره حيث صنعت األرض من الرخام األسود و التى أرتكز
عليها ثمانية تماثيل ضخمه لملوك هوتان القدامي ومؤسسيها يعلوهم ردهه ملكيه ... كانت يوماً مجلس الملكات والجواري ليشاهدون العروض بالبهو الملكي ، لم تتبدل مالمح القصر كثيراً منذ أحتالل المدينه لم يٌضف عليه
سوي تلك الستائر السوداء والتى أغرقت البهو فى ظالم بدد ظلمته المشاعل
المنتشره على الجدران .
دخل " هاشم " و " إليكترا " فى حذر إلي القاعه تقدمهم " زوال " الذي أخذ يخطو متلفتاً شاهراً سيفه ، كان الصمت يطبق فكيه على المكان إال من وقع
أقدامهم ... سرت برودة أرجفت منها قلوبهم مع سماعهم لصوت الضحكات
األنثويه التى راحت الجدران ترددها فى تتابع ، كان " هاشم " و " إليكترا " قد سمعا تلك الضحكه من قبل .... هناك علي ظهر تلك السفينه الملعونه
بالقرب من شواطىء إيطاليا .
لم تدم دهشتهم طويالً فقد أطلت عليهم صاحبه الضحكه من خلف أحد
التماثيل العمالقه ، وبخطوات واثقه راحت تخطو إلي منتصف القاعه بزيها األبيض الفضفاض ونقوشه الذهبيه البراقه وقناع فضي ال يحمل سوي الجمود ، تواجه الجميع فى صمت للحظات بدت كالدهر و كالً منهم
يتفحص األخر وسط توتر " إليكترا " و " زوال " ونظراتهم المتوجسه .....
بادرت بالحديث في صرامه وبصوت حمل قوة :
- كنت أعلم أنك ستأتي ..
لوحت بيدها في زهو وهي تكمل :
- وأخيراً بعد آالف السنين من اإلنتظار أنتصرت ..
" آآلف السنين " نطقتها إليكترا فى دهشه بينما كانت " الوالده " تكمل :
- ها هو حلمي سيتحقق ويعود فلذه كبدي ليذيقكم العذاب .....
كان " هاشم " يقف صامتاً محاوالً معرفه هويتها التى يخفيها ذلك القناع الفضي ، كانت لكنتها غريبه بعض الشىء ، ولكنه أحس انه يعرفها من قبل
... وقد قرر أن يجعلها تفصح عن نفسها فقاطع حديثها قائال بسخريه :
- لستِ سوي مجنونه أوهما السحر و الشيطان أنها تستطيع إباده البشر .... لن
يفلح سحرك هذا ....
صاحت فى غضب عارم :
- لم تري شيئاً بعد من السحر أو الجنون يا هاشم ... ستعرف معني األلم
حينما تخرج روحك ويصبح جسدك وعاءً يستضيف روح أبنى الذي قتل
بأيديكم أيها البشر ..
أدرك هاشم األن حقيقه األمر فأنها ليست من بني البشر .... أنها أم فقدت
أبنها وهي األن تحاول أن تعيده إلي الحياه .... حتى لو اقتضي األمر أن يهلك فى سبيل ذلك كل البشر .... أنها والده ذلك الشىء المدعو " ديابلوس
" .... كانت تريده هو منذ البدايه ....
خطي هاشم بضع خطوات بإتجاهاه وهو يقول فى هدوء :
- ومن قال أني سأسمح لك بهذا ؟؟؟
قالت وبصوت أ كثر صرامه من ذي قبل :
- حتى وإن قاومت فستموت .... ودماؤك وحدها تكفي ....
صفقت بيداها ليدخل عن يمينها ليليتا وعن يسارها ماردين يحمل كل منهما
صندوقاً ذهبيا ليس بالكبير ، أتسعت عينا زوال الذي يعرف ماردين عن ظهر
قلب فقد كبرا سوياً وخاضا دروسهما فى القتال سوياً وعلى الجانب األخر
كانت إليكترا تبادل ليليتا البغض عبر نظراتهما ..
- أظن أنكم لستم بحاجه للتعارف فأنتم تعرفون بعضكم جيداً .
فى تلك اللحظات كان الباشق يعبر عبر احدي النوافذ العلوية للقصر دون أن
يشعر به احد سوي هاشم الذي لمح دخوله إلي القاعه ... فتمتم وهو يوجه
حديثه للوالده التي توسطت ماردين و ليليتا :
- ولكني ال أعرفك .
ضحكت وهي تصوب صولجان ذهبي إليهم قائلة :
- كل شىء له أوان .... وستعرف كل شىء بموعده ..
ومع أخر حروفها أنقض الباشق على الوالده ضارباً بجناحيه الهواء في قوه ...
محاوالً مهاجمه وجهها مما جعلها تتراجع أمام ذلك الصقر الذي أخذ يضرب بمخالبه ومنقاره المعقوف قناعها الفضي ... وسط ذهول الجميع .... وسقط
القناع عن وجهها ...
ليظهر من خلفه أخر شخص توقع هاشم رؤيته األن ...
شخص خفق له قلبه بمجرد رؤيته ...
إنها هي بالفعل ...
" أثينا "
*******************************************************************
***
ركض " نيها" ومن خلفه " نيوكر " عبر اروقة القصر وما ان وصال الى الساحة حتى لمحا رجالن يقاتالن " يورشى " وبعضاً من حراسه الذهبيين ، كان
عليهم المرور عبر الساحه الشاسعه ، لم يعلما من هما هذين الشخصين الذي
راحت سيوفهم تخوض برقاب مقاتلى يورشي ، كان ناصر الدين حامالً سيفان ينضبان بالدماء من كثره أحتضانهم ألعناق الجنود ، وأحمد يقفز بجسده نصف العاري وشعره المبلل ضارباً بحربته تنين يورشي ، لم ينتظرا طويال
فتقدما الى النزال ومساعدهتما في المعركة .
أطلق نيها كراته المتوهجه نحو التنين وراكبه الذى اخذ فى االنقضاض عليه
وسط قفزات نيها المتتالية ..بينما كان نيوكر ينحر االعناق فى سرعة رهيبة ..
لم يتسأل احمد وناصرالدين عن الشابين الذين جائوا لمساعدتهم ...
التقط " ناصرالدين " احدى الرماح بعدما فرغ من قتل جنود " يورشى "وألقى
به باتجاه تنين ذلك االخير الذى وما ان غُرس الرمح بصدره حتى اطلق فحيح قوى اعقبه بنيران قوية كادت ان تحرق " نيها " الذى استقلى أرضا ليجد " أحمد " ماداً يده لمساعدته على النهوض.. لم يسقط التنين ولكنه
استدارمواجها " ناصرالدين " واخذ يتقدم نحوه مكشرا عن انيابه مطلقاً
فحيح قاتل ...... وهبط عليه احمد بفاسه قاطعا احد رأسيه قبل أن تقضم تلك الرأس قدم " ناصر الدين " .. مما جعله يتلوى وينتفض قبل ان يهوى
عليه " نيها " هو األخر بضربه أخرى قاطعا الرأس المتبقية ومع تراجع التنين
وانتفاض جسده فى عنف سقط " يورشى " أرضاً.
قفز " يورشي " العجوز في سرعه ال تتناسب مع سنه المتقدم ليقف مره أخري متوهجاً بهالة من الضوء األحمر ، اخذ يتمتم بصوت مرتفع وهو يحرك ذراعيه ........ لم ينتظر نيها أن يري نتيجه ما قد يصنعه يورشي .... فقز فى الهواء
محاوالً ركله ولكن العجوز تصدي لها بكل سهوله ..... ليطلق بعدها احدي
كرات اللهب بإتجاه " نيها " الملقي أرضاً ... ولكنها لم تصل إليه فقد تحرك أحمد حامالً درعه ليتصدي لتلك الكره المشتعله وينقذ " نيها " من موت
محقق مما أثار غضب " يورشي " والذي صاح بكل قوته قائالً :
- لن تستطيعون هزمي ...... فأنا خالد ....
لم تكتمل باقي حروف كلماته .... فقد فاجأته ضربه من أحمد لتلقي به أرضاً تحت أقدام نيوكر ، قتح عيناه فى ألم ليجد نيوكر واقفا عند رأسه مبتسما
قائالً باللغه التُخاريه والتى يحفظها يورشى عن ظهر قلب :
- " ارسل تحياتى إلي أهل الجحيم ايها المشعوذ " ...
وغرس بكل قوة خنجر (ايفى) الذهبى بمنتصف راسى يورشى الذى صرخ بقوة وجسده ينتفض لتضرم فى جسدة النيران فجاه ... ومع دهشه الجميع دخل الى ساحة القصر عشرات من الجنود ذوات الدروع الذهبيه الالمعه
شاهرين أسلحتهم بوجوه األربعه .... ليقول ناصر الدين بحزم :
- احمد ادخل إلي القصر أبحث عن هاشم وإليكترا ....
- لن اتركك يا ناصر .
فى ذلك الوقت كان نيوكر يقول :
- استمع الى يا " نيها " انقذ العالم من تلك المرأه المجنونه وال تسمح بعودة
ذلك الشئ .
احتضن " نيها " صديقه سريعا هرع بعدها الى القصر ومن خلفه احمد
تاركين ورائهم ناصر الدين ونيكور فى مواجهه جنود الموت .
******************************************************************* عقله كاد يديها علي تربي من هي نعم .... " أثينا " بوجه ذاهال هاشم حدق
أن يضمُر من محاوله تصديق ما يراه نعم كانت هي تقف والغضب يطل من
عيناها لما فعله صقر هاشم الذى راح يحرك جناحيه بفضاء القاعة ....
حاولت " اليكترا " فهم ما يحدث قائلة:
- هاشم مابك اتعرفها ؟!
لم يجبها وقد استحوذ عليه الذهول والدهشة مما جعلها توكزه قائله:
- هاشم ؟!
- انها والدتى.
وكأن صواعق الدنيا هبطت فوق رأسها مع سماعها كلماته الشاحبه ، جحظت
عيناها من فرط المفاجأه وهي تتمتم :
!!؟ ماذا -
اعتدلت " اثينا " وقد تحول صوتها الى ذلك الصوت الهادئ الناعم :
- هاشم صغيرى.. اشتقت اليك.
و وسط دهشه الجميع صاح " زوال " بصوت مرتفع:
- ما الذى يحدث؟!
رمقته اثينا بعينين ملتهبان وهى تقول:
- هاشم هذه انا أمك.
كان عقل هاشم كمن طعن بأآلف الطعنات ويحاول جاهدا البقاء حيا ، اليصدق مايراه واليكذبة ، سبح فى بحورالعدم و صوتها فقط من يشق ذلك الضباب الذي راح يغزو عقله ... ورأه مره أخرى لقد مر وقت طويل منذ أن
زاره باحالمه . .انه ذلك المشتعل ولكن مهال انه ال يحلم انه مستيقظ ....
" التستمع اليها انها ليست ما عليه انها ليست واللدتك.. بل والدته "
- لماذا لم تقل لى هذا من قبل ؟؟
- لقد تحررت ايها األمير بفضل ولدي " نيها " ...... واألن عليك قتلها.
.... انتظر -
" اقتلها وارسلها الي واليدها بالجحيم "
- هاشم افق..
انتشله صوت إليكترا من ثباته لينظر فى الوجوه فى وجوم قبل أن يبدأ حديثه
الموجه الي " اثينا " :
- ياهذه انتى لست امى ... ولست صغيرك ...
تبدلت مالمح اثينا مرة اخرى ، حيث أخذ الشر يفيض من عيناها شر ليس له
حدود ، و أستعادت ذلك الصوت القاتل :
- نعم لست كذلك ولكن...
قاطعها هاشم بحده :
- لقد خدعتى الجميع منذ البدايه ... قتلتى والداى وألفقى التهمة
بجواسيس القشتاليين ، كنتى تُعدينى طوال الوقت ال كون كما قلتى وعاء
ألحتواء الملعون إبنك ، و قبل ذلك بكثير سيطرتى على من يخدموك مع
الوعد بالخلود من اجل ان يحصلوا على أحجارك...أما أنتي فتفرغتي للبحث عن ذلك المٌخلص والذي كما تعلمين ان دمائه هى الحل الوحيد لعودة ذلك
الملعون ،وبعد سنين من أعدادك لي وألكون الجسد المضيف لروح "
ديابلوس " ، أرسلتينى فى رحلة إلي المجهول بالبحر لتقبض علينا قرصانتك
والتى فشلت فى ذلك ، كانت ستحملنا اليك .. ولكن جائت الرياح بما التشتهى قرصانتك مرة أخرى أستطعنا الهروب منها وقتلنا كائنك ذو الثالثة
رؤوس ... وكتب لنا القدر النجاه وهذا ما كان يؤرقك طوال الوقت ...
وعندما وَجدت خطتك طريقها للفشل ولتحثينا على المضي قدماً والمجئ
الى هنا ، تركتى بعض أمتعتك بسمرقند لنعثُر عليها وتزيد من حيرتنا
وتساؤالتنا.... خطة رائعة ولكن مشكلتك انك قمتي بتدريبنا أكثر من الالزم .
كانت " أثينا " تتلقى حديث هاشم بنهم فقد كان يشرح االمور كما أستنتجها
و قد صدق فى كل ما يقول ....... ومع بغضها له والذي بدا مالحظ على
وجهها أخذت تصفق بيدها لتقول بعد ذلك الفاصل من التحيه لذكاء " هاشم
" وقد تحول صوتها :
- عظيم أيها البشري ... ولكن أنتم من قتلتم بعضكم البعض بحث ملوككم
عن الكمال والمجد ... الشر جزء منكم ، أنتم من يخيط المشانق ويسن
المقاصل .... طمعكم وشهواتكم هما من أوصلكم إلي هذا ، وإذا خرج
عليكم حكيم ينصحكم ويوجهكم قلتم مجنون ونبذتوه ، أردتم العيش للعيش وال تلجئون إلي إلهكم سوي حين تمسكم الضراء ، حتى وأن كان
ليس لنا وجود بتلك الحياه لكنتم خلقتمونا لتبرروا أخطائكم .... لسنا
بحاجه للسيطره عليكم فملوككم يبحثون عن الخلود وعروش زائله ..... أنتم
فانون ال تستحقون الحياه .....
- كفي ثرثره يا هذه .... حتى هذه اللحظه ال أصدق ان من ربتنى صغيراً هي
من تريد أراقه دمي .. ترى ما الذي منعك من سفك دمائي حينما كنتِ أماً لي
؟؟؟ اااه نسيت انك لم تكوني قد حصلتى على أحجارك ومخطوطتك .
أمتقع وجهها وعقدت حاجبيها وهي تقاطعه :
- لو أعلم كل ما يحدث األن ..... لكنت وأدتٌك صغيراً .
- انه القدر أيتها الشيطانه .
- إي قدر ؟؟ ال تحدثني عن اإليمان أيها الفتي .... لقد تخلي عنكم منذ
زمن وأصبحنا نحن من يحركَكم .
ضحك هاشم فى تهكم وهو يمد يده ليهبط عليها صقره مصدراً عقيقه الذي
بعث التوتر فى المكان .... لحظات من السكون سادت الموقف قبل أن
يقول هاشم :
- يبدو أن قدراتك فى التحكم لم تشمل هذا الطائر ... أرأيتى ما فعله بك
؟؟؟
كانت ترمقه بمقت غاضب وهو يتحرك حامالً صقره ومازال يكمل :
- أنتم ال تحركون شىء ..... وال تقدرون على فعل شىء .... أنتم .....
قاطعته فى حده :
- أعلم ما ستقوله وما سيؤل إليه األمر فتحدث و تباهي بذكائك كما تشاء
فبعد قليل ستكون رأسك بين يدي .
توقف هاشم مولياً ظهره لها وعيناه تنظر بعيون رفيقاه :
- سأحدث بأمرين أيتها الشيطانه .... األمر األول أنك ال تعلمين الغيب ،
والثاني أنك لن تحصلى على مبتغاك ....
ومع نطقه ألخر حرف تحرك " زوال " و " إليكترا " في سرعه مباغته للهجوم
على " ماردين " و " ليليتا " الذين فاجئهما الموقف ..
******************************************************
عبر " نيها " و " أحمد " إلي الشرفه الملكيه المطله على القاعه حيث كان هاشم ورفاقه فى نزال دموي ، راقب أحمد المشهد فى وجوم وشرود لم ينتبه لكلمات " نيها " الذي كان يخاطبه ...... كان عقله يحاول النجاه من الغرق
وسط امواج متالطمه أخذت تلقي به إلي صخور األلم والمعاناه ، فهو يري
أمامه والدته وهاشم يحاول قتلها فى استماته ، سأله عقله " ماذا يحدث أهي
من يتحدثون عنها ...؟؟؟ "
قطع تساؤالته صوت " نيها " الذي وكزه وهو يقول :
- ماذا سنفعل األن ؟؟
كان يرتكز على سور الشرفه حينما جائته إجابه " أحمد " الغير متوقعه ، إجابه
جائت فى شكل ضربه قويه على مؤخره عنقه .... ليسقط فاقداً الوعي ، تحرك احمد فى هدوء عبر الدرج بنظرات خاويه و وجه شاحب ، أخذ يخطو داخل القاعه بهدوءه المريب الذي ال يتماشى مع الوضع ، حيث كانت "
إليكترا " منهمكه في قتال شرس مع " ليليتا " التى كانت تقاتل ببساله ، وعلى
الجانب األخر كان " زوال " يذيق " ماردين " األلم فى شكل ضربات سريعه متالحقه بيداه وقدماه ، أما " هاشم " فقد كانت " أثينا " تفوقه قوه وصالبه بشكل ال يتناسب مع كونها إمرأه تجاوز عمرها الخمسون كانت عيناها موقده
بلهيب مستعر يكاد يحرق " هاشم " بفضل غضبها .
لن يثنيها شىء عن تحقيق حلمها الذي أنتظرت تحقيقه منذ مئات السنين ، انتقلت من جسد إلي جسد عبر األزمنه ، أزاحت كل من وقف بطريقها و سيطرت على عقول الكثير من الملوك ، حتى وجدت ضالتها فى ذلك
المولود االندلسي .... من تحدثت عنه النبوءة .... صاحب الدماء النقيه ....
لكم تلعن روحها ألنها تركته يكبر امام ناظريها ، كان عليها إختطافه صغيراً والهروب به من غرناطه ، ولكنها فضلت البقاء حتى تكتمل االحجار إلي جانب المخطوطه ، قامت بتربيته هو وذلك الطفل المتبني والذي لم يعرف
سوي أنه والدته وأن " أبا الحجاج " والده ...... والذي يقف اآلن على
مقربة منهم يشاهد القتال الدام .
والذي ما إن رأه " هاشم " حتى تهللت أساريره التى سُرعان من خمدت مره
اخري عندما وجده ال يحرك ساكناً ، مما جعل " إليكترا " تفقد تركيزها فى
القتال لتهوي عليها قبضه " ليليتا " التى أسقطتها أرضاً ، صرخ هاشم وهو
يشاهد إليكترا تسقط أمامه :
- احمد أنقذ إليكترا ..... ماذا بك ؟؟؟
لم يجيبه أحمد وهو يتقدم بخطوات ثابته نحوه ، وما إن أقترب من هاشم الذي تراجع بعض خطوات عن " أثينا " حتي أعطي " هاشم "ما قد سبق
وأعطاه إلى " نيها " ..... تهاوى هاشم بفضل ضربه أحمد المباغته والتى
جعلت عينا " أثينا " تبرق و يحتل وجهها إبتسامه هادئه تعبر عن الرضا مما
فعله " احمد " .
كان ما فعله أحمد مفاجىء للجميع حتى لماردين الذي كان يغرس نصله فى صدر " زوال " والذي كان قد توقف عن القتال فى اللحظه التى سقط فيها
هاشم ليرقد إلي جانب أصدقائه صريعاً وسط بركه من الدماء .
*******************************************************************
**********
أحضتنت " أثينا " جسد " أحمد " الذي لم يتحرك ولم يبد أي مالمح او شعور يظهر السعاده ، فقط الجمود هو من كان يحتل قسمات وجهه ، أبعدته
عنها فى رفق وهي تحيط وجهه بكفيها لتنظر فى عيناه الباردتان ، وبصوتها
الهادىء الناعم األقرب إلى الهمس قالت :
- أحمد ولدي .... أرأيت ما كان هاشم يريد صنعه لـ.....
بترت حديثها مع نظرته الخاويه التي تسري القشعريره بالبدن ... جمعت
شتات أفكارها مره أخري وهي تقول :
- ذلك الشىء سيطر على هاشم وعلينا اإلسراء بإنهاء تلك اللعنه التى تحتل
جسده ، والقضاء على ذلك الشىء .
كانت " ليليتا " تنظر بدهشه لوجه الوالده والذي حمل هدوء قاتل " كيف لدي تلك المرأه القدره على التحول من الغضب إلي الهدوء .... هناك شىء
بداخلها ليست من بني البشر ...... " ، جاء صوت " أثينا " الصارم ليوقظها
من أفكارها المتضاربه حينما قالت :
- هيا أحملوهم وأتبعوني .
فى جمود تبع أحمد والدته بينما لحق بهما " ماردين " الذي حمل جسد هاشم فى تململ واضح وهو ينظر إلي " ليليتا " التى أخذت تسحب إليكترا
من أقدامها نحو الدرج المؤدي إلي أسفل القصر .
" لقد أنتصرت .... وستعود يا وليدي إلي الحياه ".....
*******************************************************************
*****
تحسس " نيها " عنقه فى ألم وهو يحاول النهوض دقيقه أخري مرت عليه وهو
يستوعب ما حدث لينطق لسانه " ذلك الخائن " عندما تذكر ما فعله به ذلك
الشاب العربي ، أستند إلي سور الشرفه حامالً رمحه ، أخذ يدقق النظر بالقاعه
الخاليه إال من جسد ملقي وسط بركه من الدماء وما إن تبين صاحب الجسد
الصريع حتى قفز من أعلى السور فى سرعه وخفه من تلك المسافه المرتفعه ،
ما إن المست قدماه األرض حتى تكور على نفسه وراح يتدحرج ممتصاً
صدمة الهبوط ، توقف لحظات أمام الجسد المدمي والملقي على وجهه ، كان يصارع نفسه بأال يكون هو صديقه ورفيق عمره ... أرتكز على أحدي قدميه وهو يعدل من وضع القتيل .... الذي ما إن رأي وجهه حتى أختجلت
قسمات وجهه واضطرب قلبه برغم انه كان يعرف مسبقاً من هو .
" زوال " رفيق دربه طوال رحالتهم على طريق تجاره الحرير ذلك الطريق الذي ال يتناسب أسمه مع وعورة األراضي التى يمر بها ، طريق لم يسكنه
سوي األلم والظالم ، طريق قتل فيه معلمه و رفاقه ، انه طريق الحرير .
أغلق عيني رفيقه الهائمتان فلم يكن هناك وقت للتباكي برغم الحزن الذي
أعتصر قلبه أرقده أرضاً وهو ينزع تلك القالده عن رقبته ، قالده تشبه كثيراً قالدته والتى تحمل شعار عشيره النور ولكنها تحمل أيضاً أسم ...... " سوجي " درة قلب والدها والتى تنتظر عودة أب غاب عنها لفتره قد تطول
كثيراً .
حمل " نيها " رمحه وأخذ يتتبع خيط الدماء الذي يمتد عبر األرضيه الرخاميه
.....
ذلك الخيط الذي يقوده إلي المجهول .....
إلي الموت المحتوم .
*****************************************************************
داخل تلك القاعه المكدسه بالتوابيت والتى زارها " أحمد " قبل قليل والتى
أختلفت قليالً مع ضوء القناديل التى أضائت المكان ، وقفت " أثينا " تتابع " ماردين " الذي أخذ يوثق " هاشم " الفاقد الوعي إلي طاولة حجريه تتوسط الغرفه ، بينما أهتمت " ليليتا " بتقييد إليكترا التى كانت تتأوه فى إشاره
واضحه انها بدأت فى إستعاده وعيها عندما قالت " أثينا " أمره :
- ماردين أسرع وأفتح التابوت .
كانت تفتح احد الصندوقين لتخرج منه مخطوطه الطقوس لتقوم بوضعها بين قدمي " هاشم " ، فتحت الصندوق األخر لتأخذ األحجار األربع وتقوم
بوضعهم على المخطوطه كالً فى مكانه عندما الحظت أن ماردين مازال
يحاول فتح غطاء التابوت لتصيح فيه :
- هيا أسرع أيها األحمق .
لم يكن يتخيل يوماً أن يعامل هكذا وهو األمير ماردين بن اإلمبراطور روبن حاكم القسطنطينيه .... كان يحدث نفسه ويقسم أنه سيقتلها بعد مباشره
الطقوس ، أما هي فقد سيطر عليها التوتر والعصبيه في على بُعد قيد أنملة من
تحقيق هدفها وحلمها بعودة فلذه كبدها للحياه مره أخري .....
وفتح التابوت ليصرخ " ماردين " فى فزع و قد تملكه الرعب مما راه داخل التابوت ، تحول نظر ليليتا إليه فى استغراب ودهشه وهي تري وجهه الشاحب
وقد سيطر عليه الفزع ....
- أحمد لماذا فعلت هذا ؟؟
لم يجب أحمد وهو يرمق إليكترا التى كانت تحدثه بنظرات خاويه جامده ، راحت تجهش بالبكاء مع بدء تالوة الطقوس التى راحت " أثينا " ترددها فى
أرتياح .
*******************************************************************
***********
" دائماً هناك لحظه فارقه ..... هناك من يرسله القدر بالوقت المناسب "
هذا ما حدث عندما شق رمح " نيها " الهواء بإتجاه الوالده والتى تفادت بشىء من الخيال ذلك الرمح ليتجاوزها مسقطاً أحد قناديل الزيت ولتبدء
القاعه فى اإلشتعال ، وبرغم ذلك لم تتوقف " أثينا " لحظه عن تالوة طقوسها
مع أرتفاع صوتها أكثر فأ كثر .....
قفز ماردين متجاوزاً أحد التوابيت ليقف أمام " نيها " الذي قال بتهكم :
- هل قاطعت حفلتكم ؟؟
أثار تهكمه الواضح غضب غريمه الحاقد والذي بدء هجومه قائالً :
- أخيراً ألتقينا .... فلنٌسرع في إرسالك إلي الجحيم .
وتعانقت السيوف لتبدأ معركه تفيض بالكراهيه والغضب و اإلنتقام ، في
ذلك الوقت كانت " ليليتا " تحاول إخماد النيران التى راحت تنتشر فى سرعه حتى وصلت إلي " إليكترا " التى أحرقت ذلك الحبل الذي كان يوثق يداها و
لتقفز بعد ذلك مسقطه " ليليتا " أرضاً مع صوت أثينا الذي أخذ في األرتفاع
...... كثر أ
..... انهض .... خدعوك من بحق .... أنهض .... أباك بحق .... أنهض "
يا من كنت لعنه عليهم "....
مع كلماتها أخذ التابوت فى األهتزاز وبدأت تخرج منه ألسنه من النيران التى
أختلفت عن مثيلتها فقد كانت ذات لهيب أمتزج فيه اللون األسود واألزرق
...... كان " نيها " يحاول أن ينهي معركته حتى يوقف تلك الشيطانه عن تالوة تلك الطقوس ..... فضرب " ماردين " بركله قويه أفقدت هذا األخير توازنه ليتركه بعدها قافزاً بإتجاه الوالده التى كانت تحمل خنجر ذهبي لتهوي
به على قلب " هاشم " ..... أمام نظر إليكترا التى كانت تحاول التملص من
قبضة ملكه اللصوص .
*******************************************************************
*
كان المشهد فى تلك القاعه كالتالي :
" أثينا " تهوي بخنجرها نحو قلب " هاشم " الذي كان يستعيد وعيه .
" إليكترا " كانت تشهق فى قوة وهي تري خنجر " أثينا " الذي سيخترق قلب
هاشم فى اقل من لحظات . " ليليتا " تحاول أال تفلت إليكترا المقاومه من قبضتها وقد حملت عيناها
زهوه النصر وهي تري ما تفعله " أثينا ."
" ماردين " ملقي أرضاً يحاول النهوض فى صعوبه .
" نيها " كان يقفز عابراً أحد التوابيت بإتجاه " أثينا " محاوالً التصدي لها .
.................... " أحمد "
فى اللحظه التى كاد ان يلمس طرف الخنجر صدر " هاشم " إرتطم جسد " أحمد " بـالوالده ليسقطا أرضاً وسط النيران المشتعله .... واخيراً تملصت
إليكترا من قبضه " ليليتا " التى كانت تحدق فى النيران بذهول كمن سُلب
عقله ، أ كالت لها إليكترا سيل من اللكمات لتقف بعد ذلك وتتوجه نحو الطاولة التى يرقد عليها جثمان " هاشم " ، فكت إليكترا وثاق هاشم لتحضنه وسط فرحتها بنجاته ، ولكن فرحتها لم تكتمل مع رؤيتها لتلك المرأه التى
خرجت من وسط النيران وقد تبدلت معالمها .
كانت " أثينا " تخرج من النيران وقد زادت طوالً وقد ظهر من خلفها جناحان
عظيمان مع تلك القرون التى خرجت من رأسها وعيناها التى تحولت إلي جمرتين من النيران ، وأمام ذهول إليكترا بدأت تتقدم نحوهم و ما إن رأها "
هاشم " حتى قال فى تهالك :
- أهربي أنتِ .
..... هنا أتركك لن -
كانت تحاول أن تجعله يستند إلي كتفها عندما فاجئها " ماردين " ممسكاً بها فى قوة ولكن سرعان ما أفلتها بفعل تلك الكره الناريه التى أطلقها " نيها " نحوه والتى ما إن المست جسده حتى أشتعل وأخذ فى الصراخ فى هيستيريه
محاوالً الهرب ولكن " نيها " عاجله بركله أفقدته توازنه ليرتطم بحافه التابوت
ويسقط داخله مطلقاً صرخه ألم سٌرعان ما خمدت بفضل ذلك الدخان
العجيب الذي يخرج من التابوت ....
لم يكن أمام ليليتا سوي الهرب بإتجاه الوالده التى كانت قد تحولت لمسخ
مرعب بأجنحتها الحمراء وقرونها الكبيره ، ما إن وصلت ليليتا أمامها حتى
أمسكت بها تلك الشيطانه ورفعتها امام وجهها وسط صرخات " ليليتا " الفزعه فتحت الوالده فمها لتسحب روح ليليتا التى سقطت أرضاً وقد أهترىء
جلدها حتى ظهرت العظام امام نظر " هاشم " ورفيقاه ....
*************************************************************
أخذ ذلك الشىء فى األقتراب من " هاشم " و " إليكترا " بينما كان يقف " نيها " على مقربه منهم يفصله عنهم بضع توابيت ، كانت النيران قد بدأت
تخمد عندما دفع " هاشم " بكل قوته " إليكترا " عبر النيران لتصل بالقرب من
" نيها " مع ذهول ذلك األخير .....
- أذهبا ..... ويا هذا أحمها .
كان " هاشم " يوجه كلماته إلى " نيها " الذي علم ما يدور بخلد " هاشم " الذى ألتفت مواجههاً ذلك الشىء دون أن يبالى بصرخات " إليكترا " الذي كان يحاول " نيها " إخراجها من تلك القاعه ، أنحني هاشم ليحمل سيف "
ماردين " وهو يقول فى سخريه :
- لم يتبق سوي أنا وأنت .... أيتها العاهره .
أطلقت هي فحيح قوي وهي تركض بكل قوتها بإتجاه هاشم الذي أحس بلهيبها الذي لفح جسده ونصله يغرس بقلبها الذي تزامن مع تمايل األرض واهتزازها وسقوط األحجار من سقف القاعه الذي أخذ ينهار ..... سقطا
سوياً حاول " هاشم " النهوض ولكن شىء ما كان يجثم فوقه شىء أعاق
حركته ...... مع تهاوي األحجار ظهر مره أخري ....
" أحمد " خرج من وسط النيران سليماً معافي كمن لم يلقي فى الجحيم منذ
قليل ..... وامام عيني هاشم المتثاقله والتى تحاول ان تبقي يقظه وسط دوامه فقدان
الوعي التى راحت تحيط به ... كان يري اخيه يتقدم .... ليحمل جسد
الوالده التى كانت تطلق خوار يشبه خوار ثور ذبيح ....
حملها برغم ضخامه حجمها ..... وألقي بها فى التابوت الذي أنفجر ...
ليتبعه البقيه الواحد تلو األخر .....
ليظلم بعدها كل شىء ........
******************************************************************
" أحمد أهذا أنت ؟؟؟ " أقترب هاشم منه فى حذر .... وقبل أن تصل يده إلى كتف ذلك الشخص
.... إليه ألتفت .....
نعم أنه أحمد ولكنه أختلف كثيراً ........ وبصوت هادر قال :
" ستعاني يا هاشم "
- من أنت ؟؟؟
" أنا من جئت أنت لتمنع خروجه ....... " دوي صوت كهزيم الرعد يصم األذان ليختفى بعده أحمد مع سطوع ذلك
الضوء الذي أغشي عين هاشم .
فتح " هاشم " عيناه متأمالً ذلك السقف المزين ببعض اآليات القرأنيه إلي
جانب مزيج من الزخارف الزاهيه األلوان أدار وجهه لتصطدم عيناه " بناصر
الدين " الذي كان يقف بالقرب منه مرتدياً درع ذهبي لم يري " هاشم " له
مثيل من قبل وإبتسامه عريضه زينت وجهه .
- حمداً لله على أسترداد عافيتك وسالمتك أيها القائد .
تمتم " هاشم " وهو يعتدل فى فراشه :
- ماذا حدث ؟؟؟ وأين أنا ؟؟
أقترب " ناصر الدين " قائالً :
- " بعد مقتل ذلك الساحر " يورشي " حاصرنا بعض قواته وأثناء قتالنا معهم
أخذت األرض فى األهتزاز وزُلزت تحت أقدامنا وسرعان ما تهاوت لنجد انفسنا وسط مكان مكتظ بالحطام والحجاره وبعض النيران المشتعله فى
أرجاء المكان ، كان المكان أشبه بالدرك األسفل من الجحيم لم نجد سواك
وقد غطتك الحجاره ..... حملناك وخرجنا وما لبثنا ان وجدنا أن المدينه قد
تحررت من قبضه الشر وانتهي كل شىء ."
أعتصر " هاشم " عقله محاوالً تذكر ما حدث وذلك الصوت مازال يدوي
فى رأسه "... أنا من جئت لتمنع خروجه " .... تري هل كان حلماً أم انه
سمع هذا قبل أن يفقد الوعي داخل ذلك القبو ؟؟؟
لماذا حمل ذلك الشخص وجه أحمد الذي كان شاحباً وقد توهجت عيناه
باللون األحمر ؟؟ " أنا من جئت لتمنع خروجــ".........
- أخيراً أميري أسترد وعيه .
أنتشلته كلمات " إليكترا " الناعمه ليحول وجهه نحوها ، كانت خالبه بذلك
الثوب الهوتانى المزركش بدت كأميرات األساطير أقتربت لتلثم قُبله على
رأسه أمام " ناصر الدين " الذي أبتسم فى خجل وهي تقول :
- كيف حالك األن ؟؟
- هل وجدتم " أحمد " ؟؟؟
أجاب " ناصر " فى سرعه :
- لم نعثر له على أي أثر وسط الحطام .
ألتفتت إليكترا إلى هاشم الذي كان يحاول النهوض وهي تقول :
- لألسف لم نعثر على " أحمد " لقد ضحي بحياته من أجلنا جميعاً ومن
أجل البشريه ....
خطي هاشم بضع خطوات وهو يتمتم :
- أحمد و بيتو سيظل التاريخ شاهداً على تضحياتهم .... لماذا يٌكتب على
النجاه بفضل أصدقائي ؟؟
- هاشم أنها سنن الحياه ....
انهت " إليكترا " كلماتها وهي تضع يدها على كتف " هاشم " الشارد ، قطع
لحظات الصمت صوت " ناصر الدين " :
- و األن عليك أن تري ما بالخارج أيها القائد .
عقد " هاشم " حاجبيه وهو ينظر إلي " إليكترا " والتى أومئت برأسها في
إشاره " أن أمضي فى طريقك ....." تقدم " ناصر الدين " إلى الباب الخشبي
ليفتحه فى بطىء ، ما إن انفرج الباب حتى ظهر خلفه " نيها " و " نيوكر " يحمل كل منهما إبتسامه لم يفهم " هاشم " سببها ، بينما أرتدي األثنان
درعين ذهبيان شبيهان بما يرتديه " ناصر " تقدم هاشم وسط دهشته إلى
الشرفه بينما أفسحا له الطريق فى تبجيل ... وما إن وصل هاشم لحافه الشرفه
حتي برقت عيناه وهو يري ذلك الجيش الجرار ذو الرايات الذهبيه والتى
راحت تخفق فى قوه ....
وعلى صوت الجموع : " فليحيا الملك هاشم األول "
وفى السماء كان يحلق الباشق مطلقاً عقيقه المميز ..
معلناً بذلك بدء حقبه جديده ....
تمت بحمد الله وفضله
******************************************************
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء