ظلت العربية تكتب غير منقوطة حتى منتصف
القرن الأول الهجري، كما ظلت تكتب غير مشكولة بالحركات والسكنات؛ فحين دخل
أهل الأمصار في الإسلام واختلط العرب بهم، ظهر اللحن والخطأ في النطق على
الألسنة، وخاف السلف على القرآن الكريم أن يتطرق إليه ذلك اللحن.
ثم توصل أبو الأسود الدؤلي إلى طريقة لضبط
كلمات المصحف، فوضع بلون مخالف نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة،
ونُقْطة تحته للدَّلالة على الكسرة، ونُقْطةً عن شِماله للدَّلالة على
الضَّمَّة، ونقطتين فوقه أو تحته أو عن شِماله للدَّلالة على التَّنوين،
وتَرَكَ الحرف السَّاكن خاليًا من النَّقْط، إلا أن هذا الضبط لم يكن
يُستعمل إلا في المصحف.
وفي القرن الثاني الهجري وضع الخليل بن
أحمد طريقة أخرى، بأن جعل للفتحة ألفا صغيرة مائلة فوق الحرف، وللكسرة ياء
صغيرة تحته، وللضمَّة واوًا صغيرة فوقه، وكان يُكرِّر الحرف الصغير في حالة
التنوين، ثم تطوَّرت هذه الطريقة إلى ما هو شائع اليوم.
أما بالنسبة لتنقيط الحروف أي وضع النقط
فوقها كما هو الحال في حروف كالثاء والتاء والشين والغين وغيرها؛ فقد تم في
زمن عبد الملك بن مروان، وقام به نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر
العدواني، كما قاما بترتيب الحروف هجائيا حسب ما هو شائع اليوم، وتركا
الترتيب الأبجدي القديم (أبجد هوز).
ثم خطت اللغة العربية خطواتها الأولى نحو
العالمية في الثلث الأخير من القرن الأول الهجري؛ وذلك حين أخذت تنتقل مع
الإسلام إلى المناطق المحيطة بالجزيرة العربية. وفي تلك الأمصار أصبحت
اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة، وأصبح استخدامها دليلا على الرقي
والمكانة الاجتماعية.
وقبيل نهاية العصر الأُموي، بدأت اللغة
العربية تدخل مجال التأليف العلمي بعد أن كان تراثها مقصورًا على شِعْر
وأمثال يجري على ألسنة الرُّواة.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء